بوتين ... وبايدن ... والحزب الجمهوري

نشر في 02-10-2015
آخر تحديث 02-10-2015 | 00:01
بات الكثير من الأميركيين ينظرون إلى أوباما بعين ساخرة نظرا لتراجع مكانة أميركا في عهده، وهذا الأمر جعل مرشحي الرئاسة من الحزب الجمهوري يتفاعلون مع الموقف؟ فهل يعون حجم المهمة التي تنتظرهم كرئيس في مرحلة ما بعد الصفقة مع إيران، وما بعد انهيار سورية، وما بعد احتلال أوكرانيا، وما بعد بروز عالم «داعش»؟
 ويكلي ستاندرد لا أخشى التعرض للسخرية بذكر فلاديمير بوتين القاسي وجو بايدن الحائر في جملة واحدة: فقد يعيد بروز بوتين في الخارج وبايدن في الداخل صياغة سباق الجمهوريين الرئاسي لعام 2016.

بوتين: بات تراجع القوة والمكانة الأميركيتين خلال عهد الرئيس الحالي، هذا التراجع الذي بلغ ذروته مع الصفقة الإيرانية، واضحاً جداً، حتى إن روسيا بقيادة بوتين حلت فعلياً محل الولايات المتحدة بقيادة أوباما كمحور السياسات في الشرق الأوسط، فخلال عهد أوباما، ظل البيت الأبيض المقر الأول في العالم للاستقبالات الفاخرة، لكن الكرملين تحول إلى المقر الذي يشهد كل العمل الفعلي.

كيف تفاعل المرشحون الجمهوريون لسدة الرئاسة مع هذا التطور المريع؟ هل أعربوا حقاً عن أي رد فعل؟ يرددون الكثير من الأمور الصائبة، ولكن هل تكيفوا مع فداحة هذه اللحظة؟ هل يعون حجم المهمة التي تنتظرهم كرئيس في مرحلة ما بعد الصفقة مع إيران، وما بعد انهيار سورية، وما بعد احتلال أوكرانيا، وما بعد بروز عالم «داعش»؟ في أفضل الأحوال، يبدو أن هذه المسألة لم تُحسم بعد.

بايدن: في هذه الأثناء، تشير الاحتمالات على الصعيد الداخلي إلى أن بطاقة الترشح الديمقراطية لعام 2016 ستذهب على الأرجح إلى جو بايدن وإليزابيث وارن. افترض الجمهوريون أن هيلاري كلينتون ستفوز بترشيح حزبها، وإن حدث ذلك فستتحول الانتخابات عموماً إلى استفتاء بشأن هيلاري، ومن المؤكد أن هذا يخدم مصالح الجمهوريين، أما فوز بايدن-وارن بالترشيح الديمقراطي، فيزيد الأمور تعقيداً.

لا شك أن فكرة «أن عهد بايدن سيشكل فعلياً ولاية ثالثة لأوباما» تثقل كاهل هذا المرشح الجمهوري، ولكن في المقابل يعدل الترشح إلى جانب وارن الرسالة الاقتصادية ويمنحها اتجاهاً أكثر شعبوية، ولا شك أن بايدن سيذكر الناخبين بأن النمو قد يكون فاتراً، إلا أن عهد أوباما لم يشهد أي ركود، هذا إن نقل انهياراً مالياً كبيراً، أما بالنسبة إلى السياسة الخارجية فسيشير إلى أننا خرجنا من حربين نخوضهما ولم ندخل أي حروب جديدة، وسيتحدى الجمهوريين ليقنعوا حقاً الناخبين بأن العالم أصبح أكثر خطورة خلال عهد أوباما.

