ستظل جريمة اغتيال نيرة طالبة المنصورة – رحمها الله – جريمة بشعة نكراء محفورة في ذاكرة التاريخ، ولم يزل الناس في هذه القضية منقسمين، فمنهم من ذهب إلى غياب دور التعليم بمراحله المختلفة بدءا من رياض الأطفال وانتهاءً بالجامعة وعدم اضطلاعها بدورها التثقيفي والمجتمعي ولهذا كانت سبباً في تراجع أخلاق طلابها لمحاكاتهم سلوكيات تتنافى مع قيم مجتمعنا الشرقي وتنفر منها فطرتنا السليمة بزعم المدنية والتنوير. ونحا آخرون إلى إشكالية الظروف الاقتصادية الطاحنة التي أثقلت كاهل السواد الأعظم من الناس، في حين رجح البعض التطبيع مع دراما العنف والبلطجة التي ملأت الفضاء صخباً وضجيجاً... ولا شك أن كل هذه الأطروحات لها نصيب من الاجتهاد، وإن كنت أرى في قناعتي المتواضعة أنها مجتمعة لا تعدو توصيفاً لأعراض المرض، وليست معالجة للمرض بحد ذاته.لنتفق جميعا أن الشركات الأجنبية وهي بصدد إنتاج نوع من السيارات يصاحبها برنامج للتشغيل والإصلاح (الكتالوج) لضمان حسن استعمالها ولمواجهة الأعطال المتوقعة وغير المتوقعة، والمستهلك يخضع لها بإذعان طواعية، إيماناً منه بطلاقة الصانع وإن كان بشراً. فما بالنا بصانع الكون وخالق البشر وقد وضع لهم منهج حياة (عقيدة وعبادة ومعاملات) قوامه افعل ولا تفعل في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون بين جنباته السلوك القويم الذي يسير حركة الحياة مهما تعاظمت تعقيداتها الآجلة والعاجلة لصلاحيته لكل زمان ومكان، فلم يترك الإنسان هائما كالبهائم بل نظم حياته وارتقى بآدميته، فلما تدخلت يد الصناعة البشرية تبديلاً وتعديلاً تارة بزعم الأيديولوجية الرأسمالية وتارة أخرى بالأيديولوجية الاشتراكية اختلت حياته التي رسمها القيوم على صنعته.فهذا مرفق التعليم قد استشرى فيه الخلل بوصفه البوابة الأولى في بذر المعرفة وتربية ذخيرة المجتمعات والأمم؛ فالبراعم الصغيرة أجيال الغد حمَلة ألوية النهضة والحضارة، غابت القدوة في مناهجهم فتشكلت نشأتهم ممجوجة بهذا المسخ الثقافي بعيداً عن الهوية في ظل تراجع المؤسسات الدينية عن أداء دورها عن عمد أو غير عمد، فلم يعرف النشء «معاذ ومعوذ» أبناء عفراء غلامي الأنصار قاتلي أبي جهل ولم يعرفوا بطولات طارق بن زياد فاتح الأندلس صاحب مقولة «العدو أمامكم والبحر خلفكم وليس لكم -والله- إلا الصدق والصبر»، ولا عقبة بن نافع فاتح إفريقيا، ولكنهم يعرفون نجوم الكرة والفن وأصحاب الغناء الخليع بسيرتهم الذاتية، ومتى يستيقظون، ومتى ينامون، وإن سالتهم من هم العشرة المبشرون بالجنة تلعثمت ألسنتهم وحارت أعينهم... فالعودة إلى المنهج الرباني هي الموئل والملاذ الأخير ما بقي لنا من العمر.تُرى إلى من تشير أصابع الاتهام؟* محامٍ بالنقض
اضافات
من الذي قتل نيرة؟!
15-07-2022