أحرق دبلوماسيون إيرانيون، أمس، وثائق قبل ساعات من مغادرتهم ألبانيا، بعد أن قطعت العلاقات الدبلوماسية مع إيران، متهمة الجمهورية الإسلامية بشنّ هجوم إلكتروني كبير على بنيتها التحتية في يوليو الماضي.

ورأى شاهد من «رويترز» رجلاً داخل السفارة الإيرانية يلقي أوراقاً في برميل صدئ، بينما أضاء اللهب جدران السفارة المكونة من 3 طوابق في تيرانا.

Ad

وبدت الأجواء هادئة خارج السفارة الواقعة على بعد 200 متر فقط من مكتب رئيس الوزراء الألباني إيدي راما، الذي أمر الدبلوماسيين والموظفين الإيرانيين، أمس الأول، بإغلاق المقر ومغادرة البلاد في غضون 24 ساعة.

وليل الأربعاء ـ الخميس، نددت طهران بشدة بقرار تيرانا قطع العلاقات الدبلوماسية، ووصفت مبررات ألبانيا للخطوة بأنها «ادعاءات لا أساس لها من الصحة».

والعلاقات بين ألبانيا وإيران متوترة منذ عام 2014، عندما استقبلت تيرانا حوالي 3000 عضو من منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة، الذين استقر بهم المقام في مخيم بالقرب من دوريس، الميناء الرئيسي في البلاد.

وفي وقت تشهد المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن بشأن إحياء الاتفاق النووي انتكاسة كبيرة، ألقت الأولى باللوم على الثانية في الهجوم السيبراني على حليفتها ألبانيا.

وذكرت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيار، أن «الحلفاء في إطار الناتو سيتّخذون قراراتهم السيادية بشأن كيفية الرد على هذه الهجمات الإلكترونية، بما في ذلك احتمال تفعيل البند الخامس» من معاهدة حلف شمال الأطلسي. وأضافت: «هناك إجراءات متعدّدة قبل اللجوء» إلى البند الذي يفرض على دول الحلف مجتمعة أن تردّ على أيّ هجوم يستهدف إحداها.

ضغط إسرائيلي

في هذه الأثناء، أكد رئيس «الموساد» الإسرائيلي، ددي بارنيع، خلال لقائه، أمس، مع كبار المسؤولين في الحكومة الأميركية معارضة إسرائيل للاتفاق المحتمل بين إيران والولايات المتحدة، وقال «إن الإيرانيين يكذبون على الغرب بشأن هدفهم من إحياء الاتفاقية، بينما هم في الواقع يسعون جاهدين لتطوير أسلحة ذرية».

وشدد مسؤولون إسرائيليون بصحبة بارنيع على «إننا موجودون في اللحظة الأخيرة. ولربما تكون إيران قد تجاوزت نقطة اللا عودة، وأنها تمتلك مخزون يورانيوم بالإمكان تخصيبه خلال وقت قصير للحصول على كمية تكفي لقنبلة ذرية واحدة».

في موازاة ذلك، صرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية، آن كلير لوجندر، بأن باريس «قلقة للغاية» حيال استمرار عدم تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة التابعة للأمم المتحدة، وقالت إنها تتشاور مع شركائها بشأن الأمر قبل اجتماع مجلس محافظي الوكالة الأسبوع المقبل. وقالت لوجندر: «نأسف لأنّ إيران لم تنتهز الفرص التي قدّمها المدير العام للوكالة، رافائيل غروسي، لإلقاء الضوء على وجود مواد نووية في مواقع غير معلنة».

وجاء التحذير الإسرائيلي والقلق الفرنسي بالتزامن مع رفض السلطات الإيرانية تهدئة المخاوف التي أثارها مدير الوكالة الدولية للطاقة بشأن 3 مواقع إيرانية غير معلنة، عثر فيها على آثار يورانيوم مخصب.

وقال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، تعليقاً على التقرير الأخير للوكالة الدولية، حول احتياطيات إيران من اليورانيوم والاقتراب من إنتاج القنبلة الذرية: «إنّ غروسي، تعمّد جعل تقريره غامضاً».

ووصف كمالوندي قضية المواقع المشبوهة بـ «تكرار حالات سابقة لا أساس لها، وذات أهداف سياسية»، لكنه لم يقدّم إيضاحاً عن حجم احتياطيات بلده من اليورانيوم.

وشدد المتحدث الإيراني على أنه من غير المتوقع أن تلتزم إيران بعمليات تفتيش إضافية من جانب الوكالة الدولية للتحقق من أنشطة طهران بموجب الاتفاق النووي، بينما تستمر الأطراف الأخرى الموقّعة على الاتفاق المبرم عام 2015 في انتهاك الالتزامات وتواصل فرض العقوبات.

واتهم كمالوندي الوكالة الدولية ووسائل الإعلام بتهيئة أجواء إعلامية سلبية، بهدف إطهار البرنامج النووي الإيراني على أنه غير سلمي.

وجاء ذلك غداة تحذير غروسي من أن المؤسسة الدولية لم تعد تستطع تأكيد سلمية البرنامج النووي الإيراني «لأن طهران لم تقدّم حتى الآن تفسيرات موثوقة عن أصل جزيئات اليورانيوم التي تم العثور عليها في 3 مواقع غير معلنة». وإضافة إلى ذلك، ذكر التقرير الدولي أن طهران زادت من تخزين اليورانيوم المخصب بدرجة نقاء 60 بالمئة ووصل إلى 55 كيلوغراما، وهو أكثر من الكمية المطلوبة لإنتاج قنبلة ذرية إذا تم إثراؤه بدرجة نقاء أعلى. وكانت إيران قد طالبت بإغلاق التحقيق بشأن المواقع الـ 3 شرطا لإحياء الاتفاق النووي الذي انسحبت منه واشنطن عام 2018، وهو ما تسبب في توجيه ضربة للجهود الدبلوماسية التي يدفعها الاتحاد الأوروبي لإعادة القيود على طموح الجمهورية الإسلامية الذري مقابل تخفيف العقوبات الأميركية المفروضة عليها. على صعيد منفصل، استقبل مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، المتحدث باسم حركة «أنصار الله» اليمنية محمد عبدالسلام في طهران أمس.

كما عقد عبدالسلام عدة اجتماعات مع مسؤولين في مقر وزارة الخارجية الإيرانية.

في سياق قريب، دان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، ما ورد في بيان الاجتماع الـ 158 لوزراء خارجية جامعة الدول العربية واللجنة الرباعية، بشأن تدخلات إيران في المنطقة.