ترامب يستطيع إرغام المكسيك على تسديد كلفة الجدار الحدودي

نشر في 20-01-2017
آخر تحديث 20-01-2017 | 00:09
 واشنطن بوست أخبر الرئيس المكسيكي إنريكه بينيا نييتو حشداً من كبار الدبلوماسيين قبل بضعة أيام أن "المكسيك لن تدفع بالتأكيد" كلفة جدار ترامب، أما سلفه الرئيس السابق فيسينتي فوكس فعبّر عن هذه الفكرة بصراحة أكبر قبل أيام حين غرّد: "ترامب، متى ستفهم أنني لن أدفع كلفة ذلك الجدار؟".

لكنهما كليهما مخطئان، يستطيع ترامب بالتأكيد أن يُرغم المكسيك على دفع كلفته، ويكمن الجواب في بند في خطة إصلاح الضريبة على الشركات التي ينوي مجلس النواب تبنيها بعد تسلّم ترامب السلطة، والتي تُدعى "تعديل الحدود".

انتقد ترامب خطة "تعديل الحدود" أخيراً، مخبراً صحيفة "وول ستريت جورنال": "كلما سمعت بخطة تعديل الحدود، لا تروقني"، ولكن إليك سبباً يُفترض أن يجعله يحبها: ستُرغم المكسيك على دفع كل سنت نحتاج إليه لتشييد الجدار وأكثر.

تخفض خطة مجلس النواب الضريبة على الشركات من 35% إلى 20%، وتفرض الضريبة بالاستناد إلى موقع الاستهلاك لا الإنتاج، وتحقق هذا الهدف من خلال "تعديل الحدود" الذي يعفي الصادرات من الضريبة ويفرضها على الواردات، فبموجب هذه الخطة ستخضع كل الواردات التي تدخل الولايات المتحدة لضريبة 20%، في حين تسترد الصادرات ما يُدفع عنها، مما يجعلها معفاة من الضريبة.

يعتبر الداعمون هذه الخطة وسيلة تسمح لترامب بتنفيذ تعهده خلال حملته بفرض الضريبة على الواردات ودعم الصادرات من دون العودة إلى الرسوم الجمركية التي قد تثير حرباً تجارية عالمية ضخمة، يتبع أكثر من 160 بلداً حول العالم راهناً ضريبة على القيمة المضافة شبيهة بما تشمله خطة "تعديل الحدود"، وبخلاف الرسوم الجمركية تستوفي خطة "تعديل الحدود" الشروط التي تفرضها منظمة التجارة العالمية.

وهنا يأتي دور الجدار: يوضح الخبير الاقتصادي مارتن فلدشتاين، أن خطة "تعديل الحدود" تساهم في جمع عائدات ضريبية تصل إلى مئات مليارات الدولارات ليس من المستهلكين والشركات الأميركيين بل من الشركاء التجاريين الأجانب، فبموجب خطة تعديل الحدود هذه تعيد الولايات المتحدة الضريبة على الصادرات وتفرضها على الواردات. وهكذا يكون صافي العائدات سلبياً إن كنا نتمتع بفائض تجاري، وإيجابياً إن كنا نواجه عجزاً تجارياً، وبما أن الولايات المتحدة تعاني عجزاً تجارياً، تشير حسابات فلدشتاين إلى أن خطة "تعديل الحدود" ستؤمن نحو 120 مليار دولار سنوياً أو تريليون دولار كل عقد.

من الدول التي نواجه في التعامل معها عجزاً تجارياً كبيراً المكسيك، إذ بلغ العجز التجاري في السلع مع المكسيك 60.7 مليار دولار عام 2015، ومن المتوقع أن يصل إلى 65 مليار دولار عام 2016. إذاً إن خضعت الواردات المكسيكية لضريبة بنسبة 20%، تجني الولايات المتحدة نحو 13 مليار دولار سنوياً كعائدات من المكسيك من خلال "تعديل الحدود".

كم تبلغ كلفة هذا الجدار؟ تتراوح وفق تقديرات ترامب بين 8 مليارات دولار و12 ملياراً، لكن آخرين أشاروا إلى أنها ستكون أكثر ارتفاعاً: بين 15 مليار دولار و25 ملياراً، وفي مطلق الأحوال سنُغطي الكلفة كاملة في سنة أو اثنتين من خلال عائدات الـ13 مليار دولار السنوية التي سنجنيها من المكسيك. وفي غضون بضع سنوات لن ترغم خطة "تعديل الحدود" المكسيك على تسديد كلفة الجدار فحسب، بل أيضاً الكثير من التدابير الأمنية الحدودية الأخرى التي يخطط لها ترامب: من تسريع ترحيل المجرمين الأجانب إلى توظيف عدد أكبر من المحققين بغية إجراء "تدقيق عميق في خلفيات" الأشخاص.

بكلمات أخرى تسمح خطة "تعديل الحدود" لترامب بالوفاء بوعدَين تعهد بهما خلال حملته في آن واحد: تتيح له فرض الضريبة على الواردات ودعم الصادرات، مرغمةً في الوقت عينه المكسيك على تسديد كلفة الجدار.

إليك الوجه الأجمل في هذا الواقع: وقوف المكسيك عاجزةً، صحيح أنها تستطيع اتخاذ تدابير مضادة في وجه إجراءات محشددة تستهدفها، مثل زيادة الرسوم على تأشيرات الدخول وفرض الضريبة على الحوالات المالية، ولكن مع تعديل الحدود لا تملك المكسيك أي وسيلة للتذمر لأن هذا الإجراء يُعتبر عالمياً بطبيعته، وسيؤثر في كل شركاء الولايات المتحدة التجاريين بالتساوي. علاوة على ذلك كيف لها أن تعترض وهي إحدى الدول المئة والستين حول العالم التي تفرض ضريبة على القيمة المضافة شبيهة بما تشمله خطة "تعديل الحدود"؟

نعم، بفضل خطة "تعديل الحدود"، يستطيع ترامب بالتأكيد إرغام المكسيك على تسديد كلفة جداره "المصفّر"، ولا تملك المكسيك أي وسيلة لمنعه.

إذاً، سيدي الرئيس، لمَ لا تروق لك هذه الخطة؟

مارك أ. ثييسن*

* «واشنطن بوست»

back to top