بالتزامن مع تواصل الاحتجاجات الشعبية في إيران لليوم الـ 22 على التوالي، اخترق قراصنة يدعمون موجة الاحتجاجات التي تقودها الإيرانيات بثاً إخبارياً مباشراً للتلفزيون الحكومي، ووضعوا إشارة تصويب وألسنة لهب على وجه المرشد علي خامنئي.

وكتب النشطاء على الشاشة عند الساعة التاسعة مساء بالتوقيت المحلي، ليل السبت ـ الأحد، رسالة مفادها «أيديكم ملطخة بدماء الشباب». كما بثوا رسالة تحض خامنئي على إخلاء مكتبه في طهران والفرار من البلاد، مفادها: «حان الوقت لجمع أغراضك من شارع باستير والعثور على مكان آخر لعائلتك خارج إيران».

Ad

في حين أمكن رؤية مذيع الأخبار وهو يتحرك قلقاً في مقعده بعد انتهاء الاختراق، وقد تحول رد فعله إلى موضوع تهكم واسع النطاق على وسائل التواصل الاجتماعي، رغم تشديد طهران القيود على الإنترنت أخيراً. وجرى الاختراق أثناء نقل التلفزيون الرسمي لقطات للقاء خامنئي بمسؤولين في الدولة.

وأظهرت الصور التي بُثّت لعدد من الثواني صوراً بالأبيض والأسود، للشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني، 22 عاماً، التي أشعلت وفاتها بعد توقيفها من شرطة الآداب موجة الاحتجاجات. كما أظهرت الصور 3 نساء أخريات لقين حتفهن خلال أكثر من 3 أسابيع من الاضطرابات والقمع الأمني، وانتشرت مشاهد الاختراق بشكل واسع على وسائل الإعلام الفارسية والمنظمات الحقوقية الموجودة خارج إيران، ومواقع التواصل.

وتبنّت جماعة «عدالة علي» مسؤوليتها عن الاختراق، داعية كل المواطنين إلى الانضمام إلى الاحتجاجات، وناشرة شعاراً في الزاوية اليمنى العليا مفاده: «انضموا إلينا وانتفضوا».

وأكد مصدر في مؤسسة الاذاعة والتلفزيون الايراني ان جهاز أمن هذه المؤسسة بدأ على الفور تحقيقات موسعة عن منفذي الاختراق، مضيفاً أن انظمة العمل في التلفزيون غير موصولة بأي شكل بشبكة الانترنت، وعملياً من قام بنشر هذا المقطع كان أحد موظفي المؤسسة.

وأضاف المصدر أن وزارة الامن اعتقلت 30 موظفاً، واقتحم مفتشوها منازل هؤلاء وصادروا أجهزتهم الالكترونية وكل ما امكن العثور عليه من مستندات في محاولة للعثور على الفاعل.

وأضاف المصدر ان المدعي العام الثوري للبلاد اصدر قرارا يمنع بموجبه كل الموظفين المرتبطين بشبكة الاخبار في مؤسسة الاذاعة والتلفزيون وعائلاتهم الخروج من البلاد حتى إشعار آخر. ويصل عدد الموظفين في هذا القسم الى ما يزيد على الـ 1200 ويعتبرون من أشد الموالين للنظام.

في هذه الأثناء، استمرت الاحتجاجات، في أنحاء إيران رغم حملة القمع الشرسة التي تشنها السلطات. وأغلق المحتجون الشوارع بإشعال النار في الطريق في أكثر من مكان ومن بينها مدينة شيراز. وكذلك سنندج غربي إيران التي فر فيها رجال الأمن أمام المتظاهرين. في الوقت الذي تظاهر فيه سكان حي «لاله زار» بالعاصمة طهران.

وأظهر مقطع فيديو إضرام النار في نقطة تفتيش تابعة لقوات الشرطة في العاصمة. وهو الأمر الذي تكرر أكثر من مرة حتى ان الشرطة في طهران نقلت نقاط التفتيش من أماكنها في الشوارع ليل السبت ـ الأحد.

