أوروبا تضغط على بريطانيا لتسريع «الخروج» و«تنتقم» من كاميرون

• فرنسا تطالب برئيس حكومة بريطاني جديد خلال أيام
• المؤسسات الأوروبية تتوعد لندن بـ «طلاق غير ودي»
• أسكتلندا تريد «محادثات فورية» لحماية مكانتها في «الاتحاد»
• أكثر من مليون بريطاني يطالبون باستفتاء جديد

نشر في 26-06-2016
آخر تحديث 26-06-2016 | 00:12
يبدو أن أوروبا المذهولة من تصويت البريطانيين لمصلحة خروج بلادهم من الاتحاد، قد التقطت أنفاسها، وتحاول تدفيع بريطانيا ثمناً غالياً يكون رادعاً لأي دولة أخرى قد تفكر في اللحاق بها.
بعد يوم من الصدمة إثر تصويت البريطانيين على الخروج من الاتحاد الأوروبي، تحولت النبرة الأوروبية حيال بريطانيا إلى لهجة عدائية، حيث ضغطت المؤسسات الأوروبية بقوة باتجاه تسريع مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد، فيما بدا أنه إجراء عقابي أوروبي هدفه ردع أي دولة قد تفكر باللحاق ببريطانيا، ومحاولة إرسال رسالة واضحة بأن الخروج لن يكون مجانيا، وأن ثمنه سيكون موجعا للدول "المنشقة".

في هذا الإطار، دعا وزراء خارجية الدول الست المؤسسة للاتحاد الأوروبي (ألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وهولندا، وبلجيكا، ولوكسمبورغ)، بعد اجتماع وزاري طارئ عقدوه في برلين، بريطانيا للبدء "في أسرع وقت" بعملية الانفصال.

وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، يحيط به وزراء خارجية فرنسا جان مارك ايرولت، وهولندا بيرت كوندرس، وإيطاليا باولو جنتيلوني، وبلجيكا ديدييه ريندرز، ولوكسمبورغ جان اسيلبورن: "نقول هنا معاً إن هذه العملية يجب أن تبدأ بأسرع وقت"، مطالباً لندن بضرورة اللجوء إلى "المادة 50" من معاهدة لشبونة، لبدء مفاوضات الخروج.

وصبت الدول الأوروبية غضبها فيما يبدو على رئيس الوزراء البريطاني الذي أجل استقالته إلى أكتوبر ديفيد كاميرون. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرلوت إن فرنسا تطالب برئيس وزراء بريطاني جديد خلال "بضعة أيام".

وكان كاميرون قد قال إنه لا يرغب في قيادة مفاوضات الخروج، لكنه أرجأ استقالته إلى أكتوبر المقبل، موعد انعقاد مؤتمر حزب المحافظين الذي ينتمي إليه.

من ناحيته، حذر وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسيلبورن بريطانيا من "لعب لعبة القط والفار" بتأجيل المفاوضات بشأن الخروج.

طلاق غير ودي

وشدد رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر على أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لن يكون "طلاقا وديا"، مطالبا لندن بأن تقدم "على الفور" طلبها للخروج. وسيترتب على لندن التفاوض بشأن "اتفاق انسحاب" يقره مجلس الاتحاد الاوروبي (يضم الدول الاعضاء الـ28) بغالبية مؤهلة بعد موافقة البرلمان الأوروبي.

ولن تعود المعاهدات الأوروبية تطبق على بريطانيا اعتبارا من تاريخ دخول "اتفاق الانسحاب" حيز التنفيذ، او بعد سنتين من الابلاغ بالانسحاب في حال لم يتم التوصل الى أي اتفاق في هذه الاثناء. غير أن بوسع الاتحاد الأوروبي ولندن أن يقررا تمديد هذه المهلة بالتوافق بينهما.

وأعرب رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر عن مخاوفه من إجراء المزيد من الاستفتاءات في بلدان أخرى، بعد اختيار الناخبين البريطانيين الخروج.

وقال يونكر إن "الشعبويين عادة لا يفوتون فرصة لإحداث الكثير من الضجيج للترويج لسياستهم المناهضة لأوروبا"، لكنه أصر على أن تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يمكن أن يثبت وبسرعة أنه يتناقض مع مثل هذه الدعاية.

وأضاف "من المرجح أن يتبين سريعاً أن بريطانيا كانت أفضل حالا في الاتحاد الأوروبي اقتصاديا واجتماعيا وفي السياسة الخارجية".

قرار مخز

وحمل رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز بشدة على رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، واصفا بـ"المخزي" قرار استقالته في اكتوبر وليس غداة الاستفتاء.

وقال شولتز لشبكة التلفزيون الألمانية العمومية "آ ار دي" انه عندما أعلن كاميرون في 2013 عزمه على تنظيم استفتاء حول بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي أو خروجها منه "رهن قارة بأكملها من أجل مفاوضاته التكتيكية".

مركزية ألمانيا

وكان وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير قد قال إن الاتحاد الأوروبي سيقاوم صدمة قرار خروج بريطانيا منه، مؤكدا أن الدول الست المؤسسة للاتحاد الاوروبي المجتمعة في برلين لإجراء محادثات أزمة لن تدع أحدا "يسلب" أوروبا منها.

وأعلن رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر لصحيفة بيلد الألمانية أن ألمانيا ستظل بعد خروج بريطانيا "تؤدي دورا مركزيا، وحتى أكثر أهمية داخل الاتحاد الأوروبي".

