في وقت تقترب التجمعات والاحتجاجات المنددة بالنظام الحاكم في إيران من إتمام شهرها الأول، رغم القمع الدموي والمميت للمتظاهرين، اتسعت رقعة الإضرابات العمالية المؤيدة للحراك الشعبي المندد بقمع الحريات وتردي الأوضاع المعيشية أمس.

ودخل عمال في مصفاة عبادان، جنوب غربي إيران، في إضراب أمس، ونظموا وقفة احتجاجية أمام بوابة دخول الموظفين، في حين سارعت السلطات، التي تخشى من انتقال عدوى الاحتجاجات للمؤسسات الحيوية، إلى نفي أنباء الإضراب.

Ad

وواجه بعض العمال الذين توقفوا عن العمل في المرحلة الثانية من المصفاة، محاولات أمنية لمنع الخطوات الأولى للإضراب.

في موازاة ذلك، أعلن مجلس تنظيم احتجاجات عمال عقود النفط، أمس، أن «عددا من الزملاء اقترحوا تنظيم تجمع، يوم غد، في مفترق طرق بمدينة عسلوية، يؤدي إلى شركة بوشهر للبتروكيماويات، وقالوا إنهم سيستمرون في الاحتجاج حتى إطلاق سراح المعتقلين». ومع امتداد الانتفاضة الشعبية التي عمّت إيران إلى عمال صناعة النفط والبتروكيماويات، منذ أمس الأول، كتبت نقابة عمال قصب السكر في هفت تبه انها تهنئ العمال في مختلف قطاعات النفط والبتروكيماويات على إضرابهم دعما لاحتجاجات الشوارع. وكتبت النقابة العمالية في بيان: «عاشت النقابة والتضامن الطبقي للعمال من أجل الحرية. نحو إضراب وطني في مختلف قطاعات العمل والإنتاج».

كما استمر إضراب الطلاب وخروجهم في مسيرات احتجاجية بعدة جامعات إيرانية، بينها جيلان وطهران وشيراز وأصفهان. وتزامن ذلك، مع خروج احتجاجات ليلية في مناطق رئيسية بالعاصمة طهران وعدة مناطق بينها كردستان وشيراز وبيجان.

تجمع حاشد

جاء ذلك في وقت صدرت دعوات جديدة، من شباب بأحياء طهران وعمال صناعة النفط، لتنظيم تجمعات حاشدة على مستوى البلاد اليوم.

وأصدرت جماعة شباب أحياء طهران، في إعلانها رقم 9، دعوة للتجمع «من الساعة 12 ظهرا حتى الفجر في جميع الساحات والشوارع الرئيسية» بالعاصمة وفي عدة مدن.

كما واصلت مجموعة من طلاب جامعة «تربيت مدرس» مواكبة الاحتجاجات بنشر بيان، جاء فيه: «لا يمكننا أن نكون أعضاء في الجامعة ونرى القمع الواسع والقتل الوحشي لزملائنا ونعود إلى الفصول الدراسية في صمت. نحن نعلن بصوت عال أننا نقف إلى جانب الشعب، وندين هذه المواجهات الدموية والعنيفة».

قمع وازدواجية

وفي وقت تسعى السلطات لشق صف الحراك الشعبي عبر اعتماد معايير مزدوجة للتعاطي مع التظاهرات بحسب المناطق، شددت السلطات الأمنية حملة قمعها بالذخيرة الحية، في المناطق الكردية بمحافظة كردستان التي انطلقت منها شرارة الحراك الشعبي عقب دفن الفتاة مهسا أميني التي توفيت بعد احتجازها من قبل شرطة الآداب بسبب مخالفتها قواعد ارتداء الحجاب الإلزامي منتصف سبتمبر الماضي.

في المقابل، صرح المتحدث باسم الحكومة علي بهادري جهرمي إلى توصية رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي بـ«توفير مساحة للتعبير عن الاحتجاجات العامة»، مضيفا: «الحكومة توافق على تنظيم تجمعات قانونية ووزير الداخلية ملزم بتقديم اقتراحات لتنظيم التجمعات».

وقال جهرمي إن «الإجراءات المتخذة خلال هذه الأيام أظهرت أن الأعداء يستغلون أي موقع لمهاجمة البلاد»، متابعا: «هناك قنوات معادية تقوم بالترويج للإرهاب بدلا من تقديم أخبار دقيقة، وهذه القنوات مدعومة من دول لا تجرؤ على نشر أخبار تتعلق بصراعات فيها».

وفي إشارة إلى اعتقال المتظاهرين، اتهمت صحيفة إيران، التابعة للحكومة، المواطنين الذين يكتبون شعارات مناهضة للنظام بأنهم يتلقون أموالا «بين 150 و300 ألف تومان» عن كل ليلة من الاحتجاجات.

تحذير حقوقي

في غضون ذلك، حذرت منظمة العفو الدولية من «الأبعاد الواسعة للقمع المستمر» للمتظاهرين في سنندج، عاصمة كردستان، وأعلنت أن التقارير الواردة تشير إلى أن قوات الأمن تستخدم الأسلحة النارية وتطلق الغاز المسيل للدموع بشكل متكرر.

وأضافت المنظمة أن «سلطات الجمهورية الإسلامية تواصل قطع الإنترنت وشبكات الهاتف المحمول لإخفاء جرائمها»، ودعت دول العالم إلى أن ترفع اعتراضاتها على الفور إلی سفراء إيران، وتطلب منهم الإنهاء الفوري لقمع هذه الجرائم واحترام الحق في حرية التظاهر.

سفير ورهائن

من جهة أخرى، استدعت وزارة الخارجية الإيرانية السفير البريطاني سايمون شركليف للاحتجاج على فرض المملكة المتحدة «عقوبات أحادية» على شرطة الآداب الإيرانية على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني.

وأعلنت الخارجية أنه تم إبلاغ السفير «احتجاج طهران الشديد على بريطانيا لتدخلها في الشؤون الداخلية الإيرانية، وتم التنديد بهذه الممارسات التدخلية بشدة».

من جهة ثانية، أعلنت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا، أمس، أن 5 فرنسيين بالمجموع محتجزون حاليا في إيران، بعدما كانت باريس لا تعترف إلا بأربعة أشخاص.

وقالت كولونا: «سأتحدث بعد ظهر اليوم مع وزير الخارجية الإيراني حسين عبداللهيان، لمطالبته مجددا بالإفراج الفوري عن جميع مواطنينا المحتجزين». وانتقدت باريس إيران بسبب «ممارساتها الدكتاتورية» واحتجاز اثنين من مواطنيها رهينتين، بعدما نشرت طهران مقطع فيديو الخميس الماضي يعترفان فيه بالتجسس.

تسريع التخصيب

على صعيد منفصل، أظهر تقرير سري للوكالة الدولية للطاقة الذرية، التابعة للأمم المتحدة، اطلعت عليه «رويترز»، أن إيران تمضي في طريقها في توسع مزمع في تخصيب اليورانيوم، باستخدام أجهزة طرد مركزي متطورة في منشأة تحت الأرض في نطنز، وتعتزم الآن المضي قدما بصورة أكبر.