The Dark Knight Rises... ختام حكاية باتمان المذهلة!

نشر في 23-07-2012 | 00:01
آخر تحديث 23-07-2012 | 00:01
أكثر ما يلفت النظر في فيلم The Dark Knight Rises، وهو الجزء الثالث والأخير حتماً من ثلاثية أفلام «باتمان» للمخرج كريستوفر نولن، هو حجم الجرأة والثقة والدقة التي يتّسم بها العمل، وكأنّ المخرج كان يعلم منذ البداية كيف ستنتهي القصة التي بدأت مع فيلم Batman Begins في عام 2005 واستمرت مع فيلم The Dark Knight في عام 2008.

في سلسلة أفلام «باتمان» كان المخرج كريستوفر نولن يبتكر الأحداث تزامناً مع تطور العمل. يقول: «لطالما اعتبرتُ أن هذه السلسلة الثلاثية هي قصة بروس واين ولكل قصة بداية ووسط ونهاية. لكنّ النهاية هي أهم جزء بالنسبة إلي: هذا أول ما فكرتُ به في فيلم The Dark Knight Rises. تكمن الحيلة في تحضير النهاية في اللاوعي وتكوين فكرة عنها، لكن يجب الامتناع عن كتابتها والتعبير عنها حتى أصبح مستعداً لذلك».

يتابع: «حظيتُ بشرف العمل في هذه الأفلام طوال تسع سنوات وكنت أترك الأحداث تتطور بشكل تلقائي. كنت أشعر بما ستؤول إليه الأمور لكني كنت أدع القصة تتطور مع مرور الوقت. يجب التعايش مع القصص منذ البداية لاكتشاف طبيعتها. لم أكن أخطط لهذا الجزء أصلاً حين كنا نعمل على فيلم Batman Begins لأنني متطيّر بطبعي. لكن لطالما تمنيتُ أن يتسنى لي سرد القصة حتى نهايتها».

الفيلم الجديد الذي بدأ عرضه أخيراً هو تكملة للقصة بعد مرور ثماني سنوات على أحداث فيلم The Dark Knight، وهو يبدأ بإظهار وضع المليونير بروس واين (كريستيان بيل) الذي يوشك على فقدان ثروته ويكون جسمه متضرراً (هو يعرج بشكل دائم ويتّكئ على عصا). لكن لا يزال واين مغتراً بنفسه لأنه كان البطل باتمان يوماً وهو مطلوب بتهمة قتل هارفي دنت (لعب دوره في الفيلم السابق آرون إيكهارت).

تراجع معدل الجرائم في مدينة جوثام التي أصبحت تحت حراسة المفوض جيم غوردون (غاري أولدمان) الذي يتابع الترويج للكذبة القائلة إن دنت مات بطلاً وقد أعلنه شهيداً للمساعدة على حفظ السلام. ثم يظهر من مجاري المدينة الإرهابي باين (توم هاردي)، وهو رجل عصابات مقنّع يميل إلى ارتكاب أعمال عنف وحشية. كما أنه يجلب جيشاً معه.

يستعير فيلم The Dark Knight Rises عناصر من قصتين كلاسيكيتين عن باتمان في الكتب الهزلية (كتاب Knightfall حيث يوجه باين ضربة قاسية إلى البطل؛ وكتاب The Dark Knight، رواية فرانك ميلر الصُوَرية عن باتمان المُسنّ الذي يُجبَر على استئناف عمله بعد تقاعده لمكافحة موجة من الجرائم). لكن يتبع سيناريو الفيلم الذي كتبه نولن مع شقيقه (ومعاونه الدائم) جوناثان مساره السردي الخاص، فهو يضيف إلى القصة سارقة رشيقة (آن هاثاواي)، وضابطاً مثالياً (جوزيف غوردون ليفيت)، وفاعلة خير (ماريون كوتيار) تساعد واين على مواجهة مشاكله المالية.

عندما بدأ تصوير هذا الفيلم الذي كلّف إنتاجه 250 مليون دولار، شعر عدد كبير من المعجبين بالقلق بسبب وفرة الشخصيات الجديدة فتوقعوا أن يقع نولن في فخ «وفرة المشاهير» الذي أعاق سلسلة أفلام باتمان خلال التسعينات بسبب المبالغة في التصنّع.

يقول مايكل كاين الذي يستعيد دوره في فيلم The Dark Knight Rises كرئيس الخدم ألفرد الوفي لواين: «يتوقع الجميع أن يكون الجزء الثالث من كل سلسلة سيئاً. لكن حين قرأتُ سيناريو هذا الجزء، علمتُ أنه سيكون مميزاً وأنا لا أقول ذلك حصراً لأنني مشارك في الفيلم! كريستوفر (نولن) بارع جداً في اختيار الممثلين، وهو مخرج مبدع وكاتب مبدع أيضاً. يبرع في هذه المهمات الثلاث وهو أمر لم أصادفه سابقاً في هذه الصناعة».

حذر شديد

على عكس معظم صانعي الأفلام الضخمة التي تُخصَّص لها ميزانيات هائلة، يكتب نولن سيناريوهاته الخاصة (Inception Memento, The Prestige) باستثناء فيلم Insomnia الذي صدر في عام 2000 وكان نسخة متجددة عن فيلم تشويق نروجي. من المعروف أن نولن يعمل بحذر شديد ودقة بالغة ولكنه يستطيع أيضاً تجسيد هوسه الشخصي في أعماله. حين أُعيقت خطة نولن لتجسيد حياة الثري المنعزل هوارد هيوز بسبب فيلم مارتن سكورسيزي The Aviator، عمد بكل بساطة إلى إضافة جوانب من حياة هيوز إلى فيلم The Dark Knight Rises، فحوّل واين إلى شخص منعزل وغريب الأطوار نادراً ما يغادر مزرعته وبدأ يفقد صوابه.

يوضح نولن: «لطالما أحببتُ واقعية شخصية بروس واين. هو ليس بطلاً خارقاً بالمعنى المتعارف عليه. لم يتعرض للسعة عنكبوت إشعاعي ولم يولد في كوكب كريبتون. بكل بساطة، هو رجل بنيته قوية لأنه قام بتمارين ضغط كثيرة، وتقتصر قوته الخارقة الوحيدة على ثروته الخيالية. واجه صدمة هائلة في طفولته بعد أن قُتل والداه أمام عينيه، وقد حمل في داخله طوال حياته مستوى هائلاً من الغضب والحزن وجميع أنواع الأسى. تجتمع هذه العناصر السلبية كلها داخل روحه لدفعه في اتجاه معين، وهو يحاول بكل يأس تحويل وضعه إلى أمر إيجابي. لهذا السبب، يكون أبرز خصومه أفضل من يجسدون الاتجاه المظلم الآخر الذي كان يستطيع اختياره».

يعتبر جيف باوتشر، كاتب مختص بالثقافة الشعبية في صحيفة «لوس أنجليس تايمز» ومؤسس موقع HeroComplex.com، أن الأبطال والأشرار في ثلاثية نولن يكونون في أغلب الأحيان وجهين لعملة واحدة.

يوضح باوتشر: «مدينة جوثام موبوءة، فهي تغير الناس. تعبّر تلك الشخصيات بطريقةٍ ما عن شخص واحد: بروس واين، جيم غوردون، راس الغول (الشخصية الشريرة التي لعبها ليام نيسون في فيلم Batman Begins)، الجوكر، هارفي دنت. لقد قام هؤلاء بخيارات معينة قادتهم إلى طرق مختلفة. يمكن استنتاج أن عنوان The Dark Knight Rises يشير إلى أربع شخصيات مختلفة في الفيلم. لكن يدل هذا الأمر على أن نولن هو أذكى بكثير منا جميعاً،

و يحب التعقيدات والغموض كما في فيلم Blade Runner الذي يعتبره فيلمه المفضل، وهو يعتبر أن الأفلام يجب أن تكون حلماً شيقاً يمكن التناقش به مع الأصدقاء طوال سنوات. كان فيلما Inception

وThe Dark Knightمختلفين عن جميع أفلام الصيف التي شاهدناها سابقاً. فقد كان هذا النوع من الأعمال معقداً ويشغّل التفكير وينقلنا إلى زمن آخر: لقد ذكّراني بقصةA Clockwork Orange من ناحية معينة. هذا ما يفعله فيلم The Dark Knight Rises أيضاً».

يمكن مقارنة هذه الخصائص بأسلوب المخرج ستانلي كوبريك، فقد كان بارعاً بدوره في تقديم صور بسيطة لكن معبّرة. كانت اللقطة المذهلة الأخيرة من فيلم Inceptionبسيطة وسلسة لكن كان أثر المشهد حاداً وعميقاً. في لحظات معينة من فيلم The Dark Knight Rises، يشعر المشاهدون بعواطف من الغضب الجارف، وهو أمر لا يمكن رصده في فيلمي The Avengers وThe Amazing Spider-Man معاً. لكن حتى في ذروة مشاهد التشويق والتوتر، يبقى الفيلم ممتعاً وراقياً في آن.

يقول بيتر ديبروج، ناقد أفلام بارز في مجلة Variety: «دائماً ما نجد شيئاً مظلماً وضبابياً في جميع أعمال نولن بعد فيلم Memento. أصف عمله بكلمة «استثنائي»، إذ ثمة لغة ضمنية لافتة وراء أفلامه. هو مخرج كلاسيكي جداً، ما يضمن أن تتميز أفلام Dark Knight عن الأعمال الأخرى المقتبسة من الكتب الهزلية. تتكل تلك الأفلام الأخرى على التكنولوجيا والتأثيرات البصرية بشكل أساسي. أما نولن، فهو متأثر بمدرسة فنية تقليدية مع أنه يصنع هذه الأفلام الضخمة كلها».

back to top