كيف وجد أندرو ستانتون «دوري» بعد 13 عاماً من إيجاد «نيمو»؟!

نشر في 27-07-2016
آخر تحديث 27-07-2016 | 00:04
طوال سنوات، عبّرت ألين دي جينيريس في برنامجها الحواري عن انزعاجها من عدم إنتاج جزء جديد من فيلم Finding Nemo (البحث عن نيمو). تذمّرت هذه الكوميدية، التي وضعت صوتها على شخصية «دوري» الثانوية والمرحة والفاقدة للذاكرة ضمن فيلم «بيكسار» البحري في عام 2003، من إعلان نيّة شركة الرسوم المتحركة إصدار أجزاء تابعة لأفلام أخرى. احتجّ المعجبون أيضاً وتساءلوا في تعليقاتهم على المواقع الإلكترونية عن أسباب إنتاج جزء ثانٍ من فيلم Cars (سيارات) وجزء ثالث من فيلم Toy Story (قصة لعبة) مقابل الامتناع عن إصدار تتمّة لفيلم Nemo الذي حقّق نجاحاً عالمياً على شباك التذاكر (937 مليون دولار عالمياً) وفاز بجائزة أوسكار وسجّل أعلى المبيعات على الإطلاق في سوق الأقراص المدمجة.
لكن ها قد صدر أخيراً الجزء المنتظر بعد 13 عاماً بعنوان Finding Dory (البحث عن دوري) وتكون فيه الشخصية التي أدّتها دي جينيريس السمكة الرئيسة في القصة ومن المتوقع أن يحقق العمل نتائج ممتازة على شباك التذاكر. كان أندرو ستانتون السبب في هذا التأخير كله.

يُعتبر ستانتون (50 عاماً) الذي كتب وأخرج فيلم Finding Nemo والجزء التابع له أحد أقدم الموظفين في شركة «بيكسار» وأكثرهم احتراماً، وقد انضم إلى الشركة كثاني أهم مصمّم للرسوم المتحركة في عام 1990 وأثبت نفسه كمدير تنفيذي مبدع، وقد ساهمت رؤيته الواضحة للقصص وسلوكه المتّزن في جذب صانعي الأفلام إليه. يعتبره زملاؤه عنصراً محورياً بالنسبة إلى المنتج المبدع في «بيكسار» جون لاسيتر، إذ يبدو ستانتون المحرك الأساسي لتفاؤله.

يتزامن فيلم Dory مع عودة ستانتون إلى شركته الأصلية، علماً أنه أخرج أيضاً فيلم Wall-E وشارك في الأجزاء الثلاثة من فيلم Toy Story لكنه غادر شركة «بيكسار» كي يطلق أول فيلم لا يعتمد على الرسوم المتحركة بعنوان John Carter، فيلم عالي الميزانية ومقتبس من كتاب إدغار رايس بوروس لكن سرعان ما أصبح عملاً مكلفاً وفاشلاً في سجل شركة «ديزني» في عام 2012.

من خلال العودة إلى «بيكسار»، عاد ستانتون إلى ثقافة صنع الأفلام التي شارك في ابتكارها، حيث يُعتبر الفشل خطوة مؤلمة لكن ضرورية في أي عملية إبداعية. في صباح أحد الأيام من شهر مايو، حين اجتمع زملاؤه في مزرعة «سكاي ووكر» في مقاطعة «مارين» للمشاركة في حدث تقليدي مرعب بالنسبة إلى صانعي الأفلام، عُرِضت النسخة الأخيرة من فيلم Finding Dory أمام المدراء التنفيذيين المبتكرين في الشركة، فقدّم لهم ستانتون التطمينات.

حين كان المدراء التنفيذيون، لاسيتر وإيد كاتمول وجيم موريس، والمخرجان بيت دوكتر ولي أونكريش، والمنتجة ليندسي كولينز، ورؤساء قسم الأفلام، يجتمعون في غرفة العرض ويحملون الدفاتر لتدوين الملاحظات، قال ستانتون إنه تعلّم من تجربة John Carter ألا يقلق بشأن المشاريع المرتقبة.

في الفيلم الجديد الذي شارك أنغوس ماكلين في إخراجه، تحاول «دوري» إيجاد والدَيها وتوصلها تلك الرحلة إلى «جوهرة خليج مورو، كاليفورنيا»، معهد متخصص بالحياة البحرية، وتلتقي بأخطبوط مشاكس اسمه «هانك» (بصوت إيد أونيل). يحمل فيلم Finding Dory جانباً غامضاً إذ يبقى ماضي الشخصية الرئيسة خفيّاً عنها وعن المشاهدين بسبب فقدانها للذاكرة.

قال ستانتون: «لطالما اعتبرتُ «دوري» شخصية مأساوية. ولطالما افترضتُ أنها أمضت معظم حياتها وهي تتجوّل في المحيط حيث يتخلى عنها الجميع أو تتخلى عن الآخرين عن غير قصد ولديها هذا الميل المفرط إلى الهجر. لكني أدركتُ أنها طوّرت تلك القوة الخارقة كي تبقى متفائلة ولطيفة ومضحكة ولا يتخلى عنها الأشخاص الذين ستقابلهم في المرحلة اللاحقة».

