بعد يومٍ من القصف الصاروخي الروسي واسع النطاق الذي نفّذته ضد جارتها وأسفر عن سقوط 19 قتيلاً وعشرات الجرحى من المدنيين، استهدف قصف جديد، أمس، منشآت الطاقة في مناطق عدة بينها كييف ولفيف في غرب أوكرانيا قرب الحدود البولندية، مما تسبب في أضرار جسيمة.

وأعلن حاكم منطقة لفيف ماكسيم كوزتسكي: «وقعت 3 انفجارات في منشأتين للطاقة في لفيف»، بينما أفاد رئيس البلدية أندريه سادوفيي بأن الكهرباء انقطعت عن جزء من المدينة الرئيسية في المنطقة وتدعى لفيف أيضا.

Ad

وشهدت ضواحي كييف عدة انفجارات، حيث عملت منظومة الدفاع الجوي.

وقال حاكم منطقة دنيبروبيتروفسك في وسط أوكرانيا فالنتين ريزنيتشينكو: «أطلق الروس صواريخ على منشآت الطاقة في قطاعَي بافلوغراد وكاميان: هناك دمار جسيم»، لافتًا إلى أن «العديد من القرى من دون كهرباء».

وأفادت القيادة الجنوبية للجيش الأوكراني بأن القوات الروسية أطلقت 16 صاروخًا على منطقتَي ميكولايف وأوديسا الجنوبيتين، كما أرسلت طائرتين انتحاريتين من دون طيار، مما ألحق أضرارًا بالبنية التحتية لمنشآت الطاقة».

وكانت صفارات الإنذار قد أطلقت في عدد من مناطق البلاد، صباح أمس، وسط أنباء عن انفجارات جديدة في كريمنشوك وبولتافا وسومي وكيروفوغراد.

وقالت الطوارئ الأوكرانية إن أكثر من 300 منطقة سكنية في 5 مناطق بأوكرانيا لا تزال من دون كهرباء، ودعت الحكومة الأوكرانية، أمس، السكان إلى الحد من استهلاك الكهرباء في أعقاب الضربات الروسية.

مسيّرات إيرانية

وبينما أكد منسق الاتصالات بمجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استخدم مسيّرات إيرانية الصنع بسبب نقص المسيّرات الروسية، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها «واصلت ضرباتها الواسعة بأسلحة عالية الدقة وبعيدة المدى ضد منشآت القيادة العسكرية ومنشآت الطاقة الأوكرانية»، مشيرة إلى أن «جميع الأهداف المحددة تم استهدافها».

جرائم حرب

ومع استمرار ردود الفعل العالمية المندّدة بالرد الانتقامي الروسي على تفجير جسر القرم، أعلنت الأمم المتحدة، أمس، أن القصف الروسي على مناطق أوكرانية «قد يمثّل انتهاكًا» لقانون الحرب وجرائم حرب، إذا تبيّن أن الأهداف المدنية استُهدفت عمدًا.

كما وصفت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا الهجمات الروسية بأنها «إرهاب» ضد السكان المدنيين.

من ناحيته، اعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) الضربات الروسية الكثيفة على أوكرانيا «دليل ضعف».

موضوع مصطنع

في غضون ذلك، دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لعدم تضخيم موضوع التهديد النووي بشكل مصطنع.

وقال في مقابلة تلفزيونية، أمس: «نصيحتي لكل من الأميركيين وأتباعهم، الذين يتكهّنون باستمرار بشأن موضوع الحرب النووية والذين يشاركون في مثل هذا التأجيج، أن يتحلّوا بأكبر قدر من المسؤولية في تصريحاتهم العلنية».

كما أكد أن بلاده منفتحة على المحادثات مع الغرب بشأن حرب أوكرانيا، لكنها لم تتلقّ بعد أي اقتراح جاد للتفاوض.

وأضاف أن «مسؤولين، منهم المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، قالوا إن الولايات المتحدة منفتحة على المحادثات، لكن روسيا رفضت، هذا كذب... لم نتلقّ أي عروض جادة لإجراء اتصال».

وأضاف أن روسيا لن ترفض اجتماعا بين الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس جو بايدن خلال اجتماع قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها بإندونيسيا في 15 و16 الشهر المقبل، وستنظر في أي اقتراح يصلها بهذا الصدد.

وأكدت وزيرة الخارجية في إندونيسيا ريتنو مارسودي، أن الرئيسين الروسي والأوكراني فولوديمير زيلينسكي سيشاركان في قمة العشرين.

