بعد ساعات على دخول هدنة هشة توسطت فيها مصر لإنهاء عدوانها على حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة المحاصر، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي البلدة القديمة في نابلس، بالضفة الغربية، أمس، وقتلت 3 فلسطينيين بينهم قائد كتيبة شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح إبراهيم النابلسي.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أن قواته استهدفت النابلسي، بعد ساعات من محاصرته داخل منزل في نابلس، وأن الحصار تخلله تبادل لإطلاق النار. وقال عبر «تويتر»: «أطلق مقاتلونا النار على المنزل واستخدموا وسائل خاصة من بينها صواريخ محمولة على الكتف، وقُتل النابلسي، ومسلح آخر كان يقيم في المنزل». وأشار إلى أن «اضطرابات عنيفة اندلعت بمشاركة عشرات المتظاهرين».

Ad

وفيما ذكر الجيش الإسرائيلي أنه اعتقل 4 فلسطينيين من مناطق مختلفة بالضفة وضبط أسلحة وذخيرة، تغنى كل من رئيس الوزراء يائير لابيد ووزير الدفاع بيني غانتس باغتيال النابلسي، الذي كان يوصف بأنه أحد أبرز المطلوبين للدولة العبرية.

وفي حين علّق غانتس على اغتيال النابلسي قائلاً: «من يشكل تهديداً علينا، لن ينجو»، وصف لابيد قتل النابلسي، الذي نجا من عدة عمليات اغتيال سابقة، بأنه «تصفية إرهابي وخطوة أخرى في كفاحنا غير القابل للمساومة ضد الإرهاب». وقال: «أهنئ الشاباك والجيش ووحدة الشرطة الخاصة على تنفيذ عملية دقيقة وناجحة انتهت بدون وقوع إصابات في صفوفنا».

مواجهة شاملة

في المقابل، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد 3 من قادة «شهداء الأقصى»، وهم بالإضافة إلى النابلسي، إسلام صبوح وحسين طه. وأفادت بأن «حصيلة الشهداء في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ بداية العام الحالي ارتفعت إلى 129».

كما تسببت المواجهات التي دارت بين قوات الاحتلال والأهالي في إصابة 69 شخصاً بالرصاص الحي، معظمها في الظهر والأيدي والأرجل. ولاحقاً، أفادت وزارة الصحة بمقتل فتى في الخليل برصاص الجيش الإسرائيلي.

وحذّر الناطق الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة من أن «الاحتلال الإسرائيلي يقترب من المواجهة الشاملة مع شعبنا الفلسطيني بأسره، من خلال عدوانه الشامل الذي بدأ من مدينة القدس، ومن ثم امتد إلى جنين، وغزة، واليوم في نابلس، والذي ذهب ضحيته اليوم 3 شهداء والعشرات من الجرحى».

وقال أبوردينة، إن «الحكومة الإسرائيلية غير معنية بتحقيق الهدوء والاستقرار، وتعمل على استباحة الدم الفلسطيني، واستغلاله، لتحقيق مكاسب في السياسة الداخلية»، في إشارة إلى استطلاعات عبرية تشير إلى ارتفاع شعبية لابيد مقابل زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو منذ اندلاع موجة العنف الحالية. ورفض دعم المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة للرواية الدولة العبرية للأحداث، من خلال تأكيدها «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، مؤكدا أن «إسرائيل هي المعتدية وهي التي تحتل الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 التي يعترف العالم بها، وأن المطلوب الآن هو تحميل إسرائيل مسؤولية هذا التصعيد الدموي الذي يذهب ضحيته العشرات من أبناء شعبنا».

ودعا أبوردينة المجتمع الدولي إلى «الخروج عن صمته المريب والوقوف بحزم ضد سياسة إسرائيل التي انتهكت كل القوانين الدولية وحقوق الإنسان التي ينادي العالم يومياً بتطبيقها».

دوامة عنف

في موازاة ذلك، دعت القوى الفلسطينية في بيت لحم إلى الإضراب والحداد احتجاجاً على اغتيال شهداء نابلس، ولتصعيد المواجهة على نقاط التماس من سلطات الاحتلال، وشهدت مناطق مختلف بالضفة الغربية مسيرات غضب تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على نابلس.

من جهته، قال متحدث باسم «فتح»، التي ينتمي لها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن «ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي سيؤدي إلى موجة من عدم الاستقرار محلياً وإقليمياً».

ورأى ناطق باسم حركة حماس أنه «من الواضح أننا في مرحلة جديدة من الصراع ضد الاحتلال عنوانها الاشتباك المستمر في مدن الضفة». كما نعت «الجبهة الشعبية» شهداء نابلس، مؤكدة أن دماء الشهداء لن تذهب هدراً. واعتبرت حركة الجهاد أن «ما حدث في نابلس سيزيد مقاومينا ثباتاً ويقيناً بمواصلة قتال الاحتلال».

ورأت المنظمة الحقوقية «هيومن رايتس ووتش» أن دوامة التصعيد الإسرائيلي ستستمر طالما استمر الإفلات من العقاب.

أسرى واغتيال

ويأتي ذلك في وقت ذكرت قللت أوساط عبرية من احتمال التوصل إلى صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل و»حماس» المسيطرة على غزة، وهو ما ينذر باحتمال تجدد القتال، بين الدولة العبرية و»الجهاد» التي اشترطت أن تقوم سلطات الاحتلال بإطلاق سراح أسيرين للقبول بوقف إطلاق النار الذي توسطت القاهرة ودخل حيز التنفيذ الأحد الماضي.

وفي حادث منفصل، قُتل مسؤول في حركة فتح الفلسطينية، يدعى سعيد علاء الدين بالرصاص، ليل الاثنين ـ الثلاثاء، في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوب لبنان. وذكر القيادي في حركة فتح في لبنان منير المقدح، أنّ علاء الدين، كان مكلّفاً التنسيق مع القوى الأمنية اللبنانية. وأكد المقدح اغتيال علاء الدين، وقال إنّ «مسلحاً دخل عليه أثناء تأدية صلاة بمنزل أحد أصدقائه».

على صعيد آخر، قال وزير خارجية هندوراس، إنريكي ريني، في تعقيب على أنباء حول نية إعادة السفارة في إسرائيل إلى تل أبيب بعد عام من نقلها إلى مدينة القدس: «إن القضية أثيرت أمام الرئيسة زيومارا كاسترو، وإن الأمر يهمها بشكل خاص». وأضاف أن بلاده «ترغب في الحفاظ على التوازن في علاقاتها مع إسرائيل والعالم العربي.