BFG... فيلم لمحبّي البكاء!

نشر في 28-07-2016
آخر تحديث 28-07-2016 | 00:03
No Image Caption
تقع في شهر سبتمبر المقبل الذكرى المئة لمولد روالد دال، ذلك الكاتب البريطاني الذي تحوّلت قصصه عن دراق ضخم الحجم، وتلميذات يتمتعن بالقدرة على تحريك الأشياء عن بعد، وصانعي شوكولاتة مستبدين إلى أعمال كلاسيكية فريدة مخصصة للأطفال. صحيح أن دال توفي عام 1990، إلا أننا نشهد هذه السنة الكثير من الاحتفالات بمئويته. فيقيم متحف ومركز روالد دال للقصص في إنكلترا، مثلاً، معارض خاصة. كذلك نزلت إلى المكتبات طبعة جديدة من قاموس أكسفورد لروالد دال، الذي يشمل كلمات الكاتب المفضلة الحقيقية والمختلقة. بالإضافة إلى ذلك، رُفع الستار عن ورد روالد دال الإنكليزي بلون الدراق.
يقول كريس هوارد، الذي أطلق صفحته على شبكة الإنترنت RoaldDahlFans.com عام 1996 وما زال يتلقى نحو 4 آلاف زائر كل يوم: «إذا رغب الناس في تعليم أولادهم المزيد عن روالد دال، فهذه سنة مناسبة لذلك».

ولتحقيق هذه الغاية، يمكنهم أن يبدأوا بمشاهدة فيلم ستيفن سبيلبيرغ المقتبس من رواية دال لعام 1982 BFG (العملاق الودود الضخم). يؤدي الدورَ الرئيس في هذا الفيلم (دور العملاق الودود الضخم، كما يشير العنوان) مارك ريلانس، الذي فاز بأوسكار أفضل ممثل مساند عن فيلم Bridge of Spies لسبيلبيرغ، علماً أن هذا دوره الأول في فيلم يعتمد على تقنية تسجيل الحركة. كذلك يؤدي جيماين كلامنت دور الشرير الضخم Fleshlumpeater، في حين تلعب الممثلة الناشئة روبي بارنهيل دور فتاة ذكية يتيمة تُدعى صوفي. أما السناريو، فمن إعداد ميليسا ماثيسون، كاتبة فيلم سبيلبيرغ E.T.: The Extra-Terrestrial التي رُشحت لجائزة أوسكار وتوفيت في شهر نوفمبر الماضي بعد انتهاء التصوير.

تواصل و نجاح

يؤكد ريلانس أن ماثيسون، التي بدأت العمل على الفيلم حتى قبل إعلان اختيار سبيلبيرغ لإخراجه عام 2014، كانت حاضرة دوماً في موقع التصوير. ويضيف أن الاستوديوها بدت في البداية مترددة في إنتاج فيلم عن عمالقة يأكلون الأولاد واقترحت عدداً من التغييرات المثيرة للاستياء، بما فيها مجموعة مشاهد يهاجم خلالها العمالقة لندن. إلا أن ماثيسون ناضلت لتضمّن الفيلم أكبر قدر ممكن من رواية دال الأصلية.

يضيف ريلانس: «أذهلها الكتاب كثيراً. كذلك كانت تحب أولادها بعمق. وأعتقد أن حبها هذا شكّل دافعها الأول».

تمكن دال من التواصل مع الأولاد والأهل على حد سواء منذ عام 1961 على أقل تقدير، حين حقق أول نجاحاته الكبرى مع James and the Giant Peach. وتوالت بعد ذلك أعماله الناجحة، بما فيها The Fantastic Mr. Fox (1970)، Charlie and Chocolate Factory (1965)،Danny, the Champion of the World (1975، وهو الكتاب الذي ظهر فيه العملاق الودود الضخم للمرة الأولى)، و (Matilda (1988. فحُوِّلت كل هذه الكتب إلى أفلام، حتى إن بعضها شكّل أساساً لمسرحيات غنائية عُرضت في برودواي.

