خرج المرشد الإيراني علي خامنئي عن حالة الصمت التي التزمها تجاه الاحتجاجات المتواصلة في عموم البلاد منذ منتصف سبتمبر الماضي، بعد مقتل شابة كردية تدعى مهسا أميني عقب احتجازها من شرطة الآداب بسبب مخالفتها قواعد الحجاب الإلزامي، متهماً الولايات المتحدة وإسرائيل بتدبير الانتفاضة الشعبية و»إثارة الشغب والاضطرابات».

وقال خامنئي، في تصريحات خلال حضوره مراسم تخرج طلاب أكاديمية عسكرية في طهران، أمس، إن «بعض الناس تسببوا في انعدام الأمن في الشوارع» مضيفاً «الاحتجاجات على وفاة مهسا بعدما احتجزتها شرطة الأخلاق كانت مخططة ولم ينظمها إيرانيون عاديون».

Ad

قائلاً، إن موت آميني «أحرق قلبي» وتابع: «أقول بوضوح إن أعمال الشغب هذه والاضطرابات تم التخطيط لها من الولايات المتحدة والنظام الصهيوني الغاصب والمزيّف، ومأجوريهم وبعض الإيرانيين الخائنين في الخارج ساعدوهم».

وأعرب عن دعمه القوي لقوات الأمن، قائلاً، إنهم واجهوا إجحافاً خلال الاحتجاجات.

وعن الاضطرابات في المناطق التي تسكنها الأقلية الكردية بغرب إيران والأقلية البلوشية بشرق البلاد التي شهدت مواجهات مسلحة واضطرابات دامية أودت بحياة العشرات، رأى خامنئي أن «العدو مخطئ في حساباته حول الشمال الغربي والجنوب الشرقي من البلاد»، مشيراً إلى أن «أميركا ليست فقط ضد الجمهورية الإسلامية، ولكن ضد إيران القوية والمستقلة». في موازاة ذلك، كتبت صحيفة «إيران» الحكومية، إن وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون هي غرفة إدارة الشغب في إيران».

احتجاجات الجامعات

وجاء أول تعليق من خامنئي في وقت اجتاحت التظاهرات، جامعات عدة في البلاد من بينها شريف وأصفهان وشيراز وتبريز ومشهد و الزهراء وخوازمي، فيما شهدت العاصمة طهران مواجهات بين محتجين وقوات الشرطة.

كما شهدت جامعات «أمير كبير» و «علم وصنعت» و «طهران» و «العلوم والتحقيقات» وكلية الطب والصيدلة للجامعة الحرة في مدينة طهران احتجاجات.

واشتبكت قوات الأمن ليل الأحد ـ الاثنين مع طلاب «شريف للتكنولوجيا» وهي واحدة من أبرز الجامعات في طهران.

وتنامى القلق حول العنف في جامعة شريف، حيث أفادت تقارير بأن شرطة الشغب واجهت خلال الليلة الماضية المئات من الطلاب المحتجين باستخدام الغاز المسيل للدموع والكرات الملونة وكان أفرادها يحملون أسلحة تطلق كرات معدنية غير قاتلة.

وقررت إدارة الجامعة تعليق الدراسة وتحويلها إلى نظام الدراسة عن بُعد عبر الإنترنت، بعد أن فشلت في عقد لقاء دعت له الوزير محمد علي زلفيغول للحديث إلى الطلاب بهدف تهدئة الأوضاع.

في المقابل، طالب المجلس التنسيقي لنقابات المعلمين الإيرانيين، في بيان، الطلاب بالامتناع عن حضور الصفوف الدراسية، وأعلن عن دعمه وتضامنه القوي مع الاحتجاجات العامة والإضرابات.

ودعا المجلس التنسيقي لنقابات المعلمين الإيرانيين العسكريين «لأداء واجبهم الأساسي، وهو حماية أرواح المواطنين وسلامتهم، والوقوف إلى جانب المحتجين والباحثين عن العدالة، والانفصال عن الظالمین والآمرين بالقمع حتى لا يخجلوا في المستقبل القريب أمام ضميرهم ومحكمة الشعب».

وطالب المجلس الطلاب بالإضراب عن الدراسة اليوم، قبيل يوم المعلم العالمي، و»إظهار تضامنهم مع جميع المتظاهرين ضد الظلم».

عقوبات أوروبية

في هذه الأثناء، قدّمت ألمانيا وفرنسا والدنمارك وإسبانيا وإيطاليا وجمهورية التشيك، مقترحات لفرض عقوبات جديدة من الاتحاد الأوروبي على إيران بسبب قمعها الاحتجاجات المتعلقة بحقوق المرأة بحسب تقرير ألماني نشر أمس. ونقل التقرير عن مصادر أن العقوبات المقترحة تستهدف 16 شخصاً ومنظمة ومؤسسة مسؤولة عن قمع الاحتجاجات. ويتوقع أن يبت في المقترح 17 أكتوبر الجاري، مع عدم توقع أي مقاومة من الأعضاء الآخرين في الاتحاد الأوروبي.

النووي والسعودية

إلى ذلك، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، أن الفرصة لإحياء الاتفاق النووي ما زالت متاحة، لكنه رمى الكرة في الملعب الأميركي، مشيراً إلى أن واشنطن «إذا ما أبدت إرادة سياسية، يمكن التوصل لاتفاق في أقصر وقت ممكن»، مع التأكيد أنه «لن يكون هناك اتفاق في ظل التهديد والعقوبات». وأضاف كنعاني، أن المفاوضات النووية مستمرة بصيغة تبادل الرسائل مع منسق الاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية دول جارة.

وجاء ذلك في وقت نفت الولايات المتحدة، تقارير إيرانية تفيد بأن إطلاق طهران سراح أميركيَين محتجزين سيؤدي إلى الإفراج عن 7 مليارات دولار مجمدة بسبب العقوبات في كوريا الجنوبية.

من جانب آخر، لفت المتحدث الإيراني إلى أن بلاده لم تقرر بعد مصير الجولة السادسة من المفاوضات مع السعودية، موضحاً أن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في الجولات السابقة سيمهد الطريق للجولة المقبلة.

ورداً على سؤال حول جهود مزعومة تقوم بها الرياض ضد طهران قال كنعاني: «بشأن نشاطات قناة إيران إنترناشيونال المعارضة المدعومة سعودياً، نحن لا نعتبرها جهة إعلامية، وهناك مسؤولية للإعلام المهني والمستقل للتعامل مع هكذا نشاطات غير مهنية»، معتبراً أن القناة المعارضة «تحولت إلى مراكز لتلفيق الأكاذيب وعمليات التحريض على أعمال العنف والتخريب والهجوم على المواقع الحكومية وزعزعة الأمن».

وشدد على أنه «لا يمكن القبول بأعمال هذه الجهات، نظراً إلى قوانين الدول المضيفة لها والقوانين الدولية».

وتابع كنعاني: «حذرنا الدول التي تستضيف هذه القنوات والدول التي تدعمها بأن إيران سوف تستخدم إمكانياتها القانونية والسياسية ضد أعمال هذه الجهات، وهي أعمال إرهابية وليست إعلامية».