فلورنس نايتنجيل (2-2)

نشر في 26-09-2016
آخر تحديث 26-09-2016 | 00:00
 فوزية شويش السالم المعلومات التي تتوافر في المتاحف أكثر بكثير من مواقع الإنترنت، فأغلبها يمنع تصوير المعلومات أو الصور الموجودة فيه، لذا لم أجد إلا صورة واحدة بغوغل من مئات الصور المعروضة بالمتحف.

فلورنس نايتنجيل، هي الأسطورة المعروفة بـ"سيدة المصباح"، حيث كانت تتفقد الجنود بساحات الحرب على ضوء مصباحها، وهي التي قادت الممرضات للعناية بآلاف الجنود خلال حرب القرم، وأنقذت الجيش البريطاني من الكوارث المرضية، وهذه واحدة فقط من المهمات العظيمة التي قامت بها، كما كانت لها رؤية في الوعي الصحي، من خلال قيادتها لحملة صحية ذكية، وكانت أكثر امرأة مؤثرة خلال عصر الإمبراطورية الفيكتورية، منزلتها تأتي مباشرة بعد الملكة فيكتوريا.

لكن من تكون فلورنس نايتنجيل، وماهية نوعية مهماتها؟

وُلدت عام 1820، وتوفيت عام 1910 عن عمر 90 عاما، كانت شاهدة على أحداث قرن بحاله.

لها أخت تكبرها بسنة واحدة اسمها بارثنوب، تختلف عنها في الطباع. فلورنس كانت هادئة منظمة ذكية وتحب الوحدة، ورثت شخصية أمها ومواهبها ومهاراتها بالتنظيم عكس أختها ذات الروح الفنية والمتعلقة بشدة بأختها التي تصغرها فلورنس، وتغير من طبع أختها المستقل، وقد نبه الدكتور الأم لهذه العلاقة الخانقة۔.

فلورنس كانت تحب المعلومات وجمع العملة والقواقع، والدهم المتخرج في جامعة أدنبرة وجامعة كمبريدج قام بتعليمهما الرياضيات وعلوم أخرى، ولم يكن من المعتاد أن يقوم الأب بتعليم بناته في العصر الفيكتوري، ومن هنا بدأ تعلقها بمادة الإحصاء، تعلمت تعليما جيدا بالنسبة لزمنها، الذي كان التعليم فيه حكرا على الأولاد.

كانت من صغرها شديدة التدين ومؤمنة بأن الله يقود قدرها طوال حياتها لخدمة البشرية أكثر من نفسها، خالفت كل الأعراف، وأغضبت أهلها وأصدقاءها حين أرادت دراسة التمريض، وأصيب أهلها بالذعر حينما أخبرتهم بقرارها، بأن تكون ممرضة، فقد كانت هذه المهنة لمن هم أقل رتبة في المجتمع، وليست لفتاة صغيرة من عائلة غنية وراقية مثلها. تعلمت ودرست اللغات الفرنسية واللاتينية والألمانية مع أختها، وتقرآن الإنكليزية وتعزفان على البيانو الأغاني وترسمان، وكانت تذهب مع أختها في نزهات صحية يومية مع أمهما لزيارة الفقراء.

زارت مدنا أوروبية عديدة في صغرها؛ سويسرا وألمانيا وإيطاليا، وكانت مجنونة بالحفلات الموسيقية ورقص الباليه والمتاحف، كما أنها ذهبت إلى مصر واليونان، وفي كل هذه الزيارات التي كان والدها يرجو من ورائها أن تتخلى عن فكرة دراسة التمريض، لكنها كانت أينما تذهب تبحث وتدرس التمريض بالسر.

وفي عيد ميلادها الـ17 شعرت بنداء الله لها، وخاصة بعد تمريضها لأهلها وخدمهم أثناء مرضهم بداء الانفلونزا، وحينما أعلنت رغبتها أصيبت أختها بالهستريا ومرضت، والدها أحجم عن دراسته، ووالدتها منعتها من الذهاب بالقطار لسالزبوري لشهور، بسبب قذارة المستشفيات والسمعة السيئة للممرضات، لكنها خاضت حربا طويلة مع أهلها.

اعتلت صحتها وأُصيبت بالاكتئاب والانهيارات العصبية، وقررت الدراسة في السر وبدأت تدريباتها في كيزرورث، وهي مؤسسة دينية في دسلدورف بألمانيا، تعلمت فيها علم الأدوية وتغير الجروح ومتابعة البتر والعناية بالمرضى، ولم تشعر بالسعادة إلا في هذا الوقت، وحينما عادت إلى لندن، أخيرا، وافقت أمها على دراستها، ومنحها والدها 500 باوند سنويا، وهي منحة سخية بذاك الوقت، كما أمن لها منزلا للسيدات الراقيات في هارلي ستريت.

حينما انتشر وباء الكوليرا في لندن وقتل الآلاف في القرن الـ 19 انضمت إلى مستشفى ميدل سيكس، وبذاك الصيف انضمت بريطانيا مع فرنسا، وأعلنتا الحرب على روسيا المسماة بحرب القرم، وكان دورها عظيما فيها، حتى انتشرت أخبار شهرتها في المجلات وتُنحت من قبل النحات المشهور جون سستيل، وبطلب من الجيش البريطاني.

فلورنس نايتنجيل أسست صندوقها للرعاية الصحية بمبلغ 44.000 جنيه إسترليني، أي ما يساوي مليوني جنيه في الوقت الحاضر، وفتحت مدرسة للتمريض.

عاشت طويلا، وكُرمت كثيرا، وسمعت صوتها في الفنوغراف، ورأت كتبها الـ 200 تُطبع على الطابعات، وقليلا ما اُنتقدت في حياتها، لكن بعد موتها انتقدها الكاتب ليون ستراشي، وحاول تحطيم أسطورتها، بأنها لم تهتم بالتصويت للمرأة، وجل من دعمها كانوا من الرجال، لكنه أشاد بمنجزاتها.

بكتها الملكة فيكتوريا حين علمت بموتها.

back to top