إردوغان يواجه الولايات المتحدة وروسيا في سورية

نشر في 05-12-2016
آخر تحديث 05-12-2016 | 00:00
 المونيتور بعد السيطرة على معقل "داعش" القريب في دابق في شهر أكتوبر، تعجز ميليشيات الجيش السوري الحر المدعومة من تركيا، والتي تشكّل المجموعة الرئيسة التابعة لأنقرة في سورية، عن تنظيم هجوم فاعل ضد منطقة الباب، وازداد الوضع العسكري تعقيداً بالنسبة إلى تركيا بعدما بدأت طائراتها باستهداف وحدات الحماية الشعبية في المنطقة (مما أدى إلى سحب الولايات المتحدة دعمها الجوي للجيش السوري الحر والقوات التركية)، وبعدما أحرزت قوات روسيا والنظام السوري تقدماً كبيراً ضد الجيش السوري الحر في حلب، التي تشكّل منطقة الباب مدخلاً إليها.

في الرابع والعشرين من أغسطس، أطلقت تركيا عملية درع الفرات في شمال سورية، مدعيةً أن مهمتها هذه تهدف إلى إنزال الهزيمة بـ"داعش"، ودفع مقاتلي وحدات الحماية الشعبية إلى شرق الفرات، وإنشاء "منطقة آمنة" عمقها 45 كيلومتراً على الجانب السوري من الحدود. لا يخفى على أحد أن السبب الرئيس وراء المنطقة التي تقترحها تركيا منع أكراد سورية من إقامة منطقة مجاورة على طول الحدود التركية. خلال مؤتمر "مفهوم الأمن الجديد التركي"، ادعى إردوغان أن الجيش السوري الحر بات على مشارف منطقة الباب وألمح إلى أن النصر وشيك، لكنه تابع مضيفاً: "لن يكون هذا كافياً، ومن هناك سننتقل إلى منبج. يسيطر حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية على منبج، ونريدهما أن يرحلا".

بعد أيام من هذه الكلمات اصطدم إردوغان بالواقع المرّ عندما استهدفت على ما يبدو ضربة جوية في الرابع والعشرين من نوفمبر القوات الخاصة التركية التي ترافق مقاتلي الجيش السوري الحر قرب الباب، فلقي أربعة جنود أتراك حتفهم وجُرح تسعة، إلا أن البعض يعتقدون أن الاعتداء كان عملية انتحارية نفذها "داعش"، لكن الجيش التركي أعلن أن الأدلة تشير إلى طائرة حربية سورية.

سارع إردوغان الذي أقلقه توقيت الاعتداء، إلى إجراء محادثتين هاتفيتين مع بوتين، وأخبر نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كورتولموش المراسلين أن روسيا أنكرت تورطها في هذه الحادثة، أما النظام السوري فالتزم الصمت في هذه المسألة، مما زاد هذا اللغز تعقيداً.

بعد الاعتداء أفاد ميتي يرار، جندي سابق في القوات الخاصة التركية وخبير في الشؤون الأمنية: "ينفذ خصوم [تركيا] متطلبات حربهم بالوكالة [في سورية] فيما توشك عملية [تركيا] المستقلة ضد الباب أن تحقق الانتصار". لم يحدد يرار مَن هم "خصوم تركيا"، إلا أن إشارته إلى عملية تركيا "المستقلة" معبرة لأنها تكشف محاولة المعلقين الموالين للحكومة لتحويل الانتباه من روسيا إلى الولايات المتحدة. كذلك تذكّر سركان ديميرتاس، معلق في مجال السياسة الخارجية في صحيفة الحريات اليومية التركية، أن الكولونيل جون دوريان، المتحدث باسم الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد "داعش"، أعلن أن الائتلاف لن يدعم عملية تركيا في الباب لأن أنقرة أطلقتها "بشكل مستقل" عن الائتلاف. وأضاف ديميرتاس: "تُعتبر كلمة (مستقل) الأهم في تصريح هذا المتحدث باسم الائتلاف لأنها قد تعني أن أنقرة وواشنطن ما عادتا تنسقان معاً خطواتهما في سورية وأن لكل منهما أهدافاً خاصة مختلفة تماماً".

جاء رد فعل أنقرة تجاه الاعتداء الذي تعرضت له قواتها محدوداً على نحو مفاجئ، فأعلن رئيس الوزراء بن علي يلدرم أن تركيا سترد، ولكن باستثناء هذا التعليق ظلت أنقرة صامتة بشأن هذه الحادثة، ويعتبر كثيرون ذلك إشارة إلى أن أنقرة تشتبه أيضاً في تورط روسيا.

على غرار الولايات المتحدة، تريد روسيا بكل وضوح أن تلتزم تركيا باستهداف "داعش"، فاعتبر الجنرال التركي نعيم بابور أوغلو أن الادعاء بأن روسيا لم تكن على علم بالضربة الجوية ضد القوات التركية قرب الباب سخيف.

لكن واقع أن روسيا تريد أن تبقى تركيا بعيدة عن الباب وأن الولايات المتحدة تريدها أن تبقى بعيدة عن منبج يمثل عقبة كبيرة أمام خطط أنقرة العسكرية في سورية، حسبما أوضح بابور أوغلو.

خلاصة القول: تركيا لا تواجه "داعش" ووحدات الحماية الشعبية في سورية فحسب، بل روسيا والولايات المتحدة أيضاً، ونظراً إلى ذلك يعتقد كثيرون أن إردوغان لا يدرك ما ينتظره إن حاول إرضاء داعميه، قاطعاً وعوداً لن يتمكن على الأرجح من الوفاء بها.

* «المونيتور»

back to top