انطلاقا من المغزى الدلالي والنفسي المؤثر للألوان تنبه الكثيرون من المرشحين لانتخابات مجلس الأمة 2022 المقررة 29 الجاري في حملاتهم إلى أهمية الألوان، وحرصوا على اختيارها بعناية ضمن عناصر تحديد هويتهم الانتخابية ولغتهم البصرية في إعلاناتهم الترويجية.

فلكل لون رمزية ومعنى وتأثير في النفس، وله مكانه في اللغة البصرية، ومعلوم أن الذاكرة البشرية باختلاف الثقافات والحضارات عبر التاريخ ارتبطت بالألوان ضمن أحداث وحقب زمنية، إذ مثل اللون عنصرا تعريفيا ونقطة علام دلالية أشبه بالاسم أو الهوية، علاوة على تأثيره النفسي على الآخرين، فلكل لون ذبذباته الخاصة المؤثرة والمتأثرة.

Ad

وقالت دكتورة الفلسفة في النقد التشكيلي وممارسة الطب اللوني ريهام الرغيب لـ «كونا» إن الشارع الكويتي ووسائل التواصل الاجتماعي تغص حاليا بالإعلانات الخاصة بمرشحي مجلس الأمة، مضيفة أن الإعلانات عبارة عن صورة تتشكل من مجموعة لونية خاصة يتم اختيارها من المرشح بحسب أهداف ورغبات معينة.

وأوضحت الرغيب أن هذه الإعلانات تستخدم ألوانا ودرجات معينة منها، وقد يكون الهدف من اختيار اللون أن يعكس انتماء المرشح لمجموعة أو تيار، وأيضا قد يتم اختيار ألوان أخرى لها دلالات أو أهداف أخرى.

وذكرت أن اللون الأزرق هو المكتسح في إعلانات المرشحين ويرجح اختياره لسببين: الأول لأن أغلب المرشحين من فئة الذكور، وقد ارتبط هذا اللون بالذكر وهو محبب له منذ الصغر، أما السبب الثاني لاختيار الأزرق بدرجاته فيعود لما يحمله هذا اللون من دلالات مهمة يريد أن يعكسها المرشح للناخبين، فالأزرق حسب الأبحاث والدراسات يبعث على الراحة النفسية، ويعزز مشاعر التسامح والتشافي والهدوء، مؤكدة أنه من المهم أن يرتاح الناخب نفسيا للمرشح.

وفي معرض إشارتها إلى اختيار بعض المرشحين للون الأحمر في إعلاناتهم أفادت بأنه من الألوان القوية اللافتة للعين، وربما يدل اختيار هذا اللون على رغبة صاحب هذا الإعلان في أن يعكس مفاهيم ومعاني القوة والشجاعة وخصوصيته المميزة في حواراته وطرحه وأهدافه.

وعن بقية الألوان قالت الرغيب إن البرتقالي يعكس الإبداع، والأصفر يدل على السعادة والسرور والتفاؤل والتجديد، أما الرمادي فهو لون محايد، والأبيض موجود في أغلب الإعلانات، بينما اقتصر اللون الأسود على الكتابة.

من جانبها، قالت المرشدة النفسية والمعالجة بالألوان ومدربة تحليل الشخصيات سهير المفيدي لـ «كونا» إن الألوان من الناحية العلمية والفيزيائية هي طاقة كهرومغناطيسية تأتينا من الشمس، وهذه الألوان تصل إلى الإنسان على شكل رسائل عصبية إلى مجسات معينة في المخ يتولى ترجمتها إلى رسائل.

وأضافت المفيدي أن للألوان تأثيرا على الإنسان لأنها رسائل عصبية تعطي ذبذبات وترددات، مبينة أن الألوان الحارة كالأحمر والبرتقالي والأصفر ترددها صغير وسريع، فانعكاسها يكون أكبر وتكون لافتة للعين، أما الألوان الباردة مثل البنفسجي والأزرق فتكون تردداتها طويلة وبطيئة بالتالي انعكاسها يكون صغيرا وتكون مريحة للعين.

