«طرزان» الشائب...

يبقى الأفضل منذ سنوات!

نشر في 28-07-2016
آخر تحديث 28-07-2016 | 00:02
حين نشاهد مقتطفات فيلم The Legend of Tarzan (أسطورة طرزان)، لا مفر من أن نلاحظ مدى حداثته مقارنةً بالأعمال التي صدرت خلال آخر أربعين سنة. لا نشاهد الممثلة بو ديريك وهي تجلس مع قرود الشمبانزي وتخبر طرزان بأنها عذراء وهي تأكل موزة. ولا نشاهد آندي ماكدويل بصوتٍ مدبلج بسبب لكنتها الجنوبية. ولا نسمع روزي أودونيل تضع صوتها على غوريلا متحركة وتعطيها لكنة سكان نيويورك.
كان يُفترض أن يقدّم هذا الفيلم نسخة معاصرة من شخصية طرزان وأن يشارك فيه ممثلون بارعون يتكلمون بلكنات مناسبة، وكان يجب أن تعطي تقنية التصوير المحوسب مظهراً مرعباً للقرود وأن يطرح العمل قصة مميزة ومحبوكة تكريماً لكتب إدغار رايس بوروز الأصلية.

يلبّي فيلم The Legend of Tarzan هذه التوقعات العامة كلها.

لكن لماذا لا يبدو مبهراً؟

تُعتبر قصة طرزان من أعظم المغامرات على الإطلاق ويصعب طبعاً أن ننقلها إلى الشاشة الكبيرة ونحافظ على مصداقيتها (تتحدث القرود بلغتها الخاصة مع إنسان يستطيع قتل كل ما يعترضه بسكين صغير ويكون صديقه المقرب فيلاً). لكن لم تكن هذه المحاولة سيئة. يبدو ألكسندر سكارسغارد ممثلاً قوياً وقد تدرّب بما يكفي طبعاً كي يبدو الشاب الذي يتأرجح بين الأشجار ويحارب القرود. لكنه يؤدي الدور وكأن طرزان شخصية هادئة وباردة ومجرّدة من حس الفكاهة، علماً أن هذه الخصائص لا تعكس بالضرورة قوة الشخصية. يكون أهم أبطال أفلام الحركة من البشر العاديين كي نتأثر بهم. لذا يرغب الناس في أن يصبحوا مثلهم، بدرجة معينة على الأقل. لكن لا يعطي سكارسغارد الأثر نفسه ويُعتبر هذا الجانب أكبر عيب في الفيلم.

تدور أحداث القصة في أواخر القرن التاسع عشر، بعدما انتقل طرزان إلى دور جون كلايتون، إيرل «غريستوك». تزوّج من جاين بورتر (مارغو روبي في دورٍ لا يناسبها بالكامل) واستقرا في لندن. استعمرت بلجيكا الكونغو وأرسلت بريطانيا كلايتون كمبعوث إلى المستعمرة. ليست مصادفة أن تدور هذه الأحداث أيضاً في المكان الذي نشأ فيه طرزان مع قبيلة من القرود المحلية.

عقد قائد بلجيكا في المنطقة، ليون روم (كريستوف والتز)، صفقة مع بلده وتشمل أحد أعداء كلايتون القدامى، الزعيم مبونغا (دجيمون هونسو). بعدما تعرّف جون وجاين على سكان البلدة التي أمضت فيها جاين جزءاً من حياتها مع والدها العالِم، يطلق روم خطته لاستعباد السكان المحليين، فيحتجز جاين ويعيد كلايتون إلى دور طرزان.

أدوار ملائمة

للتعويض عن البرود في بعض جوانب العمل، تولّى صامويل جاكسون أداء دور جورج واشنطن ويليامز، مبعوث أميركي يرافق كلايتون إلى إفريقيا. من الواضح أن دور جاكسون لا يكتفي بإضفاء بُعد كوميدي على الفيلم بل يساهم أيضاً في تقوية أداء من يشاركونه البطولة. يبدو الدور مناسباً لجاكسون كالعادة، لكن كان من الأجمل أن نشاهد هذا الشكل من الخفّة في تمثيل سكارسغارد.

يطارد طرزان وويليامز روم ويقابلان فريق طرزان القديم، ما يُجبر طرزان على مواجهة «قريب» له ثم يتعامل مع أعدائه البشريين. تمهّد هذه التطورات كلها لمشهد قوي تبلغ فيه الأحداث ذروتها ويشمل حيوانات كثيرة تقتحم مدينة مرفئية. يصعب ألا يستمتع المشاهدون بهذا المشهد (طالما يؤيدون الحيوانات!). لا تبدو الصور المحوسبة سلسة لكن يمكن تصديقها، وتعطي مواقع التصوير المدهشة مصداقية لم نشاهدها في أي فيلم سابق عن طرزان. ولا بد من الإشادة بالمخرج ديفيد ييتس لأن إطار القصة يبدو متماسكاً من دون ثغرات كثيرة (وحدهم محبو الكتب الأصلية قد يتذمرون من بعض الثغرات في القصة لكنها تبقى ضئيلة).

كان يجب أن يبقى ييتس أميناً للقصص الأصلية تزامناً مع مراعاة المشاعر المعاصرة بشأن طريقة تجسيد الأفارقة. يظهر طرزان وجاين بصورة معاصرة طبعاً، بقدر ما هو متوقع على الأقل، لكن أوشكت بعض الصور النمطية على التسلل إلى اللحظات التي يظهر فيها أتباع مبونغا. لكن في النهاية، ينجح ييتس في إقامة التوازن المناسب.

يبرع الفيلم أيضاً في العودة إلى قصة طرزان الأصلية على مر أحداثه فيعرض كيف جاء إلى إفريقيا وربّته القرود وقابل جاين. لا تطغى لقطات الماضي على الفيلم لكنه يطرح ما يكفي من خلفية القصة لتوضيح الصورة الكاملة. من جهة، يعرض فيلم The Legend of Tarzan أفضل نسخة من قصة طرزان التي اخترعها بوروز. ومن جهة أخرى، يبدو المجال مفتوحاً حتى الآن لإطلاق محاولة أخرى... من حسن حظ محبّي طرزان!

back to top