أودّ أن أصل إلى منطق المعالجات بعيداً عن الخوض في الوقائع، لأن الحقائق صادمة أكثر من طاقة استيعابنا لها!

لا يملك أي طرف في الدولة رؤية وطنية لمواجهة المخدرات ومكافحتها! فالإصلاح المطلوب اليوم ليس إطفاء حرائق المخدرات التي تكاد تعصف بكل «فريج» لا يخلو من متعاطٍ أو مدمن أو انتهازي يُتاجر، بل الاستحقاق الراهن يكمن في تبنّي مسار واضح يقودنا جميعاً إلى معالجات جماعية وتدخلات مشتركة يؤدي فيها كل طرف مسؤوليته كاملة بكل أمانة وتجرُّد، دون ركون طرف على حساب آخر.

Ad

المواجهة «التضامنية» هي التي تقودنا جميعاً نحو دحر هذه الآفة، وبناء حالة صمود وطني تجاه محاولات الاختراق لجُدُر الصدّ وأسوار الحماية التي تراخت حتى نفذ منها هذا الكمّ من أشكال المخدرات والمروّجين، وتجاوزت حصون السجون ونفذت إلى مَن فيها!

ما تم الإعلان عنه في بعض الصحف والتقارير يعكس جانباً من الحقيقة لا واقعها الفعلي الذي يعرفه جيداً من يعيش يوميات هذا الملف.

إن استشراء ظاهرتها وتداعياتها لا يمكن تقديرها ببيانات لا تمثّل إلا أقل من ثلث ما يستشعره الناس ويتلمّسونه، ما تم الإعلان عنه يمثّل استعراضاً خجولاً للظاهرة دون الغوص في جذورها ولا تداعياتها الصادمة، وكان طبيعياً أن نصل تصاعدياً إلى ذروة السخط الاجتماعي نتيجة العفوية والعشوائية في التعامل مع القضية، وتشوّش أجهزة الدولة بسبب استئثار أحد الأجهزة بالمعالجات دون تفعيل بقية المؤسسات والقطاعات، ولا الاستعانة بمراكز التفكير وبيوت الخبرة المعتبرة.

ندرك جميعاً الحرص على عدم إثارة الفزع، وليس القصد محاولة لفت الأنظار فقط في ظل الصخب السياسي والجدل العام، المطلوب أن تبادر الدولة العامة مع مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، وتستعين بالخبراء المتخصصين في الجامعات الحكومية والخاصة، وأن تجمع إليها المؤسسات الدولية المعنية للخروج بوثيقة وطنية استرشادية تتولى لجنة مكافحة المخدرات مهمتها، أو يتم دمجها مع الوكالة الكويتية لمكافحة المنشّطات والمخدرات، تتولّى الإشراف على تطبيقها ومراقبة تنفيذها من قبل الأطراف الممثلة في الوكالة، ولها توسيع إطار عملها وتشكيل فرق وطنية لإنجاز المهمة.

أفهم أن تكافَح المخدرات بمنع دخولها مطلقاً عبر المنافذ البحرية والجوية والبرية، وأن تتطور أجهزة الكشف والفحص لآخر ما أنتجه العالم، ليس لدينا في سبيل حماية شبابنا ما يُعيق توفيرها، ويتطلب سيناريو «المنع» تطوير قدرات الطواقم العاملة في إدارات الجمارك، وتوفير الحوافز التشجيعية، وأن نعزز التفاهمات الاستخبارية والأمنية الإقليمية لمواجهة الشبكات الإجرامية العابرة للحدود.

أما السيناريو الآخر الذي أراه في «الإتاحة» بمعنى توسيع خيارات الشباب والسماح لهم بممارسة هواياتهم الرياضية والتطوعية كافتتاح ملاعب كرة القدم في المدارس ومراكز الشباب وحضانات الأعمال الريادية، وأشكال الاقتصاد الإبداعي من فنون ثقافية وممارسات جماعية وفردية، وهذا ينقلنا من حالة إشغال الشباب أو إلهائهم إلى الاستثمار في مواهبهم وشغفهم، ومواجهة الفراغ بالعمل المنتج، وأخذهم من انسداد الأفق إلى مساحات الأمل والعمل.

كلمة من القلب:

إشادة مستحقة أوجهها لجمعية بشائر الخير، وعلى رأسها فضيلة د. عبدالحميد البلالي، على مسيرته الممتدة في مواجهة المخدرات، وعلى نظريته الإيمانية في علاج عدد من الحالات التي أثبتت نجاعتها لفئات، وبرغم قلّة الدعم والصد أحياناً من البعض، فإنه أكد حضوره وأثبت وجوده من ضمن الجهود الوطنية التطوعية التي حاولت فعل شيء، وجدير بهذه المسيرة أن تجد التكريم اللائق بأوسمة الدولة التشجيعية لهذا الأداء الفارق.

«Catalyst» مادة حفازة:

تعاون جادّ + منع إتاحة + معالجة ناجعة = القضاء على المخدرات

د. حمد محمد المطر