هل يتخوف «حزب الله» من حصول عمليات أمنية إسرائيلية تستهدف بعض كوادره أو كوادر حلفائه في الفصائل الفلسطينية في لبنان؟... هذا السؤال بات أكثر من مشروع بعد الموقف الأخير لأمينه العام حسن نصرالله، الذي أشار بوضوح إلى استعداد إسرائيلي لتنفيذ عمليات خارج فلسطين وربما لبنان لاستهداف كوادر وقيادات محور المقاومة، وينطوي كلام نصرالله على انتقال واضح في مؤشرات الصراع الاستخباري القائم بين الطرفين، فمنذ سنوات رفع معادلة أن سقوط أي قتيل للحزب في لبنان أو سورية سيكون الرد عليه سريعاً ومباشراً.

وفي معركة غزة الأخيرة، قرأ «حزب الله» المتغيرات في الآلية العسكرية الإسرائيلية لإدارة المعركة، وتركيزها على تنفيذ عمليات اغتيال ضد كوادر حركة الجهاد الإسلامي، فاقتصرت كل المعركة على الاغتيال بدلاً من استهداف مواقع ومنصات صواريخ بهدف تدميرها، وهذا يعني الانتقال الإسرائيلي إلى استراتيجية جديدة، ولا بد للحزب من الوقوف عندها بالمعنيين الأمني والعسكري، خصوصاً أن إسرائيل في حرب تموز عام 2006 لم تلجأ إلى تنفيذ عمليات اغتيال ضد قادة الحزب وكوادره، بل حاولت القيام بعملية كوموندوس لإلقاء القبض على أحد مسؤوليه في بعلبك.

Ad

وهذا الأمر يضع الحزب أمام حسابات جديدة مرتبطة بكيفية الردّ على أي عملية اغتيال قد تحصل، وكان نصرالله قبل أيام أعلن أن الإسرائيليين يفضلون عدم القيام بأي عملية واضحة المعالم، بل يقومون بعمليات أمنية لا تحمل أي بصمات كي لا يكون الحزب مُلزماً بالردّ.

إلى جانب هذه التقديرات والدراسات الأمنية، وفي ظل الاستنفار الشامل لعناصره في جنوب لبنان والضاحية والبقاع، لا يزال «حزب الله» يراقب وينتظر التطورات في ملفين أساسيين سيكون لهما انعكاس مباشر على الجبهة اللبنانية؛ الأول هو ملف ترسيم الحدود وانتظار الجواب الإسرائيلي مع الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين.

وهنا تشير مصادر متابعة إلى أن الحزب لا يزال عند المهلة التي وضعها وهي سبتمبر المقبل للوصول إلى اتفاق حول ترسيم الحدود، ومنع إسرائيل من استخراج الغاز من حقل كاريش ما لم يتم التوصل إلى اتفاق مع لبنان والسماح له ببدء الاستخراج، وبحسب المعلومات فإن الحزب حتى الآن يرفض صيغة تأجيل الإسرائيليين للعمل في «كاريش» مقابل تأجيل تهديداته إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية لبت هذا الملف.

أما الملف الآخر، الذي سيتحكم في مسار التطورات، فهو ملف مفاوضات فيينا، إذ يستشعر الحزب تحقيق تقدّم في المباحثات سعياً للوصول إلى إعادة إحياء الاتفاق النووي، وهذا في حال حصوله لا بد أن ينعكس في تهدئة الوضع على الساحة اللبنانية وتحديداً في الجبهة الجنوبية، أما إذا تعثرت المفاوضات، ولم يتحقق أي تقدم، فحينئذ ستكون احتمالات التصعيد واردة إلى حدود بعيدة، وبناء على ذلك أبقى نصرالله الأبواب مفتوحة على كل الاحتمالات، وهذا ما دفعه إلى القول إن الأمور وصلت إلى نهاية الخطّ، وأنه سيكمل إلى آخر الطريق، في تهديد مباشر بالتصعيد إذا لم يتم الوصول إلى اتفاق.

كلام نصرالله استدعى رداً من الأمم المتحدة التي طالبته بأن يتجنب في خطاباته ما من شأنه أن يزيد من «تأجيج الموقف» في المنطقة، وخلال مؤتمر صحافي عقده المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك، يوم الثلاثاء الماضي، سأل صحافيون دوجاريك بشأن موقف الأمين العام أنطونيو غوتيريش، إزاء تحذيرات أطلقها نصرالله بشأن الخلاف مع إسرائيل حول منطقة غنية بالنفط والغاز في البحر المتوسط، فأجاب دوجاريك: «أعتقد أننا دائماً قلقون من هشاشة الوضع في تلك المنطقة، ونطلب أن يتجنب أي شخص الخطابات التي تزيد من تأجيج الموقف».

منير الربيع