منظور آخر: أسود وأبيض

نشر في 28-07-2016
آخر تحديث 28-07-2016 | 00:02
 أروى الوقيان خرج من منزله، بسيارته في شارع تتشابه فيه باقي السيارات، كان كل شيء أسود وأبيض في عالمه، ولم يكن فيه للألوان وجود.

اسمه سعيد وكذلك هي أسماء جميع من حوله، وجميعهم يتشابهون بالملامح والصوت، وحتى الرائحة، جميعهم يقومون بالعمل الروتيني نفسه، وجميعهم يسلكون الطريق نفسه، يسافرون للمكان نفسه، ويشاهدون المناظر نفسها، يأكلون الطعام نفسه ويشربون الأشياء ذاتها.

كل شيء في حياة سعيد ومن حوله يبدو منظما، منظما جدا، يتحاورون الحوارات نفسها، لديهم الميول والاهتمامات نفسها، يعتنقون كلهم الدين نفسه، ويرتلون الصلوات نفسها. كل الأيام تتشابه، كل البشر يتشابهون، وما زال الأسود والأبيض هما المتسيدان في حياتهم.

لم يعرفوا الألوان حتى يحبوها أو يكرهوها، لم يعرفوا الاختلاف حتى يفهموه، لم يسلكوا طرقا لم يعرفوها، يعرفون كلهم الأشياء نفسها ويؤمنون بالمعتقدات نفسها.

حياتهم كانت تشبههم، روتينية، مملة، لربما مسالمة، لم تتلون بمشاعر الحزن والفرح، حيث إن كل شيء محايد، وثابت ومستقر لدرجة مقيتة أحيانا.

كانوا يعيشون وفق نظام معين وحسب معايير محددة، لم يتطرفوا بمشاعرهم ولم يختبروا المشاعر أساسا، فعليا سعيد لم يكن حتى سعيدا.

هكذا ستكون حياتك إن أردت أن يتفق الجميع مع معتقداتك وانتمائك وفكرك، ستتشابهون بطريقة مملة، وسمجة، وستنعدم في حياتكم الألوان.

هل لك أن تتخيل حياتك وهي سوداء وبيضاء فقط؟ وهل شعرت بمدى الملل؟

تخيل أن هناك من هو مستعد لقتلك فقط لأنك لا تتشابه معه، بفكره أو دينه أو أي شيء آخر. ألم يخلقنا الله مختلفين؟

يتنوع الطقس والملامح والأديان، وبهذا التنوع إثراء للفكر والحياة، خلقنا الله مختلفين، فلماذا تكره أنت يا إنسان المختلفين؟

قفلة:

أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي سببا جديدا يغزو عالم المتزوجين وسبباً للطلاق! وذلك لأن الكثير من الزوجات والأزواج باتوا يقارنون حياتهم بحياة غيرهم، غير آبهين بأن هذه الوسائل للتسلية وليست للمقارنة والتسبب في الخلافات الأسرية!

back to top