يبدو أن دال استمد الوحي من طفولته، التي تحدث عنها في مذكراته بخليط من الحنين والمرارة. ولد دال في 13 سبتمبر عام 1916 في ويلز، وكان لا يزال صغيراً حين توفيت أخته الكبرى جراء التهاب الزائدة الدودية ووالده جراء إصابته بذات الرئة. فأُرسل إلى «ريبتون»، مدرسة داخلية استندت مقاربتها إلى العقاب، ما سبب لدال الفتي عدداً من الجراح العاطفية. رغم ذلك، شكّلت «ريبتون» على الأرجح مصدر إلهامه عندما كتب Charlie and the Chocolate Factory، بما أن شركة الحلوى كادبوري كانت تستخدم طلابها لتذوّق منتجاتها الجديدة.

يذكر ماتيا برنيت، مساعد محرر في قسم كتب الأطفال في مجلة Publisher’s Weekly: «نجح روالد دال في السير على الحد الفاصل بين الفكاهة الخفيفة والظلمة. ولا شك في أن هذه مهمة صعبة. فنلاحظ في كتاباته إدراكاً للظلم والضعف، فضلاً عن المسائل الطبقية. فأعماله مترسخة في هذه الوقائع القاسية».

لكن دال أثار على مر السنين الكثير من الجدل. فقد انتُقد كتابه Charlie and the Chocolate Factory لأنه صوّر الأومبا لومبا كأقزام مستوردين حوّلهم دال إلى كائنات خيالية في الطبعات اللاحقة. كذلك صار دال، نتيجة معارضته إسرائيل، «معادياً للسامية»، كما صرّح في مقابلة أجرتها معه صحيفة The Independent قبيل موته. حتى في عام 2014، سحبت سلسلة متاجر Aldi الأسترالية كتاب دال لعام 1982 Revolting Rhymes من محطات بيعها، مرجعةً خطوتها هذه إلى جملة تصف سندريلا «بفتاة الهوى الوسخة».

لغة خاصة

توضح لين لوباش، مديرة خدمات القراء في مكتبة نيويورك العامة: «من الضروري ألا نمرر هذه الأفكار إلى الأولاد. لكن كتبه تحتوي في الوقت عينه على الكثير من الروائع التي لا ترغب في تفويتها». وتتابع موضحة أن قصص «تان تان» لهيرجيه وكتب «بابار» لجان دي برونوف تعرضت لانتقادات مماثلة بسبب تخلف عاداتها. «لكن التوازن ضروري. فعليك أن تقرأ هذه الكتب للأولاد من دون أن تتخلى عن حذرك»، حسبما تنصح.

في المقابل، لا شك في أن عشاق هذا الكتاب سيُسرون حين يعلمون أن The BFG يعتمد إلى حد كبير على لعب دال على الكلام. فينطق العمالقة بلغة Gobblefunk، التي تشمل كلمات خيالية مثل glumptious (أي لذيذة)، skumping (قلق)، وwhizzpopper (غازات المعدة). ويؤكد ريلانس أنه وماثيسون عملا بجد كي يضمّنا الفيلم أكبر قدر ممكن من كلمات دال المختلقة.

بالإضافة إلى ذلك، يشبّه ريلانس، الذي عمل سابقاً مخرجاً فنياً في مسرح Shakespeare’s Globe في لندن، لغة دال المبتكرة بلغة شكسبير، الذي يُعزى إليه الفضل غالباً في صوغ كلمات شائعة (أو على الأقل إعطائها معنى جديداً) مثل lonely (وحيد)، zany (غبي)، وdauntless (شجاع).

يختم ريلانس: «اللغة صوت جميل يصدر عن الإنسان. ولا تتحلى اللغة بقلب فحسب، بل تتمتع أيضاً بأطراف: أذرع وأرجل تمتد لتصلنا. أما لغة روالد دال، فلها أذرع وأرجل مميزة، اليس كذلك؟».

back to top