ما زلنا نستعرض ما ورد في تقرير عام 1839م، الذي أعده الضابط البريطاني جي فيلكس جونز، وتناول فيه جوانب عديدة من تاريخ الكويت.

يقول التقرير إن الكويت تختلف عن بقية دول الخليج في أنها تعترف بسيادة الدولة العثمانية وترفع العلَم العثماني على سفنها، إلّا أنه يستدرك ويقول أيضاً إن هذه التبعية شكلية فقط.

Ad

«إن الوضع السياسي في الكويت يختلف عن الوضع في الدول الساحلية الأخرى في أن أهالي الكويت يقرّون بسيادة الدولة العثمانية ويرفعون العلَم التركي (على سفنهم)، إلا أن ولاءهم للسلطان هو أمر شكلي فقط».

هذه هي الحقيقة التاريخية منذ نشأة الكويت إلى حين ارتباطها باتفاقية حماية مع الدولة البريطانية عام 1899م، فقد كانت الكويت مستقلة في قراراتها، وليس لها ارتباط مع أي دولة فيما يتعلق بإدارة شؤونها الداخلية أو الخارجية، لكنها، بحُكم احترامها للدولة العثمانية التي كانت حاملةً للواء الإسلام، كانت تتعاون مع «الأستانة» وتقدّم ما تستطيع لخدمتها وتسهيل احتياجاتها.

يقول التقرير إن شيخ الكويت يتسلّم كمية من التمر سنوياً من الوالي العثماني في البصرة مقابل أن يمنع الشيخ أي تدخّل أجنبي في الكويت، ويطيع أمر الدولة العثمانية عند الحاجة.

ويعبّر التقرير عن ذلك بالقول «شيخ الكويت، على العكس، يتلقى مخصصات سنوية من التمر تقدّر بحوالي 200 كارة، قيمتها حوالي 4000 كراون (الكراون عملة بريطانية قديمة تعادل ربع قيمة الجنيه البريطاني الحالي)، من باشا البصرة، كشرط لحماية هذا الميناء من أي هجوم أجنبي عندما تحتاج إلى دعمه (الدولة العثمانية)».

ثم يبدأ التقرير في الحديث عن أمور منوعة، فيقول إن ميناء الكويت «آمن ومتميز»، وإن مَن يستطيعون حمل السلاح من الرجال عددهم 6000 شخص، وإن عدد سكان المدينة يصل إلى حوالي 22000 إنسان.

وإذا دققنا في هذه الأرقام، نجد أنها منطقية وتعكس حالة المجتمع الكويتي الصغير آنذاك بشكل مناسب. ويضيف التقرير معلومات أخرى عن الكويت، فيقول إن الدخل العام للبلد يصل إلى 22000 كراون سنوياً، معظمه من التبرعات الأهلية، إضافة الى دخل ضريبة تجارية بسيطة على البضائع الداخلة براً إلى الكويت أو تجلب بالبحر إلى البلاد.

وهذه أيضاً حقيقة تاريخية، إذ إن شيخ الكويت يتسلّم أموالاً من تجار الكويت في شكل ضريبة بحرية على نشاطَي الغوص والسفر التجاري، كما أن التجار يقدّمون طوعاً مساعدات مالية كبيرة في الحالات الطارئة التي تمرُّ بها البلاد، كالحروب أو الكوارث.

هذا ما ورد في تقرير عام 1839 عن الكويت، وبقي أن نستعرض ما ورد عن جزيرة فيلكا في مقال الأسبوع المقبل، إن شاء الله.

باسم اللوغاني *