استضاف القصر الحكومي في بغداد اجتماعاً للقوى والأحزاب السياسية، أمس، لمناقشة سبل إيجاد حل للخروج من الأزمة المتصاعدة التي تعيشها البلاد بعد 10 أشهر من إجراء الانتخابات والفشل في التوصل إلى تفاهم بين الكتل البرلمانية لتشكيل حكومة جديدة، مع غياب التيار الصدري ومشاركة خصومه بقوى «الإطار التنسيقي الشيعي».

وبحث الاجتماع، الذي دعا له رئيس الوزراء المؤقت مصطفى الكاظمي، «إيجاد الحلول للأزمة السياسية الحالية، والانغلاقات الراهنة في نطاق الدستور، وعلى أرضية المصلحة الوطنية العليا، وبما يسهم في تهدئة التصعيد الحالي، وإيجاد بيئة مناسبة للحلول السياسية والدستورية».

Ad

وشهد الاجتماع مشاركة رئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، وممثلة الأمم المتحدة في بغداد جينين بلاسخارت، إضافة إلى ممثلين عن «تحالف السيادة» و»الاتحاد الكردستاني».

وقبيل اللقاء الوطني صرح وزير الخارجية فؤاد حسين، الذي يشارك في الاجتماع ممثلاً عن «الديموقراطي الكردستاني»، بأن الاجتماع لن يتخذ أي قرار، وسيبحث المبادرات التي طرحت لحل الأزمة.

وقاطع التيار الصدري، الذي يرفض زعيمه مقتدى الصدر الدخول في أي حوار مع خصومه بـ «الإطار التنسيقي الشيعي»، اجتماع القوى السياسية الذي عقد بدعوة من رئيس الوزراء المؤقت مصطفى الكاظمي. وذكر مكتب الصدر، في بيان أمس، أن التيار «بجميع عناوينه وشخصياته السياسية لم يشترك في الحوار، لا بطريق مباشر ولا غير مباشر».

تأجيل ودفاع

وفي حين أجلت المحكمة الاتحادية بتّ دعوى حل البرلمان إلى 30 الجاري، دافع صالح محمد العراقي، الملقّب بـ «وزير القائد»، عن تظاهرات التيار واعتصام أنصاره المتواصل بمقر مجلس النواب، منذ 30 يوليو الماضي.

وقال العراقي: «إن الاحتجاجات ضد مجلس النواب لعجزه عن سَن القوانين، وعدم قدرته في المضي بتشكيل الحكومة الاتحادية الجديدة، رغم مرور أكثر من 300 على الانتخابات التشريعية المبكرة».

وأضاف القيادي البارز بالتيار الصدري، عبر «فيسبوك»، إن «التظاهرات الحالية ضدّ برلمان مُعَطّل لا يستطيع سنّ قوانين خدمية، ولم يفِ بقَسَمِه في خدمة شعبه، ولم يراعِ المُهل الدستورية لتشكيل الحكومة». وتساءل مستنكراً: «لو لم تك التظاهرات الحالية موجودة أمام مجلس النواب، فهل يا ترى استطاع الإطار تشكيل حكومة مع احتدام الخلافات الإطارية مع كل الكتل الأخرى برمّتها وبلا استثناء حتى بعض المستقلّين دون المستغلّين؟».

ومضى العراقي متحدثاً عن «الإطار التنسيقي»: «يقولون إن تظاهراتهم لدعم الدولة، لذا فهي دستورية. أما تظاهرات الإصلاح فإنها ضدّ الدولة والبرلمان والقضاء فهي ليست دستورية». وأجاب «وزير القائد»: «نقول: أنتم ضدّ رئاسة الوزراء الحالية، ولعلها ضد رئيس الجمهورية تبعاً باعتبارهما قد انتهت ولايتهما. وقد كنتم ضدّ البرلمان لأنكم لم تحصلوا إلّا على بضعة كراسي، وادّعيتم التزوير؛ فأي دولة تدعمون؟! وخصوصاً إننا وإن اختلفنا مع القضاء، إلا إن خلافنا سلمي ولم نُخلّ باحترامه».

وتابع قائلاً بالعامية العراقية: «يقولون: تظاهراتكم غير حضارية لوجود الأقبار والسمج والنعام وما شاكل ذلك. ونقول: نعم، لكن لو قارنّاها مع الطائرة المسيّرة على منزل رئيس الوزراء مثلاً، وبعد تهديد مباشر وتوعّد صريح من أبو رگيبه؛ فأيهما أقلّ سوءا؟!»، في إشارة إلى اتهام فصائل مسلحة بـ «الإطار» باستهداف منزل الكاظمي بـ «درون» وتهديده.

وكان الصدر قد طلب، الأربعاء الماضي، من السلطات القضائية العمل على حل البرلمان، خلال مدة أقصاها نهاية الأسبوع الجاري، تمهيداً لتحديد موعد لإجراء انتخابات تشريعية جديدة.

سرقات «الثالوث»

ووسط حديث عن كشف «التيار» عن مخطط يفضي إلى إعادة سيطرة المالكي، عبر مرشحه لتولي رئاسة الوزراء، محمد شياع السوداني، على مفاصل الإدارة الحكومية في الشرطة والدفاع والطاقة، اتهم مدير مكتب الصدر في النجف، حليم الفتلاوي، أطرافاً في «الإطار»، الذي يضم قوى سياسية شيعية متحالفة مع إيران، بإدارة «شبكات سرية» أقدمت على سرقة مليارات الدولارات من خزينة الدولة.

وقال الفتلاوي إن «الثالوث الإطاري المشؤوم بعيدون كل البعد عما يتبجحون به من شرعية الدولة ودستورها ومؤسساتها ومصالح الشعب، وإنما يتباكون ويهددون السلم الأهلي بإراقة الدماء دفاعا عن شبكاتهم السرية التي أسماها وزير المالية المستقيل علي علاوي». وتساءل بالقول: «ألا يستدعي هذا الكلام القضاء العراقي للقيام بواجباته تجاه وطنه وسرقة قوت شعبه؟».

وأمس الأول، اتهم التيار الصدري «الثالوث المشؤوم»، في إشارة إلى زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي، وزعيم «عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، وزعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم، بالعمل على تأجيج حرب أهلية، وقرر تأجيل احتجاجات حاشدة كانت مقررة السبت المقبل وسط بغداد إلى أجل غير مسمى، لتفادي الاحتكاك باعتصام وتظاهرات مضادة دعا لها «الإطار».

أبواب السعودية

في سياق متصل، أفاد مصدر في «الإطار»، أمس، بتشكيل وفد برئاسة عمار الحكيم زعيم تيار الحكمة، لزيارة السعودية «قريباً جداً». وأوضح المصدر أن الزيارة تهدف إلى توجيه «رسائل إيجابية بأن الإطار التنسيقي ليس عدواً للمملكة، وأنه لا توجد توجهات مختلفة داخلة بشأن تقوية العلاقات مع الدول العربية، وخاصة الرياض».

وأشار المصدر إلى أن «الزيارة ربما تشهد وساطة من المملكة لتقريب وجهات النظر بين التيار الصدري والإطار، وعقد اتفاق على غرار اتفاق الطائف بين الأطراف اللبنانية».