زبدة الهرج: من المسؤول؟

نشر في 09-12-2016
آخر تحديث 09-12-2016 | 00:05
كل الأمنيات أن تسعى الحكومة القادمة إلى إنهاء ظاهرة ما يسمى بنواب الخدمات، من خلال العمل على سياسة الباب المفتوح، وإلغاء كل الحواجز والقيود بينها وبين المواطن.
 حمد الهزاع لا يعلم مدى تعب مهنة الصحافة إلا الذي خاض غمارها وأبحر فيها، وسار في طريقها وعرف تضاريسها، لذلك هي أشبه بسباق ماراثون أو رالي دكار، حيث المنافسة الشرسة بين الصحافيين، كل يريد أن يثبت جدارته وتفوقه، بمن فيهم كاتب هذا المقال العبد الفقير، حقاً إنها مهنة المتاعب، قد تتشابه المادة الصحافية من حيث المضمون، لكنها تختلف من حيث الحبكة والصياغة، وبما أني «معلّم» و»اختصاصي» لقاءات صحافية، أجدها تجذبني وتغريني وتمتعني أكثر من كتابة مقال.

ولا تخلو تلك المقابلات التي أجريتها سواء محلية أو عربية من مشقة وعناء، وكأني «شحاذ على باب الله يا محسنين»، ولك سيدي القارئ أن تتخيل المنظر «يضرب الحب شو بيذل»، ومن الحوارات التي أجريتها كانت مع عضو مجلس أمة سابق وحالي، حيث كان اللقاء في ديوانه الساعة الواحدة والنصف ظهراً، وانتهى بعد ساعة ونصف، وبصراحة توقعت من «أبو الشباب أن يعزمني على الغدا» إلا أنه لم يفعل، وقبل أن أودعه طلب مني أن يكون اللقاء في منتصف الأسبوع، فتم له ذلك، وبعد يومين بعثت له برسالة أخبره أن اللقاء نزل في الصحيفة، فرد عليّ برسالة أنه سيطلع عليه «وهذا وجه الضيف».

بعض النواب أثناء حملته الانتخابية يرد على اتصالات الناخبين، وإن كانت في منتصف الليل، فيتودد للناخب بكلام ناعم «أبشر طال عمرك»، «تامر أمر»، «الساعة المباركة»، يعني لو كانت سيارة الناخب «مغرزة « في بر السالمي «يهب لمساعدته»، وما إن يصبح نائباً ويشعر بدفء الكرسي، حتى يبدأ يخلع الرداء الأبيض ويلبس ثوب النرجسية والطوسنة، والطوسنة نسبة إلى طائر الطاووس.

أقول قولي هذا، وقد بدأ ازدحام المواطنين في دواوين النواب، وكلٌّ ينتظر دوره لتقديم معاملته، وهنا أتساءل: هل هؤلاء أصحاب حقوق مهدورة؟ أم أن معاملاتهم أصبحت لا تنجز إلا من خلال النائب؟ وكذلك أتساءل: من المسؤول عن وجود ظاهرة نواب الخدمات؟ هل الحكومة عجزت عن حلول مشاكل المواطنين فأوكلت الأمر للنواب؟ أم أن الأمر أصبح مصالح متبادلة بين النواب والحكومة، على طريقة «شيلني وأشيلك»؟

كل الأمنيات أن تسعى الحكومة القادمة إلى إنهاء ظاهرة ما يسمى بنواب الخدمات، من خلال العمل على سياسة الباب المفتوح، وإلغاء كل الحواجز والقيود بينها وبين المواطن، حتى لا يضطر المواطن للوقوف أمام النائب راجيا إياه لإنجاز معاملته بعد أن كان النائب يرجو المواطن ليصوّت له، وكذلك ليتفرغ نواب الأمة للعمل البرلماني الحقيقي.

***

ثم أما بعد،،، يقول عنترة بن شداد:

لا تَسْقني ماءَ الحياةِ بذِلَّةٍ

بلْ فاسْقني بالعزِّ كأس الحنْظل

back to top