رفض ستانتون فكرة إنتاج جزء جديد من فيلم Nemo طوال سنوات. في أواخر التسعينات، عمل على إعادة تنظيم قصة الجزء الثاني من فيلم Toy Story الذي أنتجته شركة «بيكسار»، لكن كان المشروع حافلاً بالضغوط وقد وجد فريق العمل المحاصر صعوبة في إطلاقه في الوقت المحدد رغم عدم اكتمال السيناريو.

أوضح ستانتون: «بعد تلك التجربة قلنا إننا لن نطلق جزءاً جديداً من أي فيلم إلا إذا كانت الفكرة ناجحة بالقدر نفسه». (قد لا يوافق البعض على الفكرة القائلة إن متطلبات «بيكسار» كبيرة جداً لإنتاج أجزاء لاحقة من الأفلام: لم يحصد الجزء الثاني من فيلم Cars انتقادات إيجابية ومع ذلك تستعد الشركة الآن لإطلاق الجزء الثالث منه في عام 2017 والجزء الرابع من Toy Story في عام 2018).

في عام 2016 الذي قدّم حتى الآن عدداً من الأجزاء التي لم تحقق نتائج قوية على شباك التذاكر، منها Alice Through the Looking Glass (أليس عبر المرآة) و Teenage Mutant Ninja Turtles: Out of the Shadows (سلاحف النينجا المراهِقة والمتحوّلة: الخروج من الظلال) وThe Huntsman: Winter’s War (الصياد: حرب الشتاء)، تبدو سياسة ستانتون في ما يخص أجزاء الأفلام منطقية. لكن على مر السنين، بدا وكأنّ الشركة لم تشأ أن تستفيد مادياً من فيلم Nemo. لذا حين طرح ستانتون فكرة إنتاج فيلم يركّز على شخصية «دوري» رغم انشغاله بتحضير فيلم John Carter، وافقت الشركة سريعاً على المشروع.

قال موريس: «لم نكن نظنّ أن جزءاً آخر من فيلم Nemo سيصدر يوماً. يسهل أن نفهم ما يدفع الشركات إلى إنتاج أجزاء تابعة للأفلام الأصلية. من المعروف أن الجماهير تحبها ومن الأسهل تسويقها. لكن مرّ وقت طويل على صدور هذا الفيلم. وكانت شركة «ديزني» لائقة في تعاملها ولم تضغط علينا. كان يكفي أن يتحمّس أندرو لهذا المشروع كي ينطلق».

بعد تجربة John Carter وفشله الذي شكّل صدمة لستانتون، توقّع المخرج أن يكون الرجوع إلى عالم «نيمو» المألوف وشركة إنتاجه الآمنة أسهل ما يمكن فعله. لكنه وجد صعوبة في تسويق قصة «دوري»، حتى بالنسبة إلى المتخصصين بقصص الأفلام في الشركة.

أوضح ستانتون: «كانت المهمة صعبة. لا ندرك أن التأمل الذاتي يشكّل الطريقة الوحيدة لتقييم مستوى التطور في أي فيلم إلى أن نبتكر شخصية مصابة بفقدان ذاكرة قصير الأمد. تابع عدد كبير من الأذكياء غربلة أفكارهم طوال سنة أو سنتين كي يكتشفوا كيفية تطوير الشخصيات بالمستوى نفسه».

كان الحل يقضي بتقديم شخصية «هانك» التي ترافق «دوري» واستعمال مشاهد من الماضي، مع أنّ ستانتون رفض هذه المقاربة في البداية أيضاً.

تحسين مستوى الأفلام

أمضى ستانتون وفريقه بعض الوقت في «حوض خليج مونتيري» و»معهد الثدييات البحرية» في «أوريغون» وراقبوا طبيعة البيئات السائدة هناك من وجهة نظر الحيوانات. شاهد صانعو فيلم Finding Dory أيضاً الفيلم الوثائقي Blackfish (السمكة السوداء) الذي يتناول الجدل القائم حول الحيتان القاتلة الأسيرة في مدينة «سي وورلد».

تتفاوت تجارب الحيوانات طبعاً: يستمتع «هانك» بحياة الأَسْر ويحلم بالوصول في النهاية إلى حوض «كليفلاند». لكن يشبه أحد المشاهد في الأحواض التعليمية المعارك التي نشاهدها في فيلم حربي، فتتهرّب الحيوانات من أيادي الأولاد الفضوليين.

قال ستانتون إنه لا يطرح رؤية محددة عن الحيوانات البحرية الأسيرة: «في فيلم Wall-E، تساءل الناس عن الرسالة البيئية التي أردتُ توجيهها. أنا أناني جداً في أسلوب سرد القصص. أريد أن أستعمل أي طريقة فاعلة لتقديم قصص الشخصيات. لا أحمل أي أجندة سرية».

يفكر ستانتون بمشاريع كثيرة بعد فيلم Dory، منها بعض السيناريوهات الخاصة بأفلام بعيدة عن عالم الرسوم المتحركة. كانت عودته إلى شركة «بيكسار» بعد فيلم John Carter كفيلة بإقناعه بالفكرة التي تحكم كتاباته: لا بد من الانفتاح على جميع الخيارات!

قال ستانتون: «إذا كنت تستطيع تجاوز غرورك وإذا تواجدت في جو صحي بما يكفي ولم تكن تحصر اهتمامك بالفوز بالنقاشات، ستنجح في تحسين مستوى الأفلام».

back to top