لن تمنح هذه الاستراتيجية ترشيح بايدن فرصة فوز تفوق الخمسين في المئة عام 2016، إلا أنها ستعطي الديمقراطيين فرصة أفضل، مقارنة بترشيح هيلاري، لنتأمل في استطلاع الرأي الأخير الذي أجرته جامعة كوينيبيا ونشرته في الرابع والعشرين من سبتمبر، إذ يبدو أن هيلاري تخسر بهامش ضئيل أمام كل المرشحين الجمهوريين الذين قورنت بهم، في حين يفوز جو بايدن بهامش ضئيل. صحيح أن الاختلاف لا يتعدى بضع نقاط، ولكن في البيئة الحالية المجزأة جداً مع شريحة صغيرة من الناخبين المترددين، تعتمد الانتخابات على هذا الهامش الضئيل: يبلغ معدل داعمي هيلاري كلينتون إلى معارضيها بين كل الناخبين 41% إلى 55%، في حين يبلغ معدل جو بايدن 50% إلى 34%، ولا شك أن هذا الاختلاف قد يحوّل حملة ديمقراطية خاسرة إلى فائزة.

المرشحان الجمهوريان الوحيدان اللذان يملكان حظوظاً أوفر من بايدن، هما بن كارسون وكارلي فيورينا، ولا شك أن كارسون رجل صالح، إلا أنه لن يحظى بترشيح حزبه، في حين أن فيورينا قد يكون أو لا يكون على قدر هذه المسؤولية، وهكذا يظل ماركو روبيو وجون كاسيتش الجمهوريين الوحيدين القريبين بعض الشيء من بايدن، غير أنهما لا يتمتعان بالشهرة عينها، ولم يتعرضا لهجوم سلبي حقيقي، أما المرشحون الجمهوريون الباقون، فلا يحظون بأي فرصة حقيقية للفوز.

قد يعيدنا هذا إلى حملة تشبه ما شهدناه عام 1988، حين استغل نائب الرئيس حينذاك نقاط الضعف في سجل منافس يفتقر إلى الخبرة ليحقق النصر، ونعتقد أن المجموعة الراهنة من المرشحين الجمهوريين تتفوق على مايكل دوكاكيس، لكن الديمقراطيين عام 1987 ظنوا أيضاً أن مايكل دوكاكيس يشكل مرشحاً متفوقاً.

يحاول الجمهوريون إقناع أنفسهم بأنهم يتمتعون راهناً بأوفر الحظوظ منذ سنوات، وأن الحزب الجمهوري يحظى بفريق قوي، ولكن كما أشار شون ترند في Real Clear Politics أخيراً، الوضعان مختلفان. الحظوظ وفيرة مع عدد كبير من مرشحين منطقيين عالي المصداقية، ومثيرين للاهتمام، لكن الحظوظ الوفيرة لا تضمن وصول مرشح قوي. يمكن تشبيه ذلك بفريق من الرماة يضمن عدداً كبيراً من الرماة الجيدين، ولا شك أن هذا أفضل من عدم امتلاكهم، ولكن في المباراة النهائية تحتاج إلى رامٍ أو راميين ممتازين، فهل يحظى الفريق الجمهوري بهذا المرشح القوي؟

ما زلنا في أواخر شهر سبتمبر، ففي عام 1979 أعلن رونالد ريغان ترشحه في شهر نوفمبر، وفي عام 1991 أعلن بيل كلينتون ترشحه في شهر أكتوبر، وهذه السنة انتقل سكوت والكر من المرشح الأوفر حظاً إلى مرشح سابق في غضون 10 أسابيع، وفي بيئة متقلبة وغير مستقرة البتة، ما زال أمام المرشحين الحاليين فرصة كبيرة لتعزيز فرصهم. كذلك ما زال المجال متاحاً أمام مرشح أو اثنين للانضمام إلى اللعب، ولا يستطيع الجمهوريون الاعتماد على تحقيق النصر بالسير وراء مرشح قوي إنما عادي.

إن لم يفز الجمهوريون، نواجه احتمال العيش في عالم فلاديمير بوتين وولايات جو بايدن المتحدة.

* وليام كريستول

back to top