ماذا نريد؟

نشر في 25-10-2016
آخر تحديث 25-10-2016 | 00:08
 يوسف عبدالله العنيزي ننتقد مجلس الأمة ونهاجم قراراته بشدة، ونستهجن المواضيع التي يطرحها ويناقشها، ونهاجم أعضاءه بلا استثناء، ولكن ماذا لو سألنا أي مواطن كويتي: ما البديل؟ هل نلغي الحياة البرلمانية في الكويت؟ وبالتالي إلغاء مجلس الأمة؟

لو طرحنا هذا السؤال على أي مواطن لجاء الجواب قاطعا ومباشرا وبسرعة: لا يمكن إلغاء الحياة البرلمانية التي تميز بها هذا الوطن الغالي، مستحيل أن نتصور الكويت بدون مجلس الأمة الذي غدا توءم هذا الوطن الذي كان ولا يزال متميزا بكل المجالات، فالحياة البرلمانية هي الرئة التي يتنفس بها هذا الوطن العزيز بكل حرية وعزة وأمان، فلا خوف ولا رعب ولا أحد يمشي وهو يلتفت خلفه أو أمامه أو فوقه.

ولا يمكن أن نتصور الكويت بدون مجلس أمة، فذلك يعني أن الجسد صار بلا روح، إذاً لماذا هذا النقد اللاذع؟ فيأتي الجواب بسرعة: إن النقد ليس لمجلس الأمة أو للحياة البرلمانية لكنه لأعضاء ذلك المجلس، ولا أقصد المجلس الحالي فقط، ولكن من انتخبهم ومن أوصلهم إلى تلك الكراسي الخضراء الوثيرة، ومن يتمسك ببعضهم وعلى مدى عقود من السنين.

إذاً الخطأ ليس في الحياة النيابية أو الأعضاء، لكنه بالتأكيد سوء الاختيار، فلم نحسن اختيار من يتميز بالحس الوطني والحرص على الديرة وأهلها، بل اتجه اختيارنا لمن يتميز بحس قبلي أو طائفي أو عائلي أو حتى بحس شخصي ومصالح ذاتية، فما يكاد العضو يتولى منصبه حتى يبدأ بوضع برنامجه الخاص لإيصال ثروته إلى ذلك الرقم الذي يحلم به، والحصول على المناقصات والمشاريع، وبذلك ينتفي لديه الحس الوطني.

التقيت قبل أيام أحد رجالات الكويت ممن كانت لهم إسهامات في بدايات الحياة البرلمانية، وطرحت عليه فكرة العودة للحياة السياسية فرد بسرعة وبشكل قاطع: لا، لن أعود، فقد استوعبنا الدرس منذ عام 1986 وأدركنا اللعبة وأبعادها، فالفريق الآخر لديه من الإمكانات ما يفوق أي فريق وما يريده هو ما ينفذ.

دع عنك ما يسمى بالمعارضة أو الأصوات العالية أو الاستجوابات أو الهوشات التي يتم إخراجها بمهارة، والآن وبعد أن تم الإعلان عن حل مجلس الأمة حلا دستوريا، وتباينت الآراء حول أسباب الحل، لكني أعتقد أنه كما يحدث في الشركات التجارية الكبرى عندما تصل إلى مراحل متقدمة من الخسائر والالتزامات التي تعجز عن الوفاء بها تلجأ إلى أسلوب إعلان "الإفلاس" أو التدمير الذاتي "self sabotage" وهذا ما حدث للمجلس.

إضافة الى خروج البعض عن النص وعدم الاستماع للملقن مع تجاوز الخطوط والدخول في مناطق محظورة، وليست الحكومة بأحسن حال من المجلس، فالحل الأمثل في هذه الأحوال هو "الحل"، وها نحن الآن في انتظار الصناديق التي ستحمل الأعضاء القادمين، فهل سيعود الفريق نفسه أم سيستبدل بعض أعضائه، وإن كانت الكرة في ملعب الشعب فهل سنحسن الاختيار لتحقيق نتائج إيجابية خدمة لهذا الوطن أم نرجع إلى طمام المرحوم ويكون الرابح هو "كل من صادها عشا عياله".

قلناها ودائما نقولها ونكررها ونؤكدها: الكويت دانة الدانات وما لنا عنها بديل، والله ما لنا غيرها وقد جربنا هذه المرحلة في فترة الاحتلال البغيض عندما أصبحنا لاجئين في كل أنحاء العالم، وغدا الصامدون بين قهر المحتل وظلم المعتدي، ألا يستحق هذا الوطن أن نعض عليه بالنواجذ، لا أن نتركه يضيع بين صراع وتحزب وتفتيت وتفرق؟ ونقول حنانيك ربي بوطني احفظه من أبنائه، أما أعداؤه فهو كفيل بهم.

ودعاؤنا للمولى القدير أن يحفظ الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top