لا يزال ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية للبنان يتقدّم على غيره من الملفات والاستحقاقات، إذ إنه يتحكم في مسارات سياسية متعددة، من بينها مسار تشكيل الحكومة. فقد أبلغ حزب الله رئيس حكومة تصريف الأعمال، الرئيس المكلف تشكيل حكومة جديدة نجيب ميقاتي، عتَبَه على موقف الحكومة الذي انتقد إطلاق الحزب مسيّرات باتجاه حقل كاريش الذي يقع قبالة إسرائيل في البحر المتوسط.

وسوف يساعد انزعاج حزب الله من ميقاتي، على الأرجح، رئيس الجمهورية ميشال عون في تشديد فرض شروطه على ميقاتي بشأن آلية تشكيل الحكومة وتوزيع الحصص فيها، خاصة أن عون يرفع شعار الحصول على «الداخلية» مقابل التنازل عن «الطاقة»، إضافة إلى اشتراطه تشكيل حكومة تكنو- سياسية من 30 وزيراً، وهو ما ترى فيه مصادر معارضة لعون بأنه محاولة لإضفاء طابع سياسي على أيّ فراغ قد يحصل لعدم حصره في الجانب التقني.

Ad

موقف حكومة تصريف الأعمال الرافض للمسيّرات، كان هدفه الإصرار على الاستمرار في الوساطة الأميركية للوصول إلى حلّ بقضية ترسيم الحدود، في حين تؤكد مصادر دبلوماسية أن إسرائيل وأميركا منحتا لبنان مهلة شهرين للوصول إلى اتفاق، لأنّ هناك إصراراً غربياً ـ إسرائيلياً على أن تبدأ تل أبيب في سبتمبر تصدير الغاز إلى أوروبا.

وبالتالي أصبح لبنان أمام احتمالين؛ إمّا التوصل إلى اتفاق قبل سبتمبر، وإما إقدام حزب الله على التصعيد متمسكاً بمعادلته بأنه لن يسمح لإسرائيل باستخراج الغاز ما لم يبدأ لبنان بالتنقيب في حقوله ومياهه.

وبحسب المعلومات، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد، طلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التدخل مع إيران و»حزب الله» لمنع حصول أي تصعيد، كما تحاول إسرائيل أن تعمل على حشد رأي عام أوروبي ومواقف دولية ضاغطة على لبنان، باعتبار أن الغاز الذي سيتم استخراجه من «كاريش» سيذهب إلى أوروبا لتعويض نقص الإمدادات الروسية، وبالتالي فإن من مصلحتها توفير كلّ مقومات استخراجه.

في المقابل، تقول المصادر الدبلوماسية إن لبنان أُبلغ عبر 3 أطراف دولية؛ أميركا وفرنسا والنرويج، بأنه لا نية لدى إسرائيل بالذهاب إلى تصعيد أو حصول مواجهة عسكرية، وإن هناك تركيزاً على حماية الاستقرار. في المقابل، من المتوقع أن يرتكز ماكرون على المناشدة الإسرائيلية له للتدخل، ليجدد دوره على الساحة اللبنانية.

منير الربيع