ومن المقرر أن تلتقي المستشارة الالمانية انجيلا ميركل بعد غد الثلاثاء الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء الايطالي ماتيو رنزي، عشية قمة أوروبية تستمر يومين. وستناقش القمة بشكل خاص اقترحا ألمانيا ـ فرنسيا لتفعيل الاتحاد الأوروبي.

أسكتلندا

من جانبها، طالبت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجن أمس في ختام اجتماع طارئ في ادنبره ببدء "محادثات فورية" مع بروكسل لـ"حماية مكانة" اسكتلندا في الاتحاد الاوروبي بعد خروج بريطانيا منه.

وأضافت ستورجن أن الحكومة الاسكتلندية ستدرس منذ الان اطارا تشريعيا يسمح بتنظيم استفتاء ثان حول استقلال هذه المنطقة التي تحظى بالحكم الذاتي عن بريطانيا، بعد استفتاء اول قضى بالبقاء داخلها.

استفتاء جديد

إلى ذلك، تجاوزت عريضة على الانترنت موجهة إلى البرلمان البريطاني للمطالبة بإجراء استفتاء ثان حول الاتحاد الأوروبي، عتبة المليون توقيع، امس، في أعقاب قرار البريطانيين الخروج من الكتلة الاوروبية.

وتطالب العريضة بإجراء استفتاء جديد بعد استفتاء الخميس الذي قضى بنسبة 51.9 في المئة من الاصوات بخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، وسجل نسبة مشاركة عالية بلغت 72 في المئة.

ويتحتم على البرلمان النظر في أي عريضة تجمع أكثر من مئة ألف توقيع، غير أن هذه المناقشات لا تلزم بأي عملية تصويت أو اصدار قرار، ولا يمكن بأي من الاحوال ان تؤدي الى اعادة النظر في نتيجة الاستفتاء.

وتعكس العريضة الانقسامات العميقة التي ظهرت في بريطانيا على ضوء الاستفتاء، ولاسيما بين الشباب والمسنين، وبين اسكتلندا وايرلندا الشمالية ولندن من جهة، واطراف المدن والارياف من جهة اخرى.

إلى ذلك، قدم المفوض الأوروبي لشؤون الاستقرار المالي والخدمات المالية ووحدة أسواق رأس المال، البريطاني الجنسية جوناثان هيل المنتمي لحزب المحافظين، أمس، استقالته من منصبه، على حين تم اختيار الدبلوماسي البلجيكي البارز ديدير سيوز، الذي يشغل منصب مدير في مجلس الوزراء الأوروبي، وعمل سابقا رئيسا لمكتب رئيس المجلس الأوروبي، ليكون كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي في مفاوضات خروج بريطانيا من التكتل.

صحف أوروبا والزلزال البريطاني
عكست عناوين الصحف الأوروبية الصادرة أمس البعد التاريخي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وعبّر معظمها عن حزن الاتحاد على قيمه، داعية إلى صحوة لضمان بقائه.

واختارت صحيفة "هاغشه كورانت" الهولندية صوراً تشبه الوجوه التي تعبر عن صرخة رعب في لوحات الفنان التعبيري ادفارد مونش الشهيرة "الصرخة"، في رسوم تعكس حزن المستشارة الألمانية انغيلا ميركل، ورئيسي الوزراء الهولندي مارك روتي وديفيد كاميرون.

وتحدثت صحيفة "البايس" اليسارية الإسبانية من جهتها عن "كارثة" و"انتصار رمزي كبير لكل اعداء المشروع الأوروبي"، بينما هنأت "تاتس" الألمانية بسخرية الشعبويين البريطانيين على فوز "يهز القارة".

وكتبت صحيفة "ليبيراسيون" اليسارية الفرنسية أن بحر "المانش لم يعد مضيقا بل هوة". وأضافت ان "اوروبا بيت مشترك. انه يحترق".

وكغيرها من الصحف الأوروبية، حاولت "ليبيراسيون" فهم ما حدث. وكتبت ان "البريطاني يرفض المشروع الاوروبي بقدر فقره وتقدمه في السن. الطبقات الشعبية في كل القارة لم تعد تؤمن به. انها تلتفت الى الأمم بصفتها الملاذ الوحيد القابل للمصداقية في مواجهة تجاوزات العولمة".

وقالت صحيفة "فيبورغا" البولندية "انه نبأ سار لأعداء التكامل الأوروبي، الشعبويين واتباع الانانية الوطنية والانعزالية وكره الاجانب".

وكتبت صحيفة "لا ستامبا" في عنوانها الرئيسي "خيانة من بلد البيتلز"، و"عودة الانانية الوطنية". أما صحيفة "ال سولي 24 اوري" فكتبت "اوروبا استيقظي".

ورأت صحيفة بيلد الشعبية الألمانية ان رحيل بريطانيا ينذر بأيام قاتمة لأوروبا، متوقعة "أشهرا إن لم يكن سنوات من عدم اليقين". وحيت صحيفة "بوليتيكن" الدنماركية اوروبا (الرسامين) بروغيل وبروغل وديغا التي "عانت طويلا وابدعت كثيرا"، ونسبت هذا الفشل الى "عدد كبير من المسؤولين" على رأسهم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والدبلوماسيون الأوروبيون.

تعيين دبلوماسي بلجيكي بارز كبيراً لمفاوضي أوروبا مع بريطانيا

استقالة مسؤول بريطاني محافظ من منصبه كمفوض أوروبي للاستقرار المالي
back to top