عرفناكِ وآمنَّا بكِ مُذ آمنتِ بثقافةِ بحرين العراقة واستثمرتِ فيها فكُنتِ وكانت. وصار استثمارك الثَّقافي محلَّ تقدير القاصي والدَّاني، يتجلَّى في كل مشروعٍ ثقافيٍّ في مملكتنا الحبيبة، أيتها النَّخلة البحرينية الشَّامخة دانية القِطاف على الضِّفاف، التي ما عرفناها إلا محركا داعما للثقافة والحضارة والأصالة والجمال في تلك البقعةِ الصَّغيرةِ الكبيرةِ الزَّاهيةِ الطافيةِ على سطح خليجنا الذي نُحب؛ مَي آل خليفة، شَيخة الشِّيخة كما عرفنا الشِّيخة موقفا وثباتا وأنتِ صاحبة الموقف الثابتِ أبدا، وزيرةً كنتِ أو رئيسة هيئةٍ أو رئيسة مجلس أُمناءٍ أو أيَّ منصبٍ شرِبَ منكِ قيمته وأبقاكِ عطشى لمزيدٍ من جمال... أو «شيخة مَي» كما يحلو لنا اختصارك وأنتِ التي ما فتئتِ تختصرين ذاتك بـ مَي بنت محمَّد.. يا ابنة محمَّد... «يالبحرينية» يا مَي... اِسمٌ دالٌّ على مدلولٍ إذا ما ذُكر في أي محفلٍ تجلَّت صور البحرين العظيمة التي نعشق ونباهي بها دُرَّةً في تاج خليجنا وفناره الثَّقافي الأقدم، دلمون التي ما رآها السُّومريون أمس إلا أرض فردوسٍ وحياةٍ وخلود، والتي نراها اليوم باسمك قِلاعا ونخيلا ولؤلؤ وأثواب نشلٍ وبريسم ونقشَ حِنَّاء على كفوفٍ «صافحَتكِ» بعدما صافحتك القلوب.

شُكرا على كل ما قدَّمتِ للبحرين ولنا لو أن الشُّكر وحده يكفي، وندريه لا يكفي، في زمنٍ رديءٍ كدنا فيه أن نشكَّ في أنفسنا بين خطأ وصوابٍ وعدلٍ وظلم، بين الكفوف المتهافتة للهدمِ يومَ أبت كفٌّ رمَّمَت صروح الحضارة أن تُدنِّسها كفوف العابثين. شُكرا لأنك تشبهين البحرين التي نعرف ونُحب، شُكرا لكفٍّ ما عرفناها إلا كفَّا كريمة مُحبَّة مبسوطة مثل جزيرة تطفو على بحر الخير.

Ad

وشكرا للظروف، على مرارتها، حيث أتاحت للمرء مخاطبتك بمعزلٍ عن أي منصبٍ يضعُ الثَّناء والمحبَّة في ميزان الشَّك والمداهنة وأنتِ الرفيعة على المجاملة ونحن الأغنياء عنها. وما في هذه الكلمات شيءٌ من مديحٍ أو مداهنةٍ إنما هو شعورٌ إنسانيٌّ خليجيٌّ أصيلٌ كاد يُنسى تحت ركام إيمانه العتيق، وأبى إلا أن يُصافح كفّا كريمة لا تُصافح إلا كفوفا مُحبَّة تعرف البحرين بحرا قبل بحر. شيخة مَي... صغر من دونك المنصب... وكبُر بك التاريخ.

● سعود السنعوسي