وتحول الوضع في مدينة سنندج الواقعة في منطقة ذات أغلبية كردية إلى ما يشبه «قنبلة موقوتة» بعد إعلان السلطات مقتل أحد عناصر «الباسيج» خلال الاحتجاجات.

وأفادت منظمة «حقوق الإنسان في إيران»، ومقرها النرويج، بأن «185 على الأقل، بينهم ما لا يقل عن 19 طفلا، قتلوا في الاحتجاجات على مستوى البلاد. وأظهرت مقاطع فيديو تواصل الاحتجاجات في عشرات المدن في أنحاء إيران، أمس، مع مشاركة مئات من طالبات المدارس الثانوية وطلاب الجامعات رغم استخدام قوات الأمن للغاز المسيل للدموع والهراوات والذخيرة الحية في كثير من الحالات. وأفادت بعض المنشورات بأن متاجر أغلقت أبوابها في عدة مدن بعد دعوة من نشطاء إلى إضراب جماعي.

وذكرت الرئاسة الإيرانية، أمس، أن الرئيس إبراهيم رئيسي، ورئيس البرلمان محمد باقري قاليباف، ورئيس السلطة القضائية غلام حسين إجئي، شاركوا في الاجتماع.

وبحسب بيان مشترك صادر عن رئاسة الجمهورية، دعا المشاركون في الاجتماع إلى الحفاظ على الوحدة الوطنية، والوقوف ضد المؤامرات المعادية من أعداء النظام الإسلامي.

وأكد مصدر في مكتب الرئيس الإيراني، أن الأخير وقع صباح أمس على قرار بقطع الدعم الحكومي المالي الشهري عن كل من يشارك في الاحتجاجات وعائلاتهم بدءا من الشهر الايراني الجاري. وتقوم الحكومة الايرانية بدفع نحو عشرة دولارات شهريا عن كل شخص في العائلة لرب العائلة كتعويض عن رفع الدعم الحكومي عن السلع مع بداية العام الايراني الحالي.

ومع اتساع دائرة الغضب الشعبي علمت»الجريدة«من مصدر إيراني مطلع، أن الشرطة لجأت إلى سياسة جديدة من نوعها لاحتواء الاحتجاجات، ففي بعض المناطق خصوصا في المدن الكبرى حيث الغالبية الفارسية ستحاول الشرطة مرافقة التظاهرات وتنظيم خط سيرها بدلا من التصادم معها، وسمحت للمحتجين بإطلاق الشعارات حتى ضد النظام والمرشد، ولم تتعرض لفتيات خلعن حجابهن شريطة الحفاظ على سلمية الاحتجاجات، في مقابل سياسة حازمة في مناطق الأقليات العرقية.

وأكد مصدر في قيادة الشرطة بأن الجهاز القضائي اصدر الاذن للشرطة باستخدام الرصاص الحي ضد من يقوم بكتابة الشعارات او تركيب اليافطات او يهاجم الشرطة والقوات الامنية اضافة الى من يقوم بالتصوير، في حال عجزت قوات الامن عن توقيفه. وقال المصدر ان جهاز امن الشرطة الايرانية بدأ باستخدام درونات (طائرات دون طيار) صغيرة محلية الصنع لملاحقة المحتجين.

وهدد مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، مجيد مير أحمدي، بأنه»من الآن فصاعدا لن يتم الإفراج عن المعتقلين حتى تتم محاكمتهم، وستتم المحاكمات بسرعة، وستصدر بحقهم أحكام حازمة ورادعة«.

من جانب آخر، ذكر مصدر إيراني مطلع، أن ضربات»الحرس الثوري«الإيراني على قوات المناطق التي تنتشر بها فصائل كردية انفصالية في إقليم كردستان العراق توقفت»بعد تدمير الأهداف المحددة سلفاً«، مضيفا أن استئناف الضربات سيعتمد على»السلوك المستقبلي» لسلطات الإقليم، في إشارة الى مطلب ايران بإبعاد المجموعات الإيرانية الكردية المعارضة من الإقليم.

طهران - فرزاد قاسمي