ماذا بعد مؤتمر الكويت للإسكان؟

نشر في 12-03-2014
آخر تحديث 12-03-2014 | 00:02
No Image Caption
حتى نكبح ارتفاع الاسعار يجب إصدار تشريع يتعلق ببيع العقار في السنة نفسها، وفرض الضريبة (ضريبة البيع) حتى نوقف المضاربة على أراضي السكن الخاص، ومن ثم تتراجع الأسعار.
 محمد طارق النوري القضية الإسكانية قديمة جدا وأزلية، ودور القطاع الخاص في حلها من خلال تشريعات وقوانين تسهل من تطوير الاراضي الفضاء التي تمتلكها الدولة متمثلة في المؤسسة العامة للرعاية السكنية والدخول في تطوير أراضي السكن الخاص التي لا تندرج تحت المؤسسة العاملة للرعاية للسكنية وفق تشريعات محددة وتعديل بعض القوانين، وتكاتف الجهود بين القطاعين العام والخاص يحققان الاهداف المنشودة للقضية.

- المخطط الهيكلي للدولة:

صدر مرسوم المخطط الهيكلي في 2008 محددا جميع استخدامات الأراضي في الكويت حتى عام 2030، وتتم مراجعته كل خمس سنوات ، فنحن الدولة الوحيدة في المنطقة التي لديها مخطط هيكلي منذ الخمسينيات، حدد في حينها استعمالات الأراضي، وقام بتوفير اراض للسكن الخاص في شمال الصبية وشمال المطلاع ومدينة الخيران وعريفجان وغرب أمغرة وجابر الأحمد ومدينة سعد العبدالله... الخ، فجميعها حددت في المخطط كمدن ومناطق للسكن الخاص.

- قدرة الدولة على توفير الرعاية السكنية:

تكمن المشكلة في أن الحكومة لا تمتلك المقدرة على مواكبة اعداد الطلبات المتزايدة من المواطنين الراغبين للحصول على الرعاية السكنية بمتوسط 8 آلاف طلب سنويا مع العلم ان اعداد الطلبات وصلت حتى نهاية عام 2013 الى 107 آلاف طلب! فالوحدات السكنية قد تصل إلى 120 ألف وحدة سكنية تقريبا خلال خمس سنوات القادمة، وهناك بعض التشريعات التي صدرت في 2008 مثل قانون 9 /2008 وقانون 8 /2008، منعت رهن العقار وحظرت على الشركات الدخول في سوق السكن الخاص، وجعلت الدولة الجهة الوحيدة التي توفر الرعاية السكنية، مما خلق المشكلة، لأن الدولة لا تستطيع القيام بذلك بمفردها.

- مرسوم الضرورة 27/2012:

 صدر مرسوم ضرورة رقم 27 /2012 والذي اصبح قانونا نافذا يجيز للمؤسسة العامة للرعاية السكنية إعطاء القطاع الخاص أراضي تملكها الدولة لتطويرها للسكن الخاص، وبذلك تستطيع الشركات في حال طرحت الدولة الأراضي للسكن الخاص أن تتقدم وتساهم في حل المشكلة، ولكن يجب أن يكون ذلك مصحوبا ببعض التشريعات التي تتمثل في قيام الدولة برفع يدها عن إدارة تلك المنطقة بما يوفر منطقة نموذجية وإدارة جيدة، وأن تخرج الدولة من منظومة الدولة الرعوية، وهذه هي مشكلتنا الأساسية في الكويت، وهي أن الدولة ترعى جميع القطاعات.

- كيفية وقف المضاربة على أراضي السكن الخاص التي لا تندرج تحت مظلة المؤسسة العامة للرعاية السكنية وكبح الاسعار؟!

لدينا من 14 إلى 18 ألف قطعة أرض في جميع أنحاء الكويت مخصصة للسكن الخاص مع الاخذ بعين الاعتبار ان متوسط مساحة الارض 400 متر مربع ، ولا يتم تطويرها في ظل المضاربة على الأراضي، لترتفع أسعارها، ولا تندرج تحت مظلة المؤسسة العامة للرعاية السكنية، في حين منع القانون تطوير تلك الأراضي، والحل تعديل تشريع 8 /2008 و الغاء قانون 9 /2008 حتى يجيز القانون للقطاع الخاص الدخول في تطوير الأراضي السكنية التي لا تندرج تحت مظلة المؤسسة العامة للرعاية السكنية، وفقا لمدة محددة، على أنه إن لم يتم تطويرها على سبيل المثال خلال ثلاث سنوات، تفرض غرامة في السنة الرابعة تقدر بـ100 دينار على المتر، وإذا لم يتم تطويرها وبيعها في السنة الخامسة، يفرض 200 دينار على المتر، وفي السنة السادسة يتم بيعها بقوة القانون في مزاد علني، وبذلك سنحقق التنمية، ونكبح جماح الأسعار، وفي الوقت نفسه نوقف المضاربة على الأراضي   وتعديل انظمة البناء على ان تكون نسبة البناء كما هو معمول بها في السابق 150 في المئة للحد من ظاهرة تحويل اراضي السكن الخاص الى سكن استثماري.

