يبقى التنفيذ وإخراج الكلام من حيز الكلمات إلى الواقع والحقيقة، لكن مجرد أن تفكر وزارة الشيخ أحمد النواف في قضايا عويصة هي أمراض مزمنة في الدولة هي بادرة أمل كبيرة لغد رائع إن تحققت، فتشكيل لجنة لربط مخرجات التعليم مع سوق العمل، ولجنة أخرى برئاسة رئيس الوزراء ذاته للبحث في المسألة الاقتصادية، وهي مسألة أولاً وأخيراً قضية الاقتصاد الريعي وليد الثروة النفطية وثقافته التي دمرت روح الإنسان الكويتي، وأحالته إلى كائن استهلاكي غير منتج - في الأغلب وأكرر على الأغلب وليس بالتعميم المطلق - يعتمد في معظم شؤونه على عمل الغير.

لكن هل يمكن عد مثل هاتين اللجنتين مسألة جديدة على الحكومات المتعاقبة، كم مرة وكم من الزمن مضى أتخمتنا فيه الحكومات باللجان والهيئات والدراسات الكثيرة، ووعود تخلفها وعود وتأجيل ولجان فرعية وتوصيات، وكلها في النهاية ترمى بالأدراج وتدمغ بعبارة «تيش بريش»... كلام إنشائي لزوم العمل السياسي الاجتراري، يقولونه في المساء وينسونه في الصباح، وطالما الرواتب ماشية، وسوق الجملة للجمعيات التعاونية مفتوح، والمولات والأسواق مكيفة وممتلئة بالمتسوقين، ومكاتب الخدم تعمل، فلماذا يشغل الإنسان هنا فكره بغير تفاهات الأمور؟!

Ad

الكويت محتاجة لهزة كبيرة تقلب أمورها، زلزال سياسي يدفعنا لعالم نخلق فيه شبيهاً للإنسان السنغافوري المنتج بنموذج الراحل لي كوان هو، هزة تحرك خلايا الوعي عند الإنسان كي يصبح مدركاً لذاته وبالعالم من حوله، وأنه ليس مركز الكون، وأن قضاياه ليست هي كل قضايا هذا العالم، ومتى انتقلت الحكومة أو السلطة إلى أرض العمل الجدي والتنفيذ الفعلي متجاوزة تحديات سياسية واجتماعية، ومعها المجلس النيابي القادم، الذي نتمنى أن يكون نوابه على مستوى تحديات الغد المجهول، عندها سيكون هناك أمل قد يتحقق أو ربما كل ذلك يكون مجرد وهم وحلم يقظة... لننتظر.

حسن العيسى