هل سيكون لبنان أمام ثورة شعبية جديدة؟ سؤال يتردد في معظم الأوساط السياسية والشعبية. الصراعات بين القوى الحزبية قد يدفع بعضها للجوء إلى الشارع. قبل أسابيع وفي إحدى عظاته أطلق البطريرك الماروني بشارة الراعي موقفاً جاء فيه:«على اللبنانيين الاستعداد للانطلاق في ثورة شعبية ثانية لتحصيل حقوقهم».

كان موقف الراعي ذا إشارة بارزة بأنه في حال لم تنجح القوى السياسية ما بعد الانتخابات البرلمانية للوصول إلى تسويات من شأنها أن تضع لبنان على سكة الإصلاح، فلا بد من السعي لتحقيق ذلك بفعل الضغط الشعبي.

Ad

انطلاقاً من موقف الراعي، تشير مصادر سياسية متابعة إلى أن بعض القوى الحزبية كانت تحضّر لإمكانية اللجوء إلى الشارع في صيغة تحاكي انفجار «ثورة 17 تشرين 2019»، مواكبة لخروج رئيس الجمهورية ميشال عون من القصر الجمهوري، وتحضيراً لانتخاب رئيس جديد، أي تحرك من هذا النوع سيكون مرتبطاً بخطوتين أساسيتين، الأولى في حال عدم التوافق بين قوى المعارضة على دعم مرشح من قبلها لرئاسة الجمهورية. والثانية في حال تمكن حزب الله وحلفاؤه من الاتفاق على رئيس، حينها قد تجد قوى المعارضة الشارع سبيلها الوحيد لقطع الطريق على مرشح حزب الله.

في المقابل، ليست قوى المعارضة وحدها من تفكر بالنزول إلى الشارع، إذ هناك قناعة سياسية تسود في لبنان بهذه المرحلة تقوم على تقييم الاشتباك السياسي الذي يدخل فيه فريق رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحرّ ضد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.

وبحسب ما تقول مصادر متابعة، فإن الهجوم على ميقاتي واتهاماته بالفساد، سيكون مقدمة لفتح ملفات قضائية وإثارتها ضد ميقاتي وضد شخصيات سياسية أخرى، وسيعمل التيار الوطني الحرّ على رفع منسوب التحشيد الاعتراضي لديه بالتوازي مع مغادرة عون لقصر بعبدا، على قاعدة أن عون وتياره سيعودون إلى ممارسة عملهم السياسي من خارج السلطة، وبالتالي العودة إلى صفوف المعارضة، وهذه لا يمكن تعزيزها إلا من خلال العودة إلى الشارع.

سبب آخر سيدفع مناصري عون للجوء إلى الشارع هو أنه سيغادر القصر الجمهوري فيما كل خصومه ولا سيما الذين تعهد بمواجهتهم ومحاسبتهم استمروا في مواقعهم، وهو أمر لن يقبله عون، بالتالي ستكون الاحتجاجات الشعبية متركزة ضد ميقاتي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يتهمه العونيون بأنه عرقل عهد عون، بالإضافة إلى التحركات ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وضد مرافق عامة أخرى.

هذا الأمر قد يؤدي إلى مزيد من التوترات على الساحة اللبنانية، أو الدخول في مرحلة شارع مقابل شارع. إلى حين الوصول إلى صيغة تسوية إقليمية ودولية تؤدي إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتجنّب استمرار الفراغ ما سيؤدي إلى الانهيار الشامل.

من بين الأسباب التي قد تدفع فريق التيار الوطني الحرّ للجوء إلى الشارع أيضاً بالإضافة إلى إثارة ملفات الفساد والاحتجاج على بعض القوى السياسية، هو ملف اللاجئين السوريين، وتشير المعلومات إلى أن التيار سيستخدم هذا العنوان للخروج في تظاهرات شعبية مطالبة بضرورة إعادة اللاجئين في محاولة لفرض وقائع جديدة داخلياً وللضغط على المجتمع الدولي ولا سيما الدول الأوروبية انطلاقاً من هذا الملف.

منير الربيع