يوسف المهنا... 40 عاماً من العطاء الفني المتميز (1-3)

نشر في 03-08-2012 | 00:01
آخر تحديث 03-08-2012 | 00:01
الملحن يوسف المهنا أحد أكثر الفنانين الكويتيين مشاركة في مسيرة الحركة الغنائية المطورة على مدى 40 عاماً من العطاء الفني المتميز. قدم أغاني عاطفية ووطنية ورياضية ودينية بأصوات نجوم الأغنية الكويتية خصوصاً والعربية عموماً، أثرى الساحة الفنيّة بألحانه الشجية وما زال يعطي الطرب الأصيل من خبرته ودرايته.

عشق يوسف المهنا العود منذ طفولته وتعلم أصوله على يد الموسيقي محمد حسن صالح، بالإضافة إلى وظيفة الأوتار وكيف يتعامل معها، ولم يكتفِ بذلك بل جرب حظه في التأليف والتلحين. وما لبث أن وسع نشاطه في مجال التلحين فترك التأليف وانطلق نحو الشهرة والفن وقدم حوالى 300 لحن متنوع على الساحة العربية.

كانت بداياته مع الشهرة في أكثر من أغنية عاطفية منها: «حلفت عمري» غناء المطرب حسين جاسم، «ترى الليل عودني» غناء مصطفى أحمد، «بو قذيلة» غناء عبد المحسن المهنا.

سيرة ذاتية

الاسم الثلاثي يوسف يعقوب المهنا من مواليد الكويت (1940). عاش طفولة مرحة في أسرة تقليدية بين المرقاب والشامية. تلقى دروسه الابتدائية والمتوسطة في حولي، من ثم ترك الدراسة وتوجه إلى العمل. في طفولته كان يستمع إلى أغاني أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب ويعزف على العود، وقد ساعده في بداياته شقيقه المطرب عبد المحسن المهنا الذي يكبره في السن وسبقه إلى عالم الغناء.

بدأت عام 1962 الإذاعة الكويتية تهتم بتقديم الأغنية الكويتية الحديثة وتسجيلها واستقطاب عناصر كويتية موهوبة في مجالات: الغناء والتلحين والتأليف والعزف، لهذه الغاية جلبت فرقة موسيقية ضخمة لتنهض بالأغنية الكويتية وتطورها.

في أحد الأيام زار الفنان صالح الحريبي يوسف المهنا في منزله في حولي، وصادف أن نشر خبر في إحدى الصحف المحلية عن الحريبي مفاده: ظهور صوت جديد يغني للمرة الأولى في مدرسته بمنطقة كيفان. ولأن الحريبي يعرف أن يوسف المهنا يعزف على العود فقد طلب منه أن يعزف له، فأسمعه لحناً جميلا حديثاً وكلمات جديدة أعجب بها، فسأله: هل هذا لحنك؟ رد عليه المهنا: إنه لحني وكلماتي، فقال الحريبي: «أريد هذه الأغنية»، وحفظها في اليوم نفسه وأخبر المهنا أنه سيسجلها في الإذاعة.

كانت تلك اللحظات بالنسبة إلى يوسف المهنا بمنزلة حلم، وفي اليوم الثاني اصطحبه الحريبي إلى الإذاعة. البداية كانت عند المسؤول عن قسم الموسيقى في الإذاعة الكويتية القديمة آنذاك، فعلم أن لدى المهنا لحناً عاطفياً وآخر وطنياً فقرأهما وحولهما إلى الفنان نجيب رزق الله الذي طلب من المهنا أن يسمعه اللحن، فعزف وغنى «ليش بس يعني»، أعجب به رزق الله وقال له: «وكمان صبا؟»، يقصد صعوبة هذا المقام وإمكاناته الفنية المحصورة في مكان معين.

أضاف: «أنت الآن ملحن، لكن أمام خيارين يجب أن تعدني بأن تطور قدراتك في العزف، وتحاول تعلمه على أيدي أساتذة العود»، كان لهذه التوصية أهمية في مسيرة يوسف المهنا، خصوصاً بعدما لمس نجيب رزق الله موهبته الغنائية.

دخل يوسف المهنا الأستوديو بثقة لتسجيل أول لحن له بعدما أعلمه نجيب رزق الله أنه مجاز كملحن، وتابع بروفات الفرقة ووقف في الوسط يعزف، اعتقاداً منه بأنه سيبقى معهم في الأستديو، لكن عندما حان موعد التسجيل، أُبلغ بأن مهمته في الكونترول، هكذا كان وشارك مهندس الصوت في وضع الملاحظات.

