أثبتت زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، إلى تايوان في وقتٍ سابق من الشهر الماضي مستوى التزامها بهذه الديموقراطية المحاصرة، فأعلنت بيلوسي، خلال مؤتمر صحافي بعد لقائها مع الرئيسة تساي إنغ ون، أنها تسعى إلى تحديث وتقوية العلاقات الأمنية بين تايوان والولايات المتحدة، وتعهدت بيلوسي أيضاً بتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وتكلمت عن احتمال إبرام اتفاق تجاري قريباً.

بيلوسي شخصية قوية، لكنّ قوتها السياسية ستنتهي على الأرجح بعد انتخابات نوفمبر، إذ تتعدد الخطوات التي تستطيع اتخاذها لتقوية تايوان وردع حكام الصين، لكنها تحتاج إلى التحرك بطريقة سريعة وجريئة.

Ad

تستطيع بيلوسي أن تبدأ بمعالجة «قانون سياسة تايوان» لعام 2022، وهو المشروع الذي اقترحه رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، بوب مينينديز، فقد كتب هذا الأخير أن مشروع القانون يهدف إلى «تطوير استراتيجية جديدة وأكثر مرونة للتعامل مع تايوان طالما تبقى الفرصة سانحة».

يجب أن تضغط بيلوسي على لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي لطرح ملحق لـ«قانون سياسة تايوان»، فضلاً عن وضع الخطط التي تسمح لمجلس النواب بأخذ هذا التشريع بالاعتبار قبل نهاية السنة المالية.

تقضي تحركات مفيدة أخرى برفع الصوت ضد العمليات الصينية المؤثرة في حرم الجامعات الأميركية، والتصدي للمدافعين عن الحزب الشيوعي الصيني في هوليوود و«وول ستريت»، وتحذير الدولة والحكومات المحلية من عواقب التقرّب من بكين، واتخاذ الخطوات اللازمة للتعامل مع رفض الأمم المتحدة معاقبة بكين بطريقة فاعلة على خلفية الإبادة الجماعية التي ترتكبها بحق مسلمي الإيغور وأقليات أخرى واستعمار التِبَت، وفي غضون ذلك، يمكننا أن نضع جانباً، ولو لفترة، التحقيق الجدّي حول طريقة انتشار فيروس كورونا من المدينة التي يقع فيها «معهد ووهان لعلم الفيروسات».

تزامناً مع توسّع النزعة الانعزالية في معسكرَي اليسار واليمين، من المفيد أيضاً أن توضح بيلوسي للرأي العام أهمية تايوان للحفاظ على ازدهار الولايات المتحدة، وتفسّر عجز واشنطن عن تجاهل التهديدات التي يطرحها التوتاليتاريون على المجتمعات الديموقراطية، في حال صمد العالم الحرّ.

كذلك، تستطيع بيلوسي أن تُذكّر الأميركيين بأن التايوانيين لم يخضعوا يوماً لحُكم الشيوعيين وأنهم يرفضون حُكماً مماثلاً، وتتّضح هذه النزعة في استطلاعات الرأي وفي اعتياد التايوانيين على المشاركة في انتخابات حرة ونزيهة.

كان الرئيس الأميركي جو بايدن قد أعلن ثلاث مرات أنه مستعد لاستعمال القوة دفاعاً عن تايوان، لكن يفتقر الجيش الأميركي في الوقت الراهن إلى الموارد المناسبة لإتمام هذه المهمة، وتعرف بيلوسي هذا الواقع على الأرجح، وستكون الدعوة إلى زيادة الإنفاق العسكري ضرورية لردع الخصوم عبر إخماد فرص نجاحهم، قد تقنع هذه المقاربة الرئيس الصيني، شي جين بينغ، بفشل أي غزو عسكري لتايوان.

على صعيد آخر، يجب أن تعترف بيلوسي أيضاً بأن قاعدة الصناعة الدفاعية الأميركية أصبحت بأمسّ الحاجة إلى الدعم، فنحن لا نملك الوسائل اللازمة لإنتاج المعدات العسكرية والذخائر بالسرعة الكافية لاستبدال الكميات التي نرسلها إلى الأوكرانيين الذين يدافعون عن أنفسهم راهناً ضد طاغية إمبريالي جديد، حيث يتعلق السبب الأساسي بامتناعنا عن استعمال أوكرانيا كنظام رادع.

يمكن تأمين تريليون دولار لتحقيق هذه الغاية إذا غيّر بايدن رأيه حول إجبار دافعي الضرائب على تحمّل كلفة القروض التي أخذتها مجموعة منتقاة من خرّيجي الجامعات. صرّحت بيلوسي بأنه لا يملك السلطة القانونية لإنفاق المال العام بهذه الطريقة، إنه الوقت المناسب إذاً للضغط في هذا الاتجاه.

قد يشعر بايدن بالاستياء، لكن لا بأس بذلك فهو اعترض أصلاً على زيارة بيلوسي إلى تايوان خلال هذا الصيف، لكنها ذهبت في مطلق الأحوال، واعتبرت هي هذه الخطوة مسألة مبدأ، ولم تكن تهدف إلى إثبات صوابية آرائها أو حصد الإشادة من الآخرين.

* كليفورد ماي

Washington Times