انتهت الانتخابات، وأياً كانت النتائج التي تلت المعركة أو العرس، أسموها براحتكم، كل حسب اهتماماته وعقده، إلا أن المفترض بالانتخابات والسياسة عموماً ألا تنسينا الحياة الحقيقية بكل مجرياتها ومباهجها وألوانها.

فالناس تتسلى بالسياسة في بلد يخلو من التسليات الأخرى، إلى أن طغت التسلية السياسية تلك على كل ما عداها، حتى أصبح النواب والسياسيون وأنصافهم مع الوقت والتكرار نجوم المجتمع بعد انطفاء بقية الأضواء، بينما تجد من النادر مثلاً أن يعرف المواطن الأميركي أسماء بضعة نواب في الكونجرس، لكنه يخبرك عن العشرات من الفنانين والرياضيين، ومستر بين مشهور لدى الإنكليز أكثر من كل أعضاء مجلس اللوردات، وذكرى وحيد سيف لا تزال خالدة، ولا أحد يتذكر حافظ بدوي، فالساسة والنواب والسيناتورات مثل الفلوس يروحون ويجون، أما الفنانون واللاعبون والمطربون وغيرهم من المبدعين هم الأهم، ويؤثرون عليهم وعلى قراراتهم لا العكس، إلا هنا.

Ad

لو كان الساسة لدينا يسمعون ويعقلون الفن لربما تأثروا بشكل غير مباشر، واستفادوا بما يعوضهم عن الكثير من الكتب والدراسات والتقارير السياسية والتاريخية التي لن يقرأوها، فإن أفلسوا من العلم فعلى الأقل يتلقطوا الحكمة، وهي ضالة المؤمن من الفن الحقيقي، فما بالك إذا ما اجتمع حسين المحضار مع أبوبكر سالم لتكون ثالثتهما بلا شك، فيلخصان بكلام أحدهما وحنجرة الآخر أطباع البشر ونفسياتهم وتقلباتهم بأغنية واحدة، قد تغني البعض عن قراءة كتابي فن الحرب والأمير، وعدة بحوث في علم النفس السياسي والاجتماعي، فيقولان في بعض منها:

لا تواجهم بشي عنك يقولونه

لا تعاملهم بشده دوب وليونه

كون بين البين

وخذ ما جاك من هذا وذاك

مشكله في الناس

إن راضيتهم عادوك

وان عاديتهم طلبوا رضاك!

من كلام الناس

يا ما ناس مفتونه

حد يحطونه وحد قدهم يشلونه

قد بلغ لا وين ليهم يرفعونه للسماك

مشكلة في الناس

إن راضيتهم عادوك

وإن عاديتهم طلبوا رضاك!

ظهرت النتائج، وإن كان الوقت قد لا يسمح بالقليل من المطالعة، ومراجعة النفس، ونقد الذات قبل بدء الجلسات، فبالفن والأغاني أحياناً ذات الخلاصة والدروس السريعة والمختصرة، وفوقها المتعة والطرب لو كنتم تنصتون، وقبل أن ينحرف بنا مجرى الأمور من عملية تصحيح المسار إلى تحويله لا سمح الله.

فهد البسام