بحضور ٤٠ نائباً ونائبة، التزاماً بالدستور، واحتجاجاً على تجاوز الحكومة للموعد المقرر لافتتاح جلسة مجلس الأمة، تمت الدعوة لعقد جلسة المجلس في 16 أكتوبر، وتم رفعها لعدم حضور الحكومة. إلا أن ما جرى في واقع الأمر هو تجاوز للأزمة، ربما بقصد أو بدون قصد، بتحصين جلسة الافتتاح التي دعت لها الحكومة في 18 يونيو. وهنا بات على الحكومة أن تتوجه بالشكر للنواب الذين حضروا الجلسة، مهما قيل وأثير من حديث آخر.

جرت العادة أنه عندما يتم حل المجلس، وهي عادة مكررة، أن يتم ذلك دون مقدمات. فلا مقارنة بين أي انتخابات، مع الأخيرة التي جرت في 29 سبتمبر، حيث تم الإعلان عنها قبل أكثر من 3 أشهر، فكان أن تمت بأجواء هادئة وبنتائج ومشاركة ونسبة تغيير عادية. إلا أنها بتلك المبادرة غير المسبوقة فقد تم تسجيل عدة نقاط، وتحركت مياه كانت راكدة، وجعلت الحكومة تكسب أرضاً، وتستعيد شيئاً من ثقة مفقودة. ولم يكن متوقعاً أن تتحول فترة التشكيل الوزاري وعقد جلسة افتتاح مجلس الأمة، إلى محطة لعودة حالة الأزمة مجدداً. فمع أنه منذ الإعلان عن حل المجلس إلى الانتخابات مضى أكثر من 3 أشهر، إلا أن فترة الأسبوعين منذ تشكيل الحكومة، جعلتها تبدو وكأنها أكثر من هذه المدة، فكل ما جرى فيها غير مسبوق.

Ad

لا أعلم سبب لجوء الحكومة للطريق الأصعب، والمثير للجدل، مع أن الطريق كان سالكاً. فهل هي مؤامرة أم «قل دبرة»؟ الأرجح أنها الثانية. فالإشكال الحالي لم تكن الحكومة بحاجة له، أخذاً بالاعتبار المواقف والسلوكيات المعلنة. أما الخلاف على انعقاد الجلسة، فلن ينتهي عند الخلاف السياسي، ولكنه قد يحتم عرض الموضوع على المحكمة الدستورية، ويعني المزيد من التراجع لدور السلطة التشريعية. وستبقى الكثير من الأسئلة مفتوحة، وتدل على أننا مازلنا نعيش في المرحلة الانتقالية، وتبرز ملامحها الارتباك الشديد، وربما تكون هناك مفاجآت قادمة، حتى تستقر الأمور.

أزمة عقد الجلسة الافتتاحية قد تكون أزمة عابرة، خلطت أوراقاً ما كان ينبغي لها أن تختلط، وربما خلقت اصطفافات مبكرة.

الأزمة الحالية ليست كالأزمات السابقة، ما يعني أنه مازال هناك أمل بالتقاط المبادرة وتحويلها لشيء أكثر منطقية، لمصلحة البلاد والعباد، وإلا فإنه انسداد سياسي في ذات السياق، نأمل ألا يكون.

أ.د. غانم النجار