داخل البيت الخليجي

نشر في 23-09-2016
آخر تحديث 23-09-2016 | 00:13
خليجنا واحد ومصيرنا واحد، كلمات تدل دلالة قاطعة على أن الصلات التي تجمعنا لا يمكن حصرها في مقال، ومع هذا لا يعني أننا نعيش في المدينة الفاضلة إن لم يسعَ المجتمع الخليجي إلى تعزيز الهوية الوطنية من خلال تكريس روح الولاء للأرض.
 أ. د. فيصل الشريفي تابعت كغيري ردود الأفعال حول دعوة السيدة سميرة رجب لفعاليات برنامج الندوة الفكرية "تعزيز الهوية الوطنية الخليجية"، حيث اتفق الجميع على رفض دعوتها كمتحدث في هذه الفعالية، وذلك بسبب مواقفها السابقة المؤيدة للمقبور صدام، لكن هناك وللأسف البعض ممن حاول دق إسفين الفتنة من خلال خلط الأوراق.

هؤلاء البعض انتهجوا القياس كوسيلة للتشكيك والدخول في النوايا، وعلى ضوء ذلك أحببت أن أذكرهم بما جاء في القرآن الكريم عندما اعترض إبليس على أمر الله سبحانه وتعالى: "قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ، قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ".

هؤلاء البعض المؤيدون للسيدة سميرة رجب برروا دعوتها نكاية بالنواب الشيعة، وكأن هؤلاء النواب لا يمثلون الشعب الكويتي، أو كأن من يرفض دعوتها هم فقط، أو كأن صدام لم يغزُ الكويت وشرد أهلها وقتل أبناءها، لكن الله سلّم أهلها من شره وأذله وأذاقه الهوان بعد أن رجعت الكويت لهم، وخرج هو من الدنيا إلى المصير الذي يستحق كأحد الطواغيت.

خليجنا واحد ومصيرنا واحد، كلمات تدل دلالة قاطعة على أن الصلات التي تجمعنا لا يمكن حصرها في مقال، ومع هذا لا يعني أننا نعيش في المدينة الفاضلة إن لم يسعَ المجتمع الخليجي إلى تعزيز الهوية الوطنية من خلال تكريس روح الولاء للأرض، وتعزيز قيم الأخلاق واحترام حق الآخر بالتعبير والعبادة وتكافؤ الفرص، فتعزيز الولاء لا يمكن أن يمر من خلال لبس العقال والدشداشة.

أكثر ما يمزّق الشعوب اليوم الفتنة الطائفية وسياسة التهميش والكوتا التي أرفضها كوسيلة للإرضاء وطريق لكسب الولاء، فهي كذر الرماد في العيون، ولا تولّد إلا المزيد من الفرقة، فالشعوب المتحضرة قادت العالم بعد أن طبقت قوانين العدالة الاجتماعية، وبناء النظم الديمقراطية التي تسمح للشعب بممارسة حقه في التعبير وصنع القرار.

التحديات كثيرة وكبيرة، فالمنطقة كلها على صفيح ساخن، وتدخلات الكبار تسير وفق مصالحهم، ولا تسير من أجل سواد عيوننا، والأيام أعطتنا دروسا وعبرا، لكننا مصرون على ارتكاب الأخطاء نفسها مع أن الكبار "كمنشار طالع واكل نازل واكل"، وإن كانت صناعة السلم في منطقتنا رابحة إلا أن صناعة الحرب أرباحها مضاعفة.

الكويت وبقية دول مجلس التعاون ليست بمنأى عن خطر الإرهاب إن لم تسعَ المجتمعات الخليجية إلى نبذ كل فكر متطرف مهما كانت هويته أو الصورة التي يلبسها، ثم نبذ كل فكر يدعو إلى التفرقة والتمييز على أساس عنصري أو طائفي، فالخليج بالمقدرات التي حباه الله بها يمكن له أن يكون قبلة للعالم متى التفت إلى البناء على كل الصعد الحضارية.

آخر دعوانا أن يحفظ الله خليجنا وسائر الدول العربية والإسلامية من شر الفتن والحروب، وأن يعم السلام ربوع العالم.

ودمتم سالمين.

back to top