هل أنت قياديّ بطبعك؟

نشر في 23-12-2016
آخر تحديث 23-12-2016 | 00:00
No Image Caption
لا شك في أنك فكرت بهذه المسألة يوماً! ربما أردت أن توسّع هامش حريتك أو تعبّر عن مهاراتك وقدراتك بأفضل طريقة! لكن لا يتمتع جميع الناس بالقدرة على توجيه الفِرَق الجماعية!
هل كنت تحلم في صغرك بأن تصبح المسؤول عن صفّك ولطالما برعت في تشجيع الفِرَق التي تشارك فيها؟ هل لازمتك هذه الرغبة الكامنة وسرعان ما تحوّلت إلى طموح لتغيير العالم أو حاجة إلى تنظيم البيئة المحيطة بك على الأقل؟ وفي العمل اليوم، هل تميل إلى توجيه زملائك وتحب أداء دور قيادي في مختلف المشاريع؟ يتطلب التقدم في المسيرة المهنية تولّي منصب يحمل مسؤوليات كبرى أو مهاماً إدارية، لكن لا يكون جميع الناس مؤهلين لأداء دور مماثل. لا تتعلق هذه الميزة بالقدرات الشخصية والمهنية بل بكفاءات محددة ترتبط بمجموعة أشخاص يعملون في المجال الإداري.

ما سر رغبتي في تولّي منصب إداري؟

في المقام الأول يتطلب توجيه الآخرين ببراعة التعرّف إلى الذات لتقييم الدوافع العميقة والقدرات الكامنة. لكن لا يتحول الموظف الممتاز بالضرورة إلى مدير بارع. هذا ما يستنتجه بعض الناس، في مرحلة متأخرة أحياناً، حين يقتنصون فرصة مهنية من دون التفكير بعواقب خيارهم وانعكاسه على عملهم وأداء فريقهم.

هناء (33 عاماً): {بدأتُ أتدرب في شركة محلية ثم عملتُ فيها. خلال 12 سنة، ترقّيتُ بشكل متواصل وحين تقاعدت المديرة قبلتُ تولّي منصبها طبعاً، فزاد راتبي وكسبتُ نفوذاً إضافياً واستمتعتُ بلقب {المديرة}. لكني لم أحتج إلى أكثر من شهرين كي أشعر بالإحباط وأقدّم استقالتي: كنت مضطرة إلى تنظيم أعمال الآخرين وإعطاء رأيي بجميع المسائل ومضاعفة الاجتماعات مع كبار أرباب العمل... كنت أصل إلى المكتب وأشعر بألم في بطني. سبّب لي هذا المنصب قلقاً شديداً. لكني استفدتُ من هذه التجربة كي أفهم أنني لست قيادية بطبيعتي حتى لو كنت أحب العمل الجماعي، بل أفضّل إتمام عملي الفردي في زاويتي الخاصة!}.

هل أحبّ مهنتي فعلاً؟

يصعب أن يرفض الناس أي منصب قيادي يُعرَض عليهم. لكن لا بد من التمييز بين المدير الناجح والمدير الفاشل لاتخاذ القرار الصحيح. يحبّ المدير البارع ما يفعله طوال الوقت، حتى في ظل أكبر الاضطرابات التي يمكن أن تعوق مساره. لا ينطبق هذا المبدأ على الجميع، إذ يصعب أن يشجّع المدير فريقه إذا لم يكن يحب عمله في المقام الأول.

ندى (36 عاماً)، مديرة فندق تابع لسلسلة فنادق دولية: {درستُ الفنون الاستعراضية ثم بدأتُ أنظّم مهرجانات موسيقية ضخمة... إنها مهنة أحلامي! قابلتُ زوجي المستقبلي وأب ابنتي بهذه الطريقة: كان فناناً فقيراً وقد رفض التضحية بموهبته لأسباب مادية. لذا اضطررتُ أنا إلى تقديم التنازلات منذ ست سنوات وبدأتُ العمل في فندق. لم يكن العمل سيئاً وقد سمحت لي قدراتي بإدارة الفندق وبدأتُ أكسب راتباً مرتفعاً.

لا أعتبر نفسي سعيدة في مهنتي لكني لستُ تعيسة أيضاً. أظن أنني سأحسّن أدائي إذا كُلِّفتُ بتنظيم العروض الحية في الفندق. لا بد من إيجاد طريقة كي لا يصبح العمل الإداري رتيباً ومملاً}.

هل أنا مستعد للتضحية بجوانب أخرى من حياتي؟

يحب بعض الناس عملهم لدرجة أنهم لا يكتفون بدوام العمل العادي.

