أن نفرط في الكويت

نشر في 06-08-2011
آخر تحديث 06-08-2011 | 22:01
 فراس خورشيد لم يتطور الإنسان إلا من خلال استفادته من التجارب السابقة، سواء كانت تجاربه أو تجارب الآخرين، وقد مرت على الكويت الكثير من الأزمات والحروب التي يمكن أن نستفيد منها على الصعد كلها، وأسوأها وأكثرها تجارب كانت أزمة الغزو الصدامي الغاشم على دولة الكويت.

وكغيرنا يفترض أننا قد استفدنا من هذه الأزمة، ومما استفدناه رجوع الحياة الديمقراطية بشكل راسخ والتوسع بالحريات، فقد عرفت السلطة أنها مهما اختلفت مع الشعب فلن يفرط في وطنه، وأن المرتزق سيقف معها ما درت معايشه، فإن جفت ينابيع المال أو تعرض لأدنى خطر سيبيع الدولة ويعود إلى وطنه.

ولكن هل استفاد الشعب من درس الغزو المكلف جداً؟ وهل كانت فائدة الحكومة موازية لعظم الحدث؟

لحمة الشعب أثناء الغزو تدل على استفادة إيجابية، فكانت البيوت واحدة، الجار يتألم لجاره ويشعر بهمومه وآلامه، يفتح له بيته ويحتضنه ويقوم على مصالحه، ولا يأكل وجاره جائع خاو، هذا ما رأيناه أيام الغزو، وكتبه شهداء الكويت بدمائهم، نحن شعبٌ واحد، فلا سنّي ولا شيعي، ولا بدوي ولا حضري ولا «بدون»، فكلنا كويتي.

لكن يبدو أن هناك من لم تعجبه لحمة شعب الكويت، فقرر أن ينخر فيها، وللأسف نجح إلى حد بعيد، فبعد واحد وعشرين سنة نعرف كيف يمكن أن نفرط في الكويت، فقد تقسم مجتمعنا ثانية وبشكل أشد إلى شيعة وسنة، وحضر وبدو، وهُضم «البدون»، ودائماً نفس المجرمين خلف كل المشاكل، لا يقبلون من الديمقراطية إلا ما يناسبهم ولا حق إلا ما يفعلون والبقية خونة.

هؤلاء يسيرون بخطى حثيثة لهدم نظام الدولة أو الدولة كلها، وكما قال أحد قيادات الداخلية على خلفية أحداث «ديوان الحربش» إن ما يحدث يمكن أن يرسل رسائل خاطئة إلى دول الجوار كما حدث قبل الغزو العراقي، ويأتي بعده بفترة وجيزة نائب في مجلس الأمة ليدعو إلى فدرالية تحت قيادة دولة أخرى ويدافع عن رأيه بأن الخير للكويت هو أن تفقد قسما من سيادتها أو كل سيادتها لما يراه هو مصلحتها، مستعملاً الفزاعة الإيرانية التي استغلت لدعم صدام حتى بلع الكويت، وللأسف هناك من صفق رضا وتكريماً لهذا النائب، الذي يريد أن يقابل الخطر الإيراني المزعوم بفقدان حقيقي للدولة.

ولنا أن نتساءل بصوت عال لتسمع الحكومة: إذا أتانا تهديد أمني من الدولة التي أشار إليها ذاك القائد الأمني، والتي يريد أن يرمينا ذاك النائب تحت براثنها، هل سنجد من يدافع عن الكويت؟ أم سنجد حلم صدام يتحقق ولكن لغيره، ويستقبل الغزاة بالزهور والتهليل ورقص العارضة؟

إن فقدان روح المواطنة والتكالب على نهب الدولة أو تجييرها لمصالح فئوية وحزبية، يدل على أن أكبر الفوائد التي حصلنا عليها من الغزو هي كيفية تعريض استقرار الكويت ووحدتها وأمنها للخطر، وكيفية الهروب عند وقوع الخطر، وكيف نكون شعباً قادراً بجدارة على فرط عقد المواطنة والتفريط في الوطن.

back to top