احتفلت الفلبين حديثاً بمرور أول مئة يوم على وصول الرئيس فرديناند ماركوس الابن ونائبته سارة دوتيرتي إلى السلطة، فقد سلّطت التقارير الإخبارية العالمية الضوء على مسائل أساسية تعامل معها ماركوس منذ شهر يوليو الماضي، لكنها لم تذكر شيئاً عن سجل دوتيرتي.

في الفلبين، ينتخب المواطنون نائب الرئيس الذي لا يضطلع بدور رسمي في الحكومة، بل إنه يكتفي بالانتظار ويستعد لاستلام دفة القيادة إذا عجز الرئيس عن أداء واجباته، فمن الضروري إذاً أن نراجع سجل دوتيرتي في أول مئة يوم على توليها منصبها، فقد يشير هذا التقييم إلى طبيعة أولوياتها، أو حتى احتمال فوزها بالرئاسة في عام 2028. عيّن الرئيس الفلبيني دوتيرتي كسكرتيرة وزارة التربية، وهو منصب مهم لأنه يسمح لها بالإشراف على أكبر وكالة حكومية مسؤولة عن أكثر من نصف مليون مُعلّم ونحو 30 مليون طالب في المدارس الرسمية.

Ad

تعليقاً على أول مئة يوم في هذا المنصب، قالت دوتيرتي إن أكبر إنجاز حققته يتعلق باستئناف الدروس الحضورية في أكثر من 47 ألف مدرسة رسمية، أشاد بها حلفاؤها أيضاً لأنها أعادت فتح المدارس خلال أزمة كورونا. في غضون ذلك، تكلم «تحالف المعلمين المعنيين» عن مجموعة من المشاكل اللوجستية في المدارس الرسمية، منها نقص المواد في الصفوف وغياب الموارد التعليمية المناسبة، مما يزيد معاناة المعلّمين والطلاب على حد سواء، حتى أن أعضاء التحالف اتهموا ماركوس ودوتيرتي «بالخيانة والإهمال» بعد تراجعهما عن وعدهما برفع أجور المعلّمين خلال حملتهما الانتخابية. على صعيد آخر، شدّدت دوتيرتي على أهمية اجتماعاتها مع سفراء من أستراليا، وإيطاليا، وأيرلندا، وفيتنام، ولاوس، واليابان، ونيوزيلندا، وتايلند، والاتحاد الأوروبي، وقطر، والهند، والولايات المتحدة، حتى أنها ذكرت أنها قابلت وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، خلال أول أسبوع لها في منصبها الجديد، وكان لافتاً أن تصبح دوتيرتي من الأسماء الأكثر تداولاً على مواقع التواصل الاجتماعي محلياً، حين تكلمت بلغة الماندرين الصينية في أحد الفيديوهات لإحياء الذكرى السنوية لتأسيس الصين.

أصبح اسم دوتيرتي الأكثر تداولاً أيضاً حين أرسلت تحية إلى ماركوس في عيد ميلاده، وألمحت إلى أنها تستعمل مروحية الرئيس في عدد من رحلاتها، وهذا الموقف أجّج نقاشات محتدمة على مواقع التواصل الاجتماعي حول الامتيازات التي يتمتع بها كبار المسؤولين، في حين يضطر معظم الركاب العاديين لتحمّل نظام النقل الجماعي المتهالك. لكن لم تذكر دوتيرتي مثلاً أن مُشرّعاً سابقاً وأحد خصومها في الانتخابات اتّهمها بالمشاركة في تقديم شكوى بتهمة التشهير الإلكتروني ضد أحد موظفيها السابقين. أنكرت دوتيرتي أن تكون تلك التهمة مسيّسة، مع أنها حذرت منتقديها قائلة: «الحق في حرية التعبير لا يحمي أحداً من عواقب تشويه سمعة الآخرين».

في غضون ذلك، يعتبرها مناصروها مرشّحة قوية للانتخابات الرئاسية في عام 2028، وفي أول مئة يوم لها في السلطة، لم تكف عن التنقل في أنحاء البلد، فوسّعت خدمات مكتبها، ووافقت على إدارة أكبر وكالة حكومية، وقابلت كبار المسؤولين الأمنيين بعد تكليفها بتصريف أعمال الحكومة حين ذهب ماركوس في زيارة رسمية إلى الخارج، وعقدت اجتماعات لافتة مع الدبلوماسيين، فهل تستعد دوتيرتي بهذه الطريقة لخوض السباق الرئاسي منذ الآن؟

من المتوقع أن تواجه دوتيرتي معركة شاقة في المرحلة المقبلة، بصفتها المسؤولة الأولى عن قطاع التعليم، لأن البلد لا يزال يتحمّل تداعيات القرار الذي اتخذته الحكومة السابقة بإطالة مدة إقفال المدارس خلال أزمة كورونا، ورغم وفرة النشاطات التي قامت بها بصفتها نائبة الرئيس، فلا مفر من أن يقارن الكثيرون تحركاتها بسجل سلفها المبهر كونه تجاوز تحديات هائلة، ونجح في تحسين الخدمات العامة، وأثبت مهاراته القيادية عن طريق الابتكار والشفافية.

* «مونغ بالاتينو»