ومن الناحية النفسية، أوضحت أن الألوان لها تأثير على الإنسان، فعند تعرض الانسان لأي موقف سواء محزن او مفرح ويكون هناك لون معين تراه عيناه وقت تعرضه لهذه المشاعر فذاكرته حتما ستربط هذا اللون بتلك المشاعر، ويرتبط باللاوعي لديه.

وذكرت أن الإنسان الذي يختار الالوان الحارة بشكل عام هو انسان يحب لفت الانتباه إليه، أما من يختار الألوان الباردة فهو لديه روح جميلة ويبحث عن الهدوء والسلام والأمان النفسي، وبالتالي يعكسه على الناس.

وقالت المفيدي إن من يستخدم اللون الأسود مؤطر بالذهبي فهو إنسان يحب السلطة والفخامة، وأن يكون منظره متميزا، أما الأسود المؤطر باللون الفضي فهو شخص يحب الفخامة، إضافة إلى أنه اجتماعي ويحب تكوين الصداقات.

من ناحيته، قال أستاذ علم النفس الإرشادي في جامعة الكويت الدكتور صالح السعيدي في تصريح مماثل لـ«كونا» إن اختيار الألوان في إعلانات المرشحين له بعدان؛ الأول خاص بانتماء المرشح لتيار أو جماعة معينة، والبعد الثاني هو تأثير اللون على الناخب من ناحية أريحية اللون أو مدى لفته للانظار، مبينا ان اللون الأزرق له أثر كبير على الناخب في تقبل المرشح؛ لأنه لون مريح للعين ودلالته جميلة.

بدوره، قال عبدالله الفضلي، وهو أحد الشركاء في شركة (كي بي زد) للدعاية والإعلان، إن المرشحين هم غالبا من يختارون الألوان في إعلاناتهم مع إمكانية إضافة اقتراحات من شركة الدعاية والإعلان لألوان معينة، مبينا أن العديد من المرشحين يستمدون الألوان من علم الكويت كالأبيض والأحمر والأسود والأخضر.

وبين الفضلي أن اللون الأزرق محبب بكثرة، وله دلالة على لون جواز السفر الكويتي أو الثقافة البحرية، وكذلك هناك اللون الأحمر يتم اختياره بكثرة، وأيضا اللون البرتقالي الذي كان له حضور في فترة من الفترات سابقا، ويعكس توجها معينا، مؤكدا أن المرشحين غالبا ما يميلون لاختيار الالوان التقليدية بعيدا عن الخروج عن المألوف او اعجابا بإحدى الحملات الانتخابية لمرشح آخر.

ولفت إلى ضرورة ألا يختلف اللون المستخدم في إعلانات الشوارع عن مواقع التواصل الاجتماعي لكي يتم تثبيت الحملة الإعلامية للمرشح من الناخبين، وأيضا في علم الهوية البصرية، مبينا أنه من الخطأ استخدام ألوان لا تندرج في الهوية البصرية لكي لا يتم تشتيت الناس، وتصبح الحملة بلا هوية محددة، ومن المسموح استخدام أكثر من لون مختلف بشرط أن تكون الألوان موجودة في الهوية البصرية من الأساس.

وقال إنه وسط انتشار وسائل التواصل الاجتماعي أصبح للناس وعي كبير في مجال الهوية البصرية ولديهم القدرة في مواكبة الهويات البصرية الحديثة وتمييزها عن السابق، وباتوا يميلون إلى البساطة في التصاميم على عكس السنوات الماضية.

من جانبه، قال مدير التسويق في شركة (لاين) للدعاية والإعلان عباس مندني لـ «كونا» إن اختيار اللون هو من أهم الأجزاء في نجاح عملية التسويق وكذلك الدعاية والإعلان، مبينا أن هناك مرشحين يستخدمون ألوانا محددة وثابتة لا تتغير مع التغيرات السياسية، وتدل تلك الألوان على شعارهم الانتخابي ومبادئهم.

وأشار مندني إلى أن النظرة العامة للمجتمع في هذه الانتخابات نظرة متفائلة لمستقبل الكويت، مبينا ان شركات الدعاية والإعلان تستخدم ألوانا تدل على هذا التفاؤل في إعلانات المرشحين الحالية.