ساد هدوء حذر تخللته اشتباكات متقطعة، أمس، على الحدود بين أرمينيا وأذربيجان الواقعتين في القوقاز، بعد معارك دموية، أمس الأول، أسفرت عن مقتل 49 عسكرياً أرمنياً، حسبما أعلن رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان، بينما أشارت أذربيجان إلى تكبدها خسائر دون تحديدها.

ووضع هذا الاشتباك منطقة القوقاز على خط الحرب في أوكرانيا، في وقت تحاول تركيا حليفة أذربيجان، التي تربطها علاقة معقدة مع موسكو، التوسط في أكثر من محور في الحرب الأوكرانية، رغم إمدادها كييف بمسيرات بيرقدار في بداية الحرب.

Ad

ويتزامن هذا الحادث، مع التوتر بين صربيا وكوسوفو، مما يضع المنطقة كلها في خطر الفوضى السياسية والنزاعات، في وقت تعول أوروبا على الحصول على كميات كبيرة من الغاز الأذربيجاني لاستبدال الإمدادات الروسية.

تبادل المسؤولية

وفي إفادة أمام البرلمان، اتهم باشينيان القوات الأذربيجانية بمهاجمة القوات الأرمنية في سبعة مواقع على الحدود بين البلدين. وأعلن أن بلاده توجهت إلى منظمة معاهدة الأمن المشترك ومجلس الأمن الدولي لمناقشة تطورات الأوضاع، كما طلبت من روسيا تفعيل اتفاقية الصداقة والتعاون «الدفاع المشترك» بهدف تقديم الدعم لأرمينيا، مشيراً إلى أن المعارك في المناطق الحدودية مع أذربيجان لا تزال مستمرة رغم أن حدتها خفتت.

وكانت وزارة الدفاع الأرمنية أعلنت في وقت سابق أن القوات الأذربيجانية أطلقت نيراناً كثيفة تجاه البلدات الأرمنية الحدودية جوريس ووسوتك ووجرموس مستخدمة المدفعية والرشاشات الثقيلة والخفيفة، مؤكدة أن قوات باكو مدعومة بالمدفعية والطائرات المسيّرة، تسعى إلى «التقدّم» داخل الأراضي الأرمنية.

في المقابل، اتهمت وزارة الدفاع الأذربيجانية أرمينيا بارتكاب «أعمال تخريبية على نطاق واسع»، مضيفة أن النيران الأرمنية تسبّبت في «خسائر» في صفوفها.

موسكو ووقف إطلاق النار

وأجرى وزير الدفاع الأرمني سورين باشينيان اتصالاً هاتفياً مع نظيره الروسي سيرغي شويغو ناقشا خلاله اتخاذ إجراءات لإعادة الاستقرار إلى الحدود الأرمنية - الأذربيجانية، بينما قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان، إنها توصلت إلى وقف لإطلاق النار بين البلدين.

ودعت الخارجية الروسية الأطراف إلى «الامتناع عن أيّ تصعيد إضافي وضبط النفس»، وطالبت باكو ويريفان بـ «الاحترام الصارم لوقف إطلاق النار (الساري منذ عام 2020) بما يتوافق مع الإعلانات الثلاثية لقادة روسيا وأذربيجان وأرمينيا في التاسع من نوفمبر 2020».

وفي خريف 2020، توسّطت موسكو بين يريفان وباكو بعد حرب استمرت 44 يوماً. وجرى التوصّل إلى وقف لإطلاق النار، كما نُشرت قوات حفظ سلام في ناغورني كارباخ.

من ناحيته، قال فلاديمير زينيتدينوف السكرتير الصحافي لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي، إن المنظمة تعتبر استخدام القوة المسلحة على حدود أرمينيا وأذربيجان، أمراً غير مقبول، وهي تشدد على ضرورة استخدام الأساليب والاتفاقيات السياسية والدبلوماسية لحل الخلافات والنزاع.

باكو - واشنطن

من جهتها، قالت وكالة الأنباء الأذربيجانية (أذرتاج) إن وزير الخارجية الأذربيجاني جيهون بايراموف أجرى اتصالاً مع مساعدة وزير الخارجية الأميركي كارين دونفريد أطلعها خلاله على «الاستفزازات الأرمنية التي أدت الى تفاقم الوضع في منطقة الحدود بين البلدين».

وأشار الى «الإجراءات التي يقوم بها الجيش الأذربيجاني للتصدي لاستفزازات الجانب الأرمني ووقف اعتداءاته على الأراضي الأذربيجانية وتوفير الأمان للجنود والعاملين في مجال إعادة اعمار البنية التحتية في المناطق الأذربيجانية التي تم تحريرها من الاحتلال الأرمني».

واتهم بايراموف أرمينيا بأنها «تستعد للقيام بأعمال تخريبية في أذربيجان من خلال تكثيف إطلاق النار وحشد قوات كبيرة في المناطق الحدودية بين البلدين» معتبراً أن «ما تقوم بها يريفان انتهاك صارخ لقواعد ومبادئ القانون الدولي واتفاقية وقف النار التي وقعتها روسيا وأذربيجان وأرمينيا العام الماضي». وقالت الرئاسة الأذربيجانية، في بيان، إن الرئيس إلهام علييف أكد أن القيادة الأرمنية تتحمل كامل المسؤولية عن التصعيد وان القوات الاذربيجانية حققت جميع اهدافها.

تركيا وفرنسا

وفي أنقرة حليفة باكو، دعا وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أرمينيا إلى «التوقف عن استفزازاتها» ضدّ أذربيجان و»التركيز على مفاوضات السلام والتعاون». وفي باريس، قال مكتب الرئيس إيمانويل ماكرون، إن فرنسا ستطرح موضوع الاشتباكات بين أرمينيا وأذربيجان في مجلس الأمن الدولي، مضيفاً أن ماكرون واصل حث الجانبين على الالتزام بوقف لإطلاق النار.

بدوره، شدد الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل على «ضرورة توقف الأعمال العدائية وعودة القوات إلى المواقع السابقة»، حاثاً الطرفين على «العودة إلى طاولة المفاوضات».

طهران على الخط

وفي مكالمة مع باشينيان، شدد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على أن المنطقة لا تتحمل حرباً أخرى، وجدد عزم بلاده مواصلة الشراكة مع أرمينيا.

من ناحيته، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني رفض طهران لأي تغيير في الحدود بين ارمينيا واذربيجان وضرورة احترام وحدة أراضي البلدين.

رئيس صربيا: خطر الحرب في كوسوفو جدي
حذر الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، من أن خطر اندلاع نزاع مسلح في كوسوفو «قريب وجدي». وفي إفادة ألقاها أمس، في جلسة خاصة للبرلمان الصربي حول الوضع في كوسوفو والمفاوضات بين بلغراد وبريشتينا، أشار فوتشيتش إلى تحشيد كوسوفو قوات في شمال الإقليم.

وتأتي الجلسة الخاصة للبرلمان في ظل ما تصفه بلغراد بأنه «ضغط غربي» يهدف إلى إجبارها على تقديم تنازلات والاعتراف باستقلال إقليم كوسوفو.