سلمى (34 عاماً)، مديرة وكالة اجتماعية: {أعشق عملي ولا أفكر للحظة بأن أصبح مجرّد موظفة. اخترتُ أن أكون قيادية. تأثرت حياتي الاجتماعية بهذا القرار طبعاً: لا تعيش صديقاتي الضغوط التي أواجهها باستمرار وما عدن يتصلن بي دوماً للخروج معهنّ. أحتفل بالمناسبات عبر فيسبوك وحين آخذ استراحة لساعة من الوقت، لا أشعر بالراحة}.

ناديا (32 عاماً)، مديرة شركة عقارية: {لطالما برعتُ في عملي وأحببتُ المجال الذي اخترتُه وقد استحقيتُ الترقية تسلمت إدارة الشركة التي أعمل فيها. لكني أصبحتُ بين ليلة وضحاها مديرة زملاء يكبرونني سناً، فزادت مشاعر الغيرة من حولي وانقطع التواصل مع صديقاتي.

لا شك في أن المنصب الإداري المرموق يعزلنا عن المحيطين بنا لأن الخلط بين الحياة المهنية والشخصية في مكان العمل يحمل مجازفات كثيرة!}.

هل أحمل تعاطفاً كافياً؟

يُجمِع مختلف المديرين على نقطة واحدة: لن تنجح أي تجربة قيادية من دون عامل التعاطف الذي يمكن أن يصل إلى حد التضحية بالذات لأن المدير مضطر إلى تخصيص جزء كبير من وقته للموظفين ويجب أن يحل مشاكله الخاصة أولاً كي يتمكن من حل مشاكل الآخرين.

لكن لا يستطيع جميع الناس أن يتحكموا بعواطفهم ويتصرفوا بموضوعية طوال الوقت ويبدوا اهتماماً صادقاً بالآخرين ويجدوا معهم حلولاً مشتركة. يجب ألا يكون الشخص القيادي صارماً جداً ولا متساهلاً بل قادراً على تلبية حاجات المحيطين به والتكيّف مع مختلف ظروف العمل. على صعيد آخر، يجب أن يحب الناس بشكل غير مشروط فلا ينتظر منهم شيئاً في المقابل!

كيف أتحكّم بالضغوط؟

يشكّل الضغط النفسي والنقد والفشل جزءاً من الحياة المهنية. يجب أن يجيد المدير الناجح تقبّل الفشل ويستفيد منه. لا يمكن تحقيق النجاح طوال الوقت وسيكون الحفاظ على المستوى نفسه هدفاً وهمياً. لذا لا يغضب المدير الناجح أمام التجارب الفاشلة بل يتمتع بروح رياضية ويحاول تحسين قدراته لتجاوز الأزمات. يكون الحفاظ على برودة الأعصاب لمواجهة الضغوط أمراً أساسياً لطمأنة أعضاء الفريق لأن توتر المدير مُعْدٍ ويعطي نتائج عكسية.

هل أجيد إحاطة نفسي بالأشخاص المناسبين؟

يجب ألا يخلط المديرون بين الثقة بالنفس ونزعة التسلّط. من المفيد أن يثق المدير برؤيته، لكن من الطبيعي في الوقت نفسه أن يشكك ببعض خياراته. حين يحتلّ المدير منصباً تكثر فيه المسؤوليات، لا يمكنه أن يتّكل على قناعاته الشخصية فحسب، بل يجب أن يختار مساعدين يحملون نظرة مختلفة ويعترف بأخطائه ويبحث عن أشخاص لتنظيم النشاطات واتخاذ القرارات حين يتردد. أخيراً، يعكس حس القيادة القدرة على إقامة التوازن لإحراز التقدم بناءً على قيم التواضع والثقة.

6 نصائح للمديرين المبتدئين

• اعمل على تعزيز الثقة المتبادلة مع فريق العمل عبر الالتزام بوعودك.

• كن مستعداً لسماع الملاحظات وإقامة الحوار على المستويين الفردي والمهني وتقبّل الانتقادات التي تتلقاها حتى لو صدرت عن أشخاص أدنى مرتبة منك.

• ضع نفسك مكان مساعديك: هل تحب أن يكون مديرك شبيهاً بك؟ انتقد نفسك بطريقة موضوعية قدر الإمكان.

• اطرح الأسئلة على نفسك: أي رب عمل تعطيه ثقتك؟ الشخص الذي يتكل على حدسه أم يلجأ إلى وسائل موضوعية لتقييم الوضع؟

• حسّن أداءك قدر الإمكان ووسّع شبكة علاقاتك. يجب أن يشعر المدير الناجح بأنه قادر على اتخاذ قرارات صائبة.

• لا تنس حياتك الخاصة حتى لو كنت تعشق مهنتك!

يصعب أن يرفض الناس أي منصب قيادي يُعرَض عليهم لكن لا بد من التمييز بين المدير الناجح والفاشل
back to top