- كبح ارتفاع الاسعار المصطنعة:

حتى نكبح ارتفاع الاسعار  يجب إصدار تشريع يتعلق ببيع العقار في السنة نفسها، وفرض الضريبة (ضريبة البيع) حتى نوقف المضاربة على أراضي السكن الخاص، ومن ثم تتراجع الأسعار. فعلى سبيل المثال، إذا تم شراء منزل في أي منطقة سكنية بالكويت، وأراد المالك بيعه في العام نفسه، يقوم الشاري بدفع ضريبة 100 في المئة من قيمة العقار للدولة عند التسجيل، ويطبق هذا القانون في حال اقراره مع البيعة الثانية لنفس العقار، وتقل تلك النسبة مع البيع في السنوات اللاحقة.

- الرهن العقاري:

الرهن العقاري هو قرض يمكن الفرد ان يقترض مالا من البنك ليشتري منزلا او اي عقار آخر وتكون ملكيته لهذا العقار ضمانا للقرض، اي انه في حال لم يتم سداد المبلغ المقترض فيحق للبنك اي يستملك هذا العقار من الراهن (الفرد المقترض) وبصورة اوضح فان العقار يبقى مرهونا حتى يتم استيفاء وسداد كامل القرض.

من ايجابيات نظام الرهن العقاري هي تحول المواطن من التأجير إلى التملك ويساعده على الادخار والاستثمار بنفس الوقت وتغيير نمط الاستهلاك لديه وعدم اقتراض مبالغ تتبعثر وتصرف على كماليات او خسارتها في استثمار غير آمن كما يخلق منافسة بين البنوك، فيجب على الدولة اتخاذ آليتين في نظام الرهن العقاري اولهما ان تكون بين البنك والمواطن مباشرة لتملك منزل قائم وفق معايير التقييم السليم، وثانيهما بين المؤسسة العامة للرعاية السكنية والشركة المطورة للمدن السكنية الجديدة كما نص قانون 27/2012 كطرف والبنوك كطرف آخر لعملية الرهن، وستؤدي هذه الآلية الى تخفيف العبء عن المؤسسة العامة للرعاية السكنية وعلى الدولة بشكل عام.

ومن ايجابيات نظام الرهن العقاري ايضا انه يشجع على ترخيص وانشاء شركات التمويل العقاري وتخفيف الضغط على البنوك المحلية مما يساعد على توفير فرص عمل وتحريك عجلة الاقتصاد وتنشيط السوق العقاري وزيادة حجم الطلب على مواد البناء... الخ، والاهم تقليص حجم الطلب وزيادة حجم العرض للسكن الخاص مما يؤدي الى انخفاض بالاسعار ونسب الفائدة  المنخفضة التي يحددها القانون وتأخذها شركات التمويل العقاري والبنوك كأرباح على التمويل.

- المنتجات العقارية:

الافكار والابداعات دائما تقدم من خلال شركات القطاع الخاص، فتطوير المشاريع في انحاء الكويت تدل على قياس رضا الجمهور اما في المشاريع التجارية او الترفيهية وحتى الخدمية، فاسناد مهمة تطوير اراضي السكن الخاص للمطورين المحليين والعالميين يساعد على تقديم منتجات عارية سكنية جديدة ذات تصميم خلاب ومرغوب بنفس الوقت، احد المنتجات التي تم تقديمها للمسؤولين هي بناء وحدات سكنية على مساحة 200 متر مربع بنسية بناء 210 في المئة مما يعطي منتجا عقاريا جديدا يسمى (TOWNHOUSE) يوفر السكن والمساحة المطلوبة لعائلة كويتية تتكون من ستة اشخاص وبالامكان ان يطبق هذا المنتج على اراضي منطقة خيطان التي تتسع لـ1200 وحدة سكنية على اساس مساحة الارض 400 متر مربع لو نقسم هذه المساحة للنصف فاننا نوفر 2400 وحدة سكنية وهو مشروع ناجح بكل المقاييس لو تم طرحة بطريقة اختيارية للراغبين في السكن بالقرب من مدينة الكويت ولا يعوق طلبهم المساحات الكبيرة وبالامكان تطبيق هذا النموذج على المناطق القريبة من مدينة الكويت وفقط على الاراضي التي تندرج تحت مظلة المؤسسة العامة للرعاية السكنية.

الخاتمة

القطاع الخاص لجأ إلى تنفيذ مشاريع سكنية خارج الكويت هروبا من التعقيدات والروتين التي تحيط بالمشاريع الحكومية التي طال انتظارها دون جدوى. هناك 4 قوانين تعوق النشاط العقاري في البلاد ويجب تعديلها وهي القوانين 7و8 و9 لسنة 2008، بالإضافة إلى قانون لجنة المناقصات الذي يعد من أكبر العوائق أمام تنفيذ المشاريع التنموية والعقارية الكبرى في البلاد ويجب ان يعدل ويسمح للشركات العالمية بالدخول مباشرة بالمشاريع الخدمية لسرعة الانجاز وخلق منافسة حقيقية، وأن يتم تطبيق مرسوم الضرورة 27 لسنة  2012 الذي اصبح قانونا نافذا، كما يجب اصدار قانون للرهن العقاري اذ لابد للحكومة من العمل على خطين متوازيين، هما التركيز على قانون 27 /20012 لطرح الأراضي للقطاع الخاص لتطويرها وبيع الوحدات والقسائم السكنية، وفي الوقت نفسه تعديل القوانين واصدار التشريعات اللازمة بالتعاون مع المؤسسة التشريعة – مجلس الامة.

* ورقة عمل مقدمة في مؤتمر الكويت للإسكان

back to top