الكبتاجون والحرب

نشر في 20-08-2016
آخر تحديث 20-08-2016 | 00:07
 حمد الدرباس ضبط عشرات الملايين من حبوب الكبتاجون خلال فترة زمنية قصيرة، ليس في الكويت وحدها إنما في السعودية والأردن ولبنان وتركيا، يطرح تساؤلات عدة عن مصدر هذه الشحنات الضخمة وخطط توزيعها وجمع أموالها وتبييضها، والأهم من ذلك كله هو نوع الحبوب المخدرة نفسه، لماذا الكبتاجون تحديداً؟ وما السبب في أن تستهدف كل هذه الكميات منطقة الشرق الأوسط؟!

نشرت بعض الصحف الأوروبية تقارير حول انتشار هذا النوع من المخدرات في الشرق الأوسط، وبالأخص في منطقة النزاع المسلح الأشرس في سورية عند مقاتلي "داعش" والجيش النظامي وبعض الميليشيات الأخرى.

نقلت صحيفة "ديلي ستار البريطانية في 28 يناير 2016" عن أحد المسؤولين في مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أن سبب انتشار هذه الحبوب بين المقاتلين هو تأثيرها على المقاتل الذي "يشعر عند تعاطيها بالألم والخوف والجوع، بالإضافة إلى الشعور بامتلاك قوة خارقة تجعله قابلا لممارسة كل أشكال القتل البارد دون أي تردد".

هذه العلاقة بين المخدرات والحرب ليست بجديدة، بل لها تاريخ ممتد، فالجنود الألمان تعاطوا نوعاً من المخدرات أثناء قتالهم في الحرب العالمية الثانية، وكذلك الأميركيون أثناء حرب فيتنام تعاطوا نوعا يساعدهم على تحمل ظروف الغابات، ولكن كما تقول ديلي ستار فإن "عدم التزامهم بالجرعات المقررة يعتقد أنه كان سببا لارتكاب بعض هؤلاء الجنود جرائم ضد الإنسانية".

اشمائيل بيه كان مجنداً في سيراليون لإحدى الميليشيات المنفكة عن الجيش إبان الحرب الأهلية المعروفة بـ"حرب الألماس الدموي"، بعد أن أصبح محاميا لدى اليونيسيف دون السيد بيه تجربته في كتاب عنوانه "الطريق الطويل- مذكرات صبي مجند، ٢٠٠٩"، ذكر فيه تفاصيل تجنيده عندما كان طفلا في الثانية عشرة من عمره، وكيف أن المخدرات قد أدت دورا رئيسا في تحمله ورفاقه تلك الظروف، وكيف أن تعاطيهم قد أوصلهم إلى حد القتل البارد لدرجة التنافس على إثارة الإعجاب والضحك بينهم كمجندين في اختراع طرق قتل جديدة في كل هجوم، وهي حالة مقاربة جدا لما ينقل عن ممارسات "داعش" في سورية والعراق الآن.

صحيفة "ديلي ستار في العدد نفسه" نقلت أيضا عن المسؤول الأممي في مكتب المخدرات والجريمة السيد ماسوف كاريميبور تقييمه لأسعار الكبتاجون بقوله إنها "تتراوح بين 5 دولارات و20 دولاراً أميركياً تقريبا"، ولو نظرنا إلى حجم واحدة فقط من هذه الضبطيات كالتي وقعت في الكويت في يوليو 2016 وقدرت كمية الحبوب المضبوطة بعشرة ملايين حبة، فإن المردود في حال توزيع الكمية يقدر بين خمسين مليون دولار ومئتي مليون دولار، فكيف كان سيتم التصرف بهذه الأموال من حيث النقل والتبييض؟!

إن محاولات تهريب مثل هذه الكميات غير المسبوقة في فترة عام واحد وعلى دفعات وفي عدة بلدان في المنطقة يدفع بالتساؤل حول المستفيد وأهدافه من توزيع هذه الكميات ولهذا النوع بالذات من المخدرات، فليس بالضرورة أن يكون الربح المادي غير الشرعي هو الهدف، إنما من الممكن أن يكون الغرض هو استهداف الشباب العرب والرغبة في تحويل ما يمكن الوصول إليه منهم إلى أدوات متوحشة لا تتوقف ولا تتراجع أو تفكر ولو لثوان عند تنفيذ أي مهام على هذا القدر من الإجرام.

قد تكون هذه المسألة أكبر من أن تعد مجرد جريمة منظمة، ومن الممكن أن يبحث بها على أنها نذير اعتداءات ومحاولات تخريب وتهيئة لاختراق المجتمع، ولذلك فإن من الضروري التحري والكشف عمن وراء مثل هذه الهجمات سواء هنا في الكويت أو في بقية دول المنطقة.

back to top