أجرى نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد عبدالرحمن زيارة مفاجئة إلى طهران، أمس، بهدف دفع وساطة بلاده الرامية إلى حل العقد التي تحول دون التوصل إلى تفاهم بين إيران والولايات المتحدة بشأن إحياء الاتفاق النووي، لكنّ التحرك القطري، الذي يأتي بعد 10 أيام من جولة محادثات غير مباشرة بين الأميركيين والإيرانيين، استضافتها الدوحة، اصطدم بتجديد قادة الجمهورية الإسلامية الرغبة في الحصول على ضمانات أميركية مستقبلية، وهو ما سبق أن رفضته إدارة الرئيس الديموقراطي جو بايدن.

وقال الوزير القطري، في مؤتمر مشترك مع نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان، إن زيارته تأتي في «ظل تحديات كبرى، ولا بدّ من جهود بنّاءة من الدول المعنيّة لإنجاح المفاوضات النووية والحوار الإقليمي».

Ad

وأضاف أن قطر تسعى إلى إحياء الاتفاق النووي، وترغب في ازدهار العلاقات بين دول الجوار.

وتابع وزير الخارجية القطري: «نحضّ على الوصول إلى اتفاق يبدد مخاوف كل الأطراف، وندعم أي حوار إقليمي يضم إيران».

وقدّم عبدالرحمن الشكر إلى إيران على ثقتها في بلاده بشأن استضافة جولة المحادثات الأخيرة، مؤكداً دعم الدوحة لعودة جميع الأطراف إلى التزاماتها بشأن الاتفاق النووي الذي انسحبت منه إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018، وانتهكت طهران قيوده لاحقاً.

من جهته، قال عبداللهيان، إن الموضوع الأساسي الذي ركّز عليه فريق التفاوض الإيراني خلال الجولة الماضية بالدوحة هو «الضمانات التي تحقق انتفاعنا الاقتصادي الكامل من الاتفاق».

وأضاف: «نريد ضمانات بأن إيران ستسفيد بالكامل من المزايا الاقتصادية، وهو ما لم تمنحه الولايات المتحدة بعد».

وجدد الوزير التأكيد على عزم بلاده «على التوصل إلى اتفاق محكم وقوي»، رافضاً ادعاء الولايات المتحدة بأن الفريق الإيراني طرح «مطالب من خارج الإطار المتفق عليه» في الدوحة.

وأكد عبداللهيان أن «قطر تؤدي دوراً جيداً ومهماً في تعزيز التعاون الإقليمي، ونشكرها على استضافة المحادثات غير المباشرة مع الولايات المتحدة برعاية أوروبية». ولاحقاً، أجرى عبدالرحمن محادثات مع رئيس مجلس الأعلى للأمن الإيراني، علي شمخاني، تناولت العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية وآخر التطورات السياسية والأمنية، إضافة إلى دراسة بعض الملفات الخاصة.

وكان وزير الخارجية القطري، قد أجرى، الاثنين الماضي، اتصالاً هاتفياً مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تناول مستجدات محادثات الاتفاق النووي.

عبداللهيان وبوريل

في السياق، لفت عبداللهيان، عبر «تويتر» إلى محادثته الهاتفية التي أجراها الليلة الماضية مع مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل. وكتب يقول ليل الثلاثاء ـ الأربعاء: «الاتفاق ممكن فقط على أساس التفاهم المتبادل واحترام المصالح المشتركة».

وأضاف: «من أجل الوصول إلى اتفاق قوي ومستقر، سنواصل طريق المفاوضات، وعلى أميركا أن تحدد ما إذا كانت تريد اتفاقاً أو تسعى إلى تكرار مطالبها من جانب واحد، كلاهما غير ممكن في الوقت نفسه». وكان بوريل قد حذّر مساء الثلاثاء من أن نافذة إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 تضيق.

تموضع وإضرار

إلى ذلك، دعا اللواء إيال زامير أحد المرشحين الثلاثة لمنصب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، في وثيقة خاصة ومقال نشره في «معهد واشنطن» إلى استهداف قادة «الحرس الثوري»، وتنفيذ عمليات سرية لتدمير الطائرات المسيّرة وصواريخ هذه المؤسسة العسكرية في إيران، معتبراً أن إيران نجحت الى حد ما في التموضع بسورية، ونقلت «القناة 12» الإسرائيلية، عن زامير إشارته الى أن «الحرس الثوري» الإيراني تمكّن من بناء بنية تحتية عسكرية في عمق سورية، ونشر صواريخ وطائرات انتحارية من دون طيار تهدد إسرائيل».

وبحسب الوثيقة، نجحت إسرائيل في وقف تهريب الأسلحة إلى سورية و»حزب الله» اللبناني، مشيرة إلى أن المسار الجوي للتهريب معطّل للغاية، حيث يمكن رؤية نتائج الهجمات على مطار دمشق، والتي تُنسب إلى إسرائيل.

وتابعت القناة، أظهرت الوثيقة أن المحور البحري الخاص بإيران لا يزال نشيطاً، وناقلات النفط التي تحمل شحنات أسلحة مستمرة في الوصول من طهران إلى دمشق.

وزعم زامير أن «الحرس الثوري» الإيراني تمكّن من تطوير صواريخ باليستية دقيقة، وطائرات مسيّرة، ودفاعات جوية، وصواريخ أرض - بحر، وصواريخ متطورة مضادة للدبابات، وأنظمة رادار.

تبادل السجناء

على صعيد منفