من أعمدة الفن الكويتي والخليجي... النجم محمد المنصور (1-3):

غرس الوالد من حب الفنون والثقافة ظهر جلياً في أبنائه

نشر في 03-07-2016
آخر تحديث 03-07-2016 | 00:04
نتوقف على مدى ثلاث حلقات، مع أحد أعمدة الفن الكويتي والخليجي، الفنان القدير محمد المنصور، الذي ينتمي إلى أسرة فنية تتكون من شقيقه الأكبر الممثل ورائد مسرح الطفل ومؤسس مسرح الخليج العربي المخرج الراحل منصور، والمخرج وأول ماكيير كويتي الراحل عبدالعزيز، والممثل حسين، والديكوريست عيسى.
كان والده غواصاً يحب السفر والبحر والفنون الشعبية، ويمتاز بشخصية قوية وبطيبة القلب في الوقت نفسه، ومن أصدقائه المقربين المطرب الراحل عبدالله الفضالة، الذي صادر بدوره آلة العود التي اشتراها والده.
التحق محمد المنصور بالمدارس النظامية كالنجاح والرشيد (فلسطين) والمتنبي والشويخ، وتعرف على الكثير من الأصدقاء الذين لايزالون على علاقة وطيدة به حتى اليوم.
عمل محمد المنصور مدرساً للموسيقى بعد حصوله على دبلوم معهد المعلمين عام 1969، إضافة إلى كونه ممثلا، وكان من بين طلبته بلبل الخليج نبيل شعيل، الذي أسمعه أول أغنية رسمية له بعنوان "سكة سفر".
وتخصص المنصور في التلفزيون من خلال معهد "سيدو" بإنكلترا، وقدّم العديد من البرامج التلفزيونية، والاسكتشات والأوبريتات الغنائية الناجحة.
• ماذا غرس فيكم الوالد؟

- الوالد رحمه الله غوّاص ويحب السفر والبحر والفنون الشعبية، كان يمتاز بشخصيته القوية وطيبة قلبه في نفس الوقت، وكان حريصاً على أن يؤمن لنا كل شيء طيب وكريم.

كان يصطحبنا الوالد نحن الكبار الثلاثة منصور وعبدالعزيز وأنا، أما عيسى وحسين فكانا طفلين صغيرين في تلك المرحلة، في أيام الاستراحة إلى المنتديات الفنية والثقافية وحفلات السمر والسينما، في مرحلة الخمسينات وبداية الستينيات، وفي الأعياد، تقام بعض الأهازيج الفنية الشعبية في عدة مناطق، فشاهدنا العرضة، السنغني، الخماري الحدادي، كل الفنون الشعبية سواء البرية أو البحرية.

• حدثنا عن تفاصيل أكثر

- عندما ذهبت مع والدي وإخوتي إلى المنقف، شاهدت الفرق الشعبية وهي تقدم أعمالاً لفن العرضة، والناس والجمهور يحيطون بهؤلاء الفنانين، وهذا ما أعجبني وجذبني إلى هذا المنظر.

وفي الفترة نفسها كانت تقدم بعض الاسكتشات التي يقدمها د. نجم عبدالكريم و"امبيريج" (صالح حمد) ومعهم آخرون، وكانت تلك المشاهد والعرضة، تمثل فرجة بالنسبة إلي ولأهل الكويت بشكل عام، وقد راقني ذلك المشهد لاجتماع الناس وجلوسهم حول العرضة، وحينما ذهبت إلى المسرح وجدت الجمهور أمامي، يتفاعل مع كل كلمة، ويقوم بتحية الفنانين واحترامهم ودعمهم، لذا بدأت كل أحاسيسي تتجه صوب المسرح والتفرغ له كلياً، لأنه فعلاً أبوالفنون.

والده والفضالة

• كيف كانت علاقة والدك بالمطرب عبدالله الفضالة؟

- كان صديقاً له، وأتذكر أن والدي اشترى عوداً ليتعلم العزف عليه، فتصدى الفنان عبدالله الفضالة للعزف عليه طوال الوقت في ديوانيتنا، وعندما دخل الوالد إلى البحر، استغل الفضالة الفرصة وصادره طبعاً كما يقول المثل الشعبي "قطو وطقيته بمصير"، رحمهما الله كلاهما صاحب ذوق وفن.

• هل حرصت على ارتياد السينما؟

- أجل، كنت أذهب مع والدي إلى السينما الشرقية، وموقعها مقابل قصر دسمان، وحالياً خلف مركز السكري ومقابل السفارة البريطانية، ثم ارتدنا لاحقاً سينما الحمراء والفردوس عند افتتاحهما عام 1958.

أفلام هندية

• ما أبرز الأفلام التي شاهدتها وقتذاك؟

- شاهدت الكثير من الأفلام الهندية ومنها "أم الهند" الذي تم عرضه عام 1957، من بطولة نرجس وسونيل دوت وراجندرا كومار وراج كومار، والفيلم الجميل "سانغام" من بطولة وإخراج النجم الراحل راج كابور في أول فيلم ملون عام 1964، وشاركه في التمثيل راجندرا كومار وفيجانتيمالا.

ومن الأفلام العربية "عنتر وعبلة" عام 1945 من بطولة سراج منير وكوكا وإخراج نيازي مصطفى.

ومن الأفلام الأجنبية التي تابعتها "دكتور جيفاغو" عام 1965 الحاصل على خمس جوائز أوسكار، من بطولة النجم العربي والعالمي الراحل عمر الشريف، وجيرالدين تشابلن ابنة الفنان تشارلي شابلن، وجولي كريستي.

المدارس النظامية

• ماذا عن مراحل تعليمك؟

- درست في مدرسة "النجاح" الابتدائية، وعندما انتقلنا في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات تقريبا من منطقة شرق إلى الدسمة التي كان يطلق عليها سابقا منطقة (واو)، انتسبت إلى مدرسة الرشيد المتوسطة، وتعرفت على أصدقاء جدد، ومنهم راشد الحميدة، والعوازم الذين تربطني بأبنائهم علاقات اعتز بها واتشرف تعود إلى سنوات طويلة، ومع موسى علي موسى وأسامة زيد الكاظمي، وكنا في الرشيد وأيضا فلسطين لاحقا، وكان يدرسنا اللغة الإنكليزية وقتئذ الأستاذ تيسير الذي جعلنا نعشقها،

ثم دخلت مدرسة المتنبي، وأغلب طلبتها من منطقة شرق، زاملت فيها أبناء قصر دسمان بكامله في مدرسة المتنبي، من بينهم الشيخ علي الجابر الأحمد، وسالم عبدالله الأحمد، ونايف الجابر الأحمد، وبندر الجابر، وأحمد الجابر.

وثمة أسماء أخرى لاتزال تربطني بهم صداقة وطيدة، ومنهم غازي غانم وخلف إدريس وبوجبرة (الله يرحمه)، ناصر الروضان وحمود الروضان وأبناء العميري وأبناء العسعوسي، وأبناء الرومي، وأبناء الشملان، وأبناء قبارزد.

وكان فريق مدرستنا –المتنبي- يتنافس مع فريق الشامية والصديق وحولي.

معهد المعلمين

• ماذا عن معهد المعلمين؟

- لقد انتقلنا إلى منطقة كيفان، وذهبت في البداية إلى ثانوية الشويخ، وعندما افتتح معهد المعلمين التحقت به وتعرفت على مجموعة جديدة من الأصدقاء، ومن بينهم النائب خلف دميثير والمخرج والممثل مبارك سويد.

• هل تتذكر أساتذتك؟

- نعم، المرحوم عبدالله حسين، ومحمد السداح وعبدالوهاب الزواوي.

• أين درست الموسيقى؟

- بعد معهد المعلمين، اتجهت إلى التدريس، وقد درست مادة الموسيقى في عام 1969 و1970 في مدرسة المأمون في منطقة الشامية، وكنت يومها معروفاً كممثل، وكان الطلبة يحبون أسلوبي في التدريس.

كرة القدم

• ما هوايتك المفضلة؟

- كرة القدم فقط، كانت هي عالمي وشغفي في كل مراحلي الدراسية، حيث أتدرب يومياً، سواء كنت مع فريق المدرسة أو النادي العربي الرياضي، وعلى الرغم من عشقي للموسيقى ومشاهدة الأفلام وبقية الفنون، لم يخطر ببالي في تلك الفترة أن اتجه إلى عالم التمثيل.

نجم الأغنية الكويتية نبيل شعيل من أبرز طلبته في الخالدية
يستدعي الفنان المحبوب محمد المنصور ذاكرته حينما درس أحد نجوم الساحة الفنية الحالية قائلاً: من أبرز الذين فوجئت أنني قمت بتدريسهم، نجم الأغنية الكويتية المطرب الكبير نبيل شعيل، الذي قال لي أكثر من مرة، إنني درسته في الخالدية، وانني كنت قريباً ومحبباً للطلبة، وهذا ما أسعدني كثيراً، على الرغم من كوني لم أدم طويلاً في مهنة التدريس.

وقد جاءني شعيل في أول أغنية له التي كانت بعنوان «سكة سفر» كلمات عبداللطيف البناي وألحان الراحل راشد الخضر.

وأتذكر أنني تميزت بأسلوبي الخاص في مجال التدريس، حيث التأكيد على المصادر الطبيعية للموسيقى مثل: صوت المطر، الريح، وأوراق الشجر وغيرها.

كما حرصت على الخروج مع طلبتي خارج إطار الفصل لتدريس الموسيقى، وكانوا مندهشين من هذا الأسلوب، حيث جلسنا في الحديقة ونستمع إلى أصوات وموسيقى الأشياء، وطلبت منهم ان يصمتوا لمدة خمس دقائق، كي يستمعوا إلى كل شيء، وكنا نتحدث عن كل صوت مثل: العصافير، السيارات، والصراخ، والضحك، والماء وغيرها.

تمسكت بهذا الأسلوب، كي يحب طلبتي الموسيقى ويتذوقوا فنونها، ولله الحمد ارتبطت بعلاقة صداقة معهم في فترة لاحقة.

حسين المنصور: شقيقي محمد يعشق جارة القمر فيروز منذ الصغر
قال الفنان حسين المنصور عن شقيقه محمد المنصور: أعتبره بمنزلة والدي، وهو شقيقي الكبير وصديقي الله يطول في عمره، عندما تكون درجاتي في المدرسة غير مرضية أو فعلت أي خطأ، يأتيني بأسلوبه الحنون ويكلمني فهو لا يعرف الضرب أو الشتم.

ذكريات كثيرة معه، جميلة مليئة بالمواقف الجميلة والمقالب التي لم تتغير حتى اليوم، في أحد المسلسلات جمعني مشهد به من إخراج شقيقنا عبدالعزيز، لا نستطيع أن نتواجه معاً من دون الضحك، فيوقف التصوير وهو "معصب" إلى حين انتهائنا من وصلة الضحك.

لكنني أتذكر أننا في مرحلة الطفولة وتحديداً فترة المدارس، كنا نياما وعندما نسمع أغنيات جارة القمر فيروز التي يشغلها شقيقي محمد في الصباح أعرف تماماً أنه قد حان موعد الذهاب إلى المدرسة، وكيف أتهرب منه متحججاً بأنني مريض، لكن بعدها لم تفلح كل أعذاري، لأنه يحرص على ذهابي للمدرسة، وهذه العادة –الاستماع إلى فيروز- لم تنقطع حتى في الكبر، عندما سافرنا إلى فرنسا لإجراء عملية في كتفه، وفي غرفته فيروز حاضرة بألبوماتها. وفي فترة النقاهة تجولنا في أوروبا ومعنا ابني منصور وابن أخي عيسى عبدالله، وعند عودته إلى الكويت وفي مطار باريس ودعته لأنني سأذهب إلى مدريد مع ابني لحضور مباراة لريال مدريد، المشهد كان قاسياً كأنه فيلم هندي مليء بالبكاء.

تخصص في آلة البيانو وواصل دراسته في معهد «سيدو» بإنكلترا
يشير الفنان محمد المنصور إلى تخصصه الرئيس في العزف على الآلات الموسيقية أهمها الآلة الوترية البيانو، وآلة موسيقية نفخية نحاسيةهي الترومبيت.

كما سافر إلى إنكلترا عام 1970-1971 في باورموث لدراسة اللغة، مؤكداً أن معهد المعلمين محطة أساسية ساهمت في أن أتعلم وأدرس أصول الموسيقى، التي شكلت زاداً حقيقياً في رحلتي الفنية، من غناء وعزف وأيضاً التعامل مع الموسيقى بجميع القطاعات، وأيضاً رحلتي إلى إنكلترا، من أجل دراسة التلفزيون التعليمي، هي الأخرى تمثل محطة أخرى مهمة وأساسية.

ومن قبلها مراحل التأسيس الفني، وهذه المحطات وغيرها لاحقاً على المستويين العلمي والمهني ساهمت في بلورة معطيات شخصيتي وتجربتي الفنية بشكل متكامل يحمل معاني الاحتراف الحقيقي، وأيضاً الانتماء إلى المهنة الفنية بكل معانيها.

ولفت إلى دراسته المتخصصة للتلفزيون في معهد "سيدو" الشهير، المتخصص في عالم التلفزيون وفنونه، وكان معه أيضاً د. صالح حمدان ومحسن النفيسي والإعلامي محمد الويس، ويتذكر تلك المرحلة قائلاً: "شكلنا صداقات جميلة، وقضينا شهر رمضان الفضيل هناك، وترأست فريق كرة القدم في المعهد، وكنت كابتن (كنج سكول)، حيث اعتمدوا عليّ في هذه اللعبة، واستطعنا الفوز ببطولات وعدة جوائز".

وتابع المنصور: "بعدها، عدت إلى التلفزيون التعليمي، من خلال تدريس مادة التلفزيون، وكان هناك أساتذة لتدريس مواد مختلفة مثل الجغرافيا والتاريخ واللغة الإنكليزية، وكان ذلك تحت مظلة إدارة الوسائل التعليمية.

عبدالله الفضالة كان صديقاً لوالدي وكلاهما صاحب ذوق وفن

شاهدت في صغري الكثير من الأفلام الهندية منها «أم الهند» و«سانغام»

درست في المدارس النظامية النجاح والرشيد والمتنبي والشويخ

تميزت بأسلوبي الخاص في التدريس وعلمت طلبتي كيفية التذوق الموسيقي

كرة القدم كانت هي عالمي وشغفي في كل مراحلي الدراسية

حرصت على ارتياد صالات السينما الشرقية ثم الحمراء والفردوس
back to top