في ظل المكاسب العسكرية المفاجئة التي بدأت أوكرانيا تحققها في معركتها مع روسيا وزيادة الضغوط على موسكو داخلياً وخارجياً لإنهاء تلك الحرب، يتساءل الكثيرون: هل يلجأ الرئيس فلاديمير بوتين إلى الأسلحة غير التقليدية لإنهاء تلك الحرب بشكل يحفظ ماء الوجه؟.

في هذا الإطار يقول الكاتب والمحلل الألماني أندرياس كلوث المعني بالشأن الأوروبي، في تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ للأنباء إن الرئيس بوتين لا يريد استخدام الأسلحة النووية، تماماً كما لا يريد الاستمرار في خوض عمليته العسكرية الخاصة ضد أوكرانيا، لكنه لا يزال يقاتل، لأنه غير قادر على الفوز.

Ad

وهذا يعني أيضاً أنه قد يُسقط قنبلة نووية، كما هدد مرة أخرى هذا الأسبوع؛ ويتعين على الولايات المتحدة وحلفائها وأصدقاء بوتين المفترضين في الصين وأماكن أخرى أن يقرروا الآن كيف سيكون رد فعلهم.

وبالنسبة لبوتين، لن يكون التصعيد النووي وسيلة لانتزاع النصر من بين فكي الهزيمة، بل لانتزاع البقاء على قيد الحياة، سياسياً أو حتى جسدياً، من دائرة النسيان.

وعلى عكس القادة الديمقراطيين، ليس لديه وسيلة للتقاعد بشكل يحفظ ماء الوجه بعد كل الضرر الذي ألحقه.

وقال كلوث إن بوتين يعرف أن نهايته يمكن أن تكون فوضوية، وهذا هو السبب في أنه قد ينفض الغبار عن عقيدة روسية يسميها المحللون الغربيون «التصعيد لخفض التصعيد»، وهذا يعني التحول إلى النووي لتجنب خسارة حرب تقليدية «غير نووية».

وسيفجر بوتين واحدة أو أكثر من الأسلحة النووية التكتيكية، بدلاً من الأسلحة النووية الاستراتيجية، وهذه انفجارات منخفضة التأثير بما يكفي للقضاء على موقع للجيش الأوكراني أو مركز لوجستي، ولكنها صغيرة جدا بشكل يجعل من الصعب محو مدينة بأكملها.

ومن خلال إسقاط مثل هذه القنبلة، فإن بوتين سوف يُشير إلى استعداده لاستخدام المزيد. وسيكون دافعه هو إجبار أوكرانيا على الاستسلام والغرب على الخروج من الصراع، ولكن دون ما يدعو الولايات المتحدة إلى الانتقام التلقائي.

ويريد بوتين من أعدائه التنحي، حتى يتمكن من إعلان النصر والبقاء في السلطة.

وغني عن القول أن مثل هذا العمل اليائس من شأنه أن يمثل أحلك منعطف في تاريخ البشرية منذ هيروشيما وناغازاكي، فهو لن يقتل ويشوه ويصيب بالصدمات أعداداً هائلة من الأبرياء فحسب، بل سوف يسبب أيضاً رعباً دائماً في جميع أنحاء العالم بأسره.

إن تصعيد بوتين من شأنه أن يطلق العنان لمل كان محرماً في حقبة الحرب الباردة وهو عدم استخدام الأسلحة النووية لأي شيء آخر غير الردع.

وإذا كان يعتقد أنه سيفعل ذلك دون عقاب، فإن الدول المارقة النووية الأخرى ستعتبر ذلك فاتحة لهم.

وهذا بدوره من شأنه أن يجبر الدول التي تخلت عن الأسلحة النووية باسم عدم الانتشار أو نزع السلاح، كما فعلت أوكرانيا في التسعينيات على بناء ترساناتها الخاصة.

وستكون السيطرة على الأسلحة قد انتهت.

وستصبح الحرب النووية، عن قصد أو عن طريق الصدفة، أكثر احتمالا في أماكن أكثر، من غرب آسيا إلى جنوبها وشرقها.

- لكن ما الذي ينبغي أن يفعله الرئيس الأمريكي جو بايدن إذن؟

من الواضح أنه يتعين عليه أن يردع بوتين، بينما يعد في الوقت نفسه ردا إذا ما قام بوتين بالتصعيد.

ولخّص ماثيو كرونيج من المجلس الأطلسي، وهو مركز بحثي، بعض الخيارات، وتتمثل إحدى الردود على ضربة نووية روسية محدودة في زيادة جميع التدابير التي اتخذها الغرب بالفعل ضد نظام بوتين إلى الضعف أو ثلاثة أضعاف أو أربعة أضعاف، مما يؤدي إلى عزل روسيا تماما عن العالم الغربي.

وبدلاً من الرضوخ، سيرسل الغرب أيضاً المزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا، والمزيد من القوات، بما في ذلك الأسلحة النووية، إلى الجبهة الشرقية لحلف شمال الأطلسي، ومن شأن مثل هذا الرد المحدود عمداً أن يهدف إلى وقف دوامة التصعيد قبل أن تبدأ.

ومن شأن ذلك أيضاً أن يطمئن الأوكرانيين والعالم إلى أن الولايات المتحدة سوف ترد على التصعيد بالمثل، وأنها ستفرض المحرمات النووية.

المشكلة هي أن هذا من شأنه أن يحول المواجهة إلى وضع مروع، وربما يؤدي إلى سلسلة من التفجيرات التكتيكية، وروسيا، التي تكاد تكون متساوية تقريباً مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بالأسلحة النووية الاستراتيجية، لديها حوالي 10 أضعاف عدد الرؤوس الحربية التكتيكية التي يمكنها استخدامها.

ويصبح من المستحيل حساب السيناريوهات، خاصة عند مراعاة الخطأ البشري، وسيكون هناك خطر من انطلاق معركة «هرمجدون».

وبالتالي فإن الخيار العسكري الأفضل هو توجيه ضربة أمريكية تقليدية للقوات الروسية، ويمكن أن يكون الهدف هو القاعدة نفسها التي أطلقت الضربة النووية. أو يمكن أن يكون القوات الروسية في أوكرانيا.