قبل انتهاء مهلة الأسبوع التي وضعها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للقضاء العراقي من أجل حل البرلمان وتحديد موعد لإجراء انتخابات مبكرة، لإنهاء أطول أزمة سياسية بتاريخ البلاد، أكد مجلس القضاء الأعلى، اليوم، عدم امتلاكه صلاحية حل مجلس النواب الذي يخضع لهيمنة نواب «الإطار التنسيقي الشيعي»، الذي يضم فصائل وأحزاب شديدة الصلة بإيران.

وذكر المجلس، في بيان، أنه «عقد اجتماعاً وناقش طلب زعيم التيار الصدري المؤرخ في ‏‏10/8/2022 الخاص بحلّ مجلس النواب، وبعد النقاش والبحث، وجد ‏أن مجلس القضاء يتفق مع الصدر في تشخيص سلبية الواقع ‏السياسي الذي يشهده البلد، والمخالفات الدستورية المستمرة ‏المتمثلة بعدم اكتمال تشكيل السلطات الدستورية بانتخاب رئيس ‏للجمهورية ورئيس مجلس الوزراء وتشكيل الحكومة ضمن المدد ‏الدستورية، وهي حالة غير مقبولة، ويجب معالجتها وعدم تكرارها، وهذا ‏ما شخّصه رئيس المجلس في أكثر من مناسبة، ووضع الحلول ‏اللازمة لتجنب تكرارها مستقبلا باقتراح تعديل بعض مواد الدستور ‏ذات الصلة».

Ad

وختم مجلس القضاء بيانه بتأكيد حياده، وأنه سبق أن رفض طلبا لحل البرلمان بسبب اتهامات بمخالفته للدستور.

ومع دخول الأزمة السياسية التي أعقبت تنظيم الانتخابات البرلمانية في أكتوبر الماضي، شهرها العاشر دون أي بوادر لحلحلتها، ودخول اعتصام أنصار التيار الصدري في مقر البرلمان بالمنطقة الخضراء وسط بغداد أسبوعه الثالث، هاجم القيادي في التيار الصدر صباح الساعدي، بيان «الأعلى للقضاء».

وقال الساعدي عبر «تويتر»: «يجب أن يؤثر بيان مجلس القضاء على استقلالية المحكمة الاتحادية في قضية حل البرلمان».

وفي تحرّك تصعيدي من التيار، قدّم الأمين العام للكتلة الصدرية، المستقيلة من البرلمان، نصّار الربيعي، دعوى قضائية ضد الرئاسات الثلاث، مطالباً بحل مجلس النواب.

النداء الأخير

في موازاة ذلك، وجّه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر «نداءه الأخير» إلى الشعب العراقي للخروج بتظاهرة سلمية مليونية موحدة من جميع محافظات العراق في ساحة التحرير وسط بغداد.

وجاء في بيان صادر عن صالح محمد العراقي، الملقب بـ«وزير الصدر»، ليل السبت ـ الأحد، «قد أبرأت ذمّتي أمام ربّي وأبي وشعبي»، مضيفاً أنه «بعد أن انقسم الاحتجاج إلى فسطاطين، صار لزاماً عليَّ أن أتحرّى أيّ الفسطاطين أكثر عدداً وأوسع تعاطفاً عند الشعب العراقي، بغضّ النظر عن انتماءاتهم».

ووجّه العراقي خطابه إلى «الشعب بعشائره وشرائحه وطوائفه ونسائه شيباً وشباناً وأطفالاً»، داعيا إلى «إنقاذ ما تبقى من العراق، لكي لا تكونوا لقمة سائغة للفساد والظلم والميليشيات والتبعية وأهواء الأحزاب الفاسدة والمتسلطة».

انتقاد المالكي

وفي تصريحات منفصلة، هاجم «وزير الصدر» بشدة القيادي الأبرز بـ«الإطار التنسيقي» رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، متهماً إياه بـ«السعي إلى الهيمنة على السلطة والانفراد بها».

وقال العراقي إن «بعض ساسة الإطار ينعتون الاحتجاجات السلمية الإصلاحية الحالية، بفرض الإرادات، لكن تعالوا لنراجع بعض الحوادث لنقف على حقيقة من هو الذي يفرض إرادته على الآخرين».

وتساءل قائلاً: «أولاً: مَنْ القائل: بعد ما ننطيها!؟»، في إشارة إلى كلمة سابقة للمالكي ألقاها في مدينة كربلاء قبل سنوات، يؤكد فيها أن الشيعة الذين يحكمون البلاد لن يتخلوا عن السلطة، وهو ما أثار غضباً واسعاً، إذ اعتبر مراقبون الكلام على أنه تهديد طائفي مرفوض.

وأضاف: «ثانياً: لنتذكر اعتصامهم أمام بوابات الخضراء بعد إعلان نتائج الانتخابات التي كانت قوى الإطار الخاسر الأكبر فيها».

وتابع: «ثالثاً: أليس الثلث المعطل، أو ما أسموه بالضامن، هو فرض إرادات!؟».

ورابعاً ذكر وزير الصدر بحوادث إطلاق صواريخ على مناطق في أربيل والأنبار، بعد إعلان «تحالف إنقاذ وطن» الذي ضم التيار الصدري وتحالف «السيادة» السنّي والحزب «الديموقراطي الكردي».

كما أشار إلى سلسلة تسريبات نسبت إلى المالكي، وتضمنت تهديدات بحق الصدر واجتياح النجف، معتبرا أن جوهرها الحقيقي «فرض الإرادات».

واستخلص العراقي من عرضه أن خصومه «ليسوا بصادقين ولا يريدون دولة القانون، ولا يريدون التعامل بحكمة، وما زلتم تهتفون بالتبعية»، كما شكك في كون قاعدتهم الشعبية عريضة، مؤكدا أنه لن يسمح لهم بالاستمرار في الفساد.

لقاءات العامري

في المقابل، كثف زعيم تحالف الفتح هادي العامري؛ جولة مكوكية يجريها على أمل الخروج من النفق المظلم التي تمرّ به العملية السياسية، فبعد أن التقى أمس زعامات السنّة، رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، ورئيس تحالف العزم، مثنى السامرائي، شد القيادي المعتدل بـ «الإطار» الرحال بعدها إلى إقليم كردستان، بغية الجلوس مع قادة الأحزاب الكردية لمناقشة التطورات الأخيرة.

والتقى العامري في أربيل، اليوم، رئيس الإقليم مسعود بارزاني، لبحث التطورات السياسية.

وبيّن القيادي في «الفتح»، علي الفتلاوي، أن الهدف الأساس وراء زيارات العامري هو التنسيق لاحتواء انفجار الأزمة إلى مواجهة في الشارع، في ظل تواصل اعتصام أنصار «الإطار» وسط بغداد عند أسوار المنطقة الخضراء قرب اعتصام أنصار الصدر بالبرلمان. وأشار الفتلاوي إلى وجود مساع لإيجاد باب مُشرع بين التيار و»الاطار»، عبر لقاء العامري بالصدر، رغم رفض الأخير الدخول في حوار حتى الآن.