وتعليقا على احتمال أن تستضيف تركيا محادثات بين روسيا والغرب، قال لافروف إن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ستُتاح له الفرصة لتقديم مقترحات إلى بوتين عندما يزور كلاهما كازاخستان غدا.

وقال المتحدث باسم «الكرملين» دميتري بيسكوف، إن بوتين سيلتقي إردوغان غداً لبحث ملف الحرب في أوكرانيا والعلاقات الثنائية.

لا حوار دون روسيا

بدوره، دعا وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الغرب إلى الحوار مع روسيا، وأكد أنه من دون الحوار مع روسيا، من المستحيل التوصل إلى وقف لإطلاق النار، مشدداً على أن رفض الحوار مع روسيا ليس في مصلحة أي من الأطراف، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي.

دور كبير للإمارات

من ناحية أخرى، استقبل الرئيس الروسي، أمس، نظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد، الذي أكد أن بلاده ستعمل على مضاعفة التعاون مع روسيا في السنوات المقبلة.

بدوره، وصف الرئيس الروسي، دور الإمارات في المنطقة بأنه «كبير». وأضاف: «الاتصالات مع الإمارات تتطور، وتشكّل عاملا مهما في استقرار المنطقة والعالم»، مشيرا إلى أنه ناقش مع بن زايد «مجريات الأحداث بمحطة زابوريجيا النووية».

وكان المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، أنور قرقاش، قال إن زيارة بن زايد لروسيا «مجدولة مسبقا في إطار العلاقات الثنائية»، مشيراً إلى أنها تأتي «ضمن خياراتنا السيادية المستقلة، ورغم ذلك فإن ما تشهده الحرب في أوكرانيا من تصعيد يتطلب حلاً عاجلاً عبر الدبلوماسية والحوار واحترام قواعد ومبادئ القانون الدولي».

لا تهديد بالنووي

وتزامنا، قال السفير الروسي لدى واشنطن، أناتولي أنتونوف، إن الولايات المتحدة وحلفاءها يخاطرون بـ «الاقتراب من الخط الأحمر»، من خلال تزويد أوكرانيا بالأسلحة، داعياً «الولايات المتحدة وحلفاءها إلى عدم تجاوز الخط الأحمر، الذي يقتربون منه».

جاء حديث السفير الروسي تعليقا على بيان البيت الأبيض، الذي نقل تصريحات للرئيس الأميركي، جو بايدن، أكد فيها خلال اتصاله مساء أمس الأول بالرئيس الأوكراني زيلينسكي، تعهّد واشنطن بمواصلة تزويد أوكرانيا بالدعم اللازم للدفاع عن نفسها، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة.

هدف دفاعي

وغداة إعلان الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، (حليف بوتين)، أن بلاده وروسيا ستنشران قوات مشتركة، من دون أن يحدّد موقع نشرها، أكد وزير الدفاع البيلاروسي فيكتور خرينين، أمس، أن القوة العسكرية المشتركة هدفها «دفاعي محض وجميع الأنشطة التي تجري حاليا هدفها توفير رد كافٍ على التحركات قُرب حدودنا».

وأثار انتشار هذه القوات مخاوف من أن تنضم القوات البيلاروسية إلى القوات الروسية في مهمتها المتعثرة للاستيلاء على الأراضي في شرق أوكرانيا والسيطرة عليها.

وفي سياق متصل، قال رئيس لجنة أمن الدولة (الاستخبارات) في بيلاروسيا، إيفان ترتيل: «إذا نفذت السلطات الروسية عملية التعبئة الجزئية بشكل جيد، وقامت بتزويد العسكريين المنخرطين فيها بالوسائل التقنية والأسلحة المتقدمة، فستدخل الأعمال القتالية في مرحلة أساسية، وستكون نقطة التحول الجذري في الفترة ما بين نوفمبر من هذا العام وفبراير المقبل».

تغييرات بحلول الشتاء

«تحليل» ترتيل، عارضه الجنرال الأميركي المتقاعد مارك هيرتلينغ، الذي اعتبر إن الجبهة في اوكرانيا ستشهد تغييرات مع حلول الشتاء، لكنه توقّع المزيد من الخسائر لروسيا في الأشهر المقبلة، وأن تحافظ القوات الأوكرانية على زخمها.

وإذ لفت الى أنه من المرجح أن «نشهد أكثر من أي وقت مضى المزيد من الضربات المدفعية والصاروخية الروسية على مناطق مدنية»، أشار هيرتلينغ الى «محاولة من قبل روسيا لدمج جنود التعبئة»، مضيفاً: «هناك عدد كبير من الأشخاص الذين يهربون من البلاد، أكثر من الأشخاص الذين ينتقلون ويسيرون إلى محطات التعبئة».