بإسدال الستار على ولاية رئيسة الوزراء البريطانية، ليز تراس، تكون «ثورة البريكست» قد قضت على ثالث زعيم محافظ في 6 سنوات، في حين تظهر لائحة المرشحين لخلافة تراس بأن الخروج من مشهد الفوضى السياسية قد لا يكون وشيكاً.

وتقول صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، إن «اختيار الناخبين البريطانيين في 2016 لمغادرة الاتحاد الأوروبي - المعروف باسم بريكست - أدى إلى بدء حقبة سياسية فوضوية تميزت بحكم سلسلة من القادة الضعفاء: تيريزا ماي الضعيفة، بوريس جونسون...، وليز تراس غير الكفؤة»، مضيفة: «جاءت استقالة الأخيرة بعد انهيار أسواق العملات والسندات استجابةً لخطتها الاقتصادية، التي كانت تخاطر بارتفاع التضخم مع تخفيضات ضريبية غير ممولة. كان هذا بمنزلة إذلال لاقتصاد متقدم كبير لم تشهد بريطانيا على مثيل له منذ التسعينيات. كان من الممكن أيضًا تجنبها، مثل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتي بدونها كان إنتاج البلاد أعلى بنحو 5.2 في المئة بحلول نهاية العام الماضي، وفقاً لأحد التقديرات الصادرة عن مؤسسة فكرية أوروبية».

Ad

وترى الصيحفة أن أي تحول في مجرى الأمور سيبدأ الظهور الأسبوع المقبل، حيث يختار حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا رئيس الوزراء المقبل. وقد بدأت لائحة المنافسين على المنصب تبرز بالفعل.

فقد عاد رئيس الوزراء البريطاني السابق، بوريس جونسون، الملقب بـ «بو» إلى بريطانيا، إذ يفكر في محاولة جريئة للفوز بولاية ثانية كرئيس للوزراء بعد أسابيع فقط من إجباره على التنحي، وسط تحذيرات من بعض زملائه من أن عودته قد تتسبب في مزيد من الفوضى السياسية.

وجونسون، الذي كان يقضي عطلة في منطقة البحر الكاريبي، عندما استقالت تراس ولم يدل بأي تصريحات عن عرض لاستعادة منصبه السابق، حصل على دعم العشرات من النواب المحافظين لكنه يحتاج إلى تأمين 100 ترشيح لخوض المنافسة.

وأصبحت وزيرة الدفاع السابقة، بيني موردونت، أول مرشحة تعلن رسمياً عزمها خوض المنافسة على زعامة المحافظين، لكن جونسون وريشي سوناك، الذي كان وزير ماليته، تصدرا قائمة المرشحين المحتملين قبل التصويت المقرر الأسبوع الجاري.

ونال سوناك بالفعل دعم 100 نائب للتنافس، وبات يتصدر السباق على الدعم من عدد من زملائه رفيعي المستوى، بما في ذلك المستشار السابق ووزير الصحة ساجيد جاويد، ووزير الأمن توم توجندهات، ووزير الصحة السابق مات هانكوك.

وتقول «واشنطن بوست» إن «ريشي سوناك، وزير المالية السابق والذي احتل المركز الثاني في انتخابات القيادة الأخيرة، من المرجح أن يثبت أنه أكثر ثباتًا من تراس أو جونسون، لكن يجب على حزب المحافظين إصلاح الطريقة التي يختار بها قادته».

في غضون ذلك، ووسط الصعوبات الاقتصادية العالمية الناتجة عن الجائحة ثم حرب أوكرانيا، تستمر مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في التمدد، حيث لاتزال الأسئلة المتعلقة بالحدود بين أيرلندا وأيرلندا الشمالية بدون حل، كما أن التجارة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي صعبة.

الى ذلك، أظهرت دراسة أجريت حديثاً في بريطانيا أن البلاد بدأت تشهد هجرة عكسية في الوقت الحالي، حيث إن أكثر من 4 ملايين شخص داخل بريطانيا يفكرون في مغادرتها بشكل نهائي والعيش في بلد آخر، وذلك بسبب الغلاء المعيشي، والأزمة الاقتصادية التي أصبحت ترهق العائلات.

وبحسب الدراسة التي أجرتها شركة توتال جوبز، فإن حوالي 4.5 ملايين بريطاني يفكرون في الانتقال إلى الخارج من أجل نوعية حياة أفضل.

وقال 3 بالمئة من البريطانيين إنهم يخططون بنشاط للانتقال إما في العام المقبل أو العامين المقبلين، وهو ما يعني مغادرة أكثر من 380 ألف عامل بريطاني البلاد بشكل جماعي خلال الفترة المقبلة.

وقال تقرير نشرته مجلة تايم أوت إن ثقافة العمل عن بُعد وانتشار الوظائف بهذه الطريقة ساعدت الكثيرين على التفكير في ترك بريطانيا إلى أماكن أخرى أقل كلفة، وذلك على الرغم من أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي جعل الانتقال للعيش في الدول الأوروبية أصعب مما كان سابقاً.

وقال أحد المهاجرين الذين تحدثت إليهم المجلة، وهو شخص انتقل من بريطانيا إلى هولندا، حيث يقول: «لقد استبدلتُ شقتي في كلافام بشقة تبلغ ضعف مساحتها في أمستردام»، مشيراً الى أنه انتقل بالفعل للعيش في هولندا بدلاً من بريطانيا قبل 7 أشهر من الآن.