عاد يوسف المهنا إلى منزله حاملا معه أحلامه وآماله وانتظر إذاعة الأغنية عند الواحدة بعد الظهر، كما قيل له، وراح يتابع الوقت دقيقة دقيقة إلى أن سمع صوت المذيعة تغريد الحسيني تعلن ولادة مطرب جديد هو صالح الحريبي وملحن ومؤلف جديد هو يوسف المهنا.

انتابته فرحة كبيرة لا حدود لها ممزوجة بالخوف، لا سيما أن الأغنية جاءت ثمرة تشجيع المسؤولين والموسيقيين له وللمواهب الغنائية الكويتية الجديدة.

شخصيات مؤثرة

في الستينيات كانت الكويت تعيش نهضة شاملة، فكانت حافزاً ليوسف المهنا للانطلاق. من الشخصيّات التي كانت وراء تكوينه وتشجيعه: شقيقه الفنان عبد المحسن المهنا، الفنان صالح الحريبي، الموسيقي محمد حسن صالح، الفنان محمد عفيفي الذي كان يدرّسه العزف في المساء، الموسيقي حسن عبد المطلب الذي تعلم يوسف المهنا على يده وكان يدرّس في المعهد التجاري الموسيقي، صديقه محمد الصقعبي الذي كان يتعلم آنذاك العزف على العود، الفنان أحمد علي الذي كان له دور كبير في إقامة مركز موسيقي في الإذاعة لتعليم الفنانين العزف وكتابة النوته وأمور متعلقة بالغناء والموسيقى.

لم يتوقف يوسف المهنا عند إتقان العزف بل تجاوز ذلك إلى التعلم من الفنانين الشعبيين إيقاعات الفنون الشعبية الأصيلة بمساعدة صديقه الفنان غنام الديكان، وكانا يقصدان الفرق الشعبية الكويتية المعروفة والفرق العربية المقيمة في الكويت، وقد سجل لهم يوسف المهنا الكثير وأجرى معهم حوارات.

جمعية الفنانين

يوسف المهنا أحد أوائل الفنانين الذين انضموا إلى جمعية الفنانين الكويتيين. فعمل بنشاط، خصوصاً أنه كان مسؤولاً عن لجنة الحفلات التي كانت العمود الفقري لدور الجمعية داخل الكويت وخارجها، وما زال عضواً فيها حتى الآن.

شارك في تحرير الصفحة الرياضية في مجلة «عالم الفن» الصادرة عن الجمعية في بدايات صدورها واستمر أعواماً عدة. كونه عضواً في نادي القادسية الرياضي فهو مشجع قدساوي ومحب للرياضة عموماً والمنتخب خصوصاً.

غنى مطربون أغاني رياضية ناجحة من تلحينه من بينها: «أوه يا الأزرق» غناء عبد المحسن المهنا وغريد الشاطئ. «يا متكتك» غناء عبد المحسن المهنا وغريد الشاطئ ومحمد البلوشي. «هيدو» غناء عبد الكريم عبد القادر وعبد المحسن المهنا وغريد الشاطئ... كلمات هذه الأغنيات للشاعر عبد اللطيف البناي. كذلك لحن يوسف المهنا أكثر من أغنية رياضية لنادي القادسية الرياضي ولأندية أخرى.

بمناسبة فوز منتخب الكويت بدورة الخليج الثانية لكرة القدم التي أقيمت في مملكة البحرين (1986)، أطلق أغنية هي الأسرع ضمن الأغنية الرياضية، إذ سُجلت يوم السبت وصورت يوم الأحد وأذيعت يوم الإثنين، شارك فيها المطربون: غريد الشاطئ، عبد المحسن المهنا، محمد البلوشي، عهود الرويشد.

منحت تلك الفترة يوسف المهنا ثقافة موسيقية شعبية، فتشبع بالإيقاعات والفنون حتى أصبحت جزءاً من فنه الذي يمارسه يومياً، وسافر إلى القاهرة حيث درس في معهد الموسيقى العربية ونال دبلوماً فيه (1970).

فرقة مسرح الخليج

كان يوسف المهنا عضواً في فرقة «مسرح الخليج العربي» وشارك في أنشطتها المختلفة، من بينها وضع موسيقى وأغانٍ لمسرحيات من إخراج صقر الرشود وهي: «ضاع الديك»، «بحمدون المحطة»، «شياطين ليلة الجمعة» التي لحن فيها اللوحة الختامية من كلمات عبد العزيز السريع، وكتب كلمات المقدمة الغنائية وألحانها وقد عرضت العام 1973.

كذلك لحن أغاني مسرحية الأطفال «ا- ب – ت» (إخراج منصور المنصور) وهي من كلمات فايق عبد الجليل وسُجلت في القاهرة (1980).

ألحان اصيلة

قدّم الملحن يوسف المهنا ألحاناً أصيلة بروح حديثة تركت أثرها على الساحة الغنائية الكويتية والخليجية من بينها: «حلفت عمري» غناء المطرب حسين جاسم، «ترى الليل عوذي على النوم والسهر» غناء المطرب مصطفى أحمد، «بوقذيله» غناء شقيقه المطرب عبد المحسن المهنا... وقد ساهمت هذه الأغنيات وغيرها في شهرته.

كذلك كان له تعاون مثمر مع مجموعة من الشعراء من بينهم: فايق عبد الجليل في أغنيات «مع ريح الهوى مسافر» غناها الفنان عبد المحسن المهنا، «أبعاد» و{في الجو غيم» غناهما المطرب السعودي الكبير محمد عبده. الشاعر عبد اللطيف البناي الذي لحن له أغنيات «الله أمر» و{أوه يا الأزرق» و{عوافي» وجميعها غناها المطرب عبد المحسن المهنا. يقول في مطلع «عوافي}:

عوافي جانه تغير عوافي جانه تكبر

وان عاد أهو نساني بالعون هم آنا أقدر

من ألحان يوسف المهنا وكلمات الشاعر عبد الله الدويش غنت الفنانة عايشة المرطة «الا يا عبرة» فحققت نجاحاً لدى بثها في الإذاعة والتلفزيون وأثناء تقديمها في الحفلات العامة، لتكامل عناصرها الناجحة، ويقول في مطلعها:

الا يا عبرة تجرا على خدي همايلها

سقى الله سدرة خضرا دموع العين سايلها

ثلاثي ناجح

كانت علاقة يوسف المهنا بالشاعر مبارك الحديبي مميزة فشكل معه ومع شقيقه عبد المحسن المهنا ثلاثياً ناجحاً قدم للمكتبة الغنائية التلفزيونية والإذاعية أغاني عاطفية رائعة ما زالت تذاع لغاية اليوم نظراً إلى الأداء الطيب والكلمات الشعبية الجميلة والألحان الكويتية الأصيلة، ومن تلك الأغاني سامرية بعنوان «واجهت خلي» يقول في مطلعها:

البارحة بالليل واجهت خلي

وأصبحت ما جني تواجهت وياه

قالوا تصبر جود تدله وتسلي

هذا الهوى وهذي يا عاشق سواياه

في عام 1974 لحن يوسف المهنا أغنية «كلن بقلبه» من تأليف الشاعر مبارك الحديبي، وهي من الأغاني الشعبية الخفيفة الراقصة التي كانت سائدة في تلك الفترة وتندرج ضمن اللون الذي تميز به المطرب عبد المحسن المهنا، يقول في مطلعها:

كلن بقلبه شقا ليله وانا في قلبي شقا الغالي

ذابت الشكوى وأنا أشكيله قاطع وصلي ولا يبالي

الثلاثي المهنا

قد يكون الثنائي يوسف وعبدالمحسن المهنا هما الأكثر شهرة من شقيقهما ماجد المهنا، إذ عرف هذا الثنائي منذ أوائل ستينيات القرن الماضي، واجتمعا في أغانٍ عاطفية ووطنية ورياضية عدة. لكن شهرة شقيقهما الثالث ماجد المهنا بدأت في منتصف سبعينيات القرن الماضي عندما غنى عبدالمحسن المهنا أغنية من ألحان أخيه يوسف المهنا كتبها ماجد وحملت عنوان «طير يا طير المودة»، يقول مطلعها:

طير يا طير الموده

قبل ما عمري يتعدى

بلغ أشواقي وسلامي

للذي ما جاني رده

كشفت هذه الأغنية عن موهبة ماجد المهنا في عالم الشعر الغنائي، وأكدت موهبته الفذة، وكانت انطلاقته الحقيقية في مجال كتابة الشعر. وتعاون الثلاثي المهنا في عدد من الأعمال الغنائية الناجحة بعد ذلك، من بينها «لا تسرع الكلام أخذ وعطا» من ألحان محمد الرويشد، يقول مطلعها:

عطني حقوقي

يا سالب كل ما مضى

وان كان لك حق

عندي هات برهانك

وبرز ماجد المهنا في عدد من الأعمال الغنائية سواء الوطنية أو الرياضية، ومن بينها أغانٍ لحنها شقيقه يوسف المهنا، أبرزها «فن فن» غناء أحمد حسين. كذلك لحن يوسف المهنا من كلمات شقيقه ماجد أغنية خاصة بالأطفال بعنوان «صباحك صباحين يا ديرة الطيبين» غنتها مشاعل مع مجموعة من الأطفال. وتعاون أيضاً مع عدد من مطربي الكويت والخليج، وله إسهمات في مجال إعداد البرامج للإذاعة والتلفزيون.

من الأعمال التي شارك فيها الثلاثي المهنا أوبريت «الكويت دائماً» ضمن برنامج تلفزيوني قدمته المذيعة المعروفة أمينة الشراح لحنه يوسف المهنا، وشارك في كتابة كلماته ماجد المهنا إلى جانب يوسف ناصر ويعقوب السبيعي وأحمد الشرقاوي، وغناه كل من: عبدالمحسن المهنا، مصطفى أحمد، صالح الحريبي، غريد الشاطئ، سليمان الملا، محمد المسباح، عبدالله الشحمان، فيصل الزنكوي، فيصل السعد، ابراهيم القطان، عادل البشير، وجاسم سنان. كذلك شاركت في الأوبريت الفنانات نوال وهدى حسين  وشقيقتها سحر حسن، فضلاً عن فرقة «الجوهرة».

وعلق عليه الراحل حمد السعيدان، وأخرجه الفنان بدر المضف وانتجه تلفزيون الكويت عام 1988.

في وقت لاحق، كُرم الفنان عبدالمحسن المهنا ضمن مهرجان القرين الثقافي، حيث كان ختام المهرجان بليلة «يوسف المهنا» بالشكل الذي يليق بمشواره الفني. وحضرت الحفلة كوكبة كبيرة من نجوم الفن والثقافة والإعلام، من بينهم وزير الإعلام السابق محمد السنعوسي وأمين عام المجلس الوطني بدر الرفاعي، والفنانون عبد الحسين عبد الرضا، سعد الفرج، غانم الصالح رحمة الله علية، إبراهيم الصلال، عواطف البدر، بدر بروسلي وعبد العزيز السريع، والمايسترو محمد باقر، صالح الحريبي، أحمد الجميري، محمد البلوشي، سليمان الملا، عميد المعهد العالي للفنون الموسيقية الدكتور بندر عبيد، جاسم يعقوب، الإعلامي بدر المضف وغيرهم. وتناقلت وسائل الإعلام المحلية باهتمام واضح حفلة التكريم هذه.

بدأت الحفلة مع الفرقة الوطنية التي عزفت مجموعة من أغاني الفنان المهنا، رددها كورال الفرقة، أبرزها «أبو جديلة وايدوه» وغيرها. وقد استهل الغناء الفنان ناصر الرغيب الذي قدم «متلف الروح ليه ما تنظر لحالي.. والناس نامت وانا عيني سهير»، وهي أغنية سامرية أعادت إلى الأذهان حقبة جميلة للغناء، وقدم بعدها «الله أمر» وسط ترديد الجمهور.

صعد بعد ذلك الفنان فواز المرزوق الذي قدّم أغنية «ياهيه يا بو الشعر فلة يا هيه ويش الجفة كله» أتبعها بأغنية «عوافي كان تغير، عوافي كان تكبر».

ومن أروع ما قُدم في هذه الحفلة أغنية «فدوة لك» التي لحنها سليمان الملا وكتبها مبارك الحديبي ويقول مطلعها الأول:

فدوة لك عمري وكل اللي تبينه

عين خلك لا تشوف الا انت زينة

لا يا زينة لا يا زينة

الزعل شايد عالينا

وأغنية «شكواك للي يفتهم شكواك راح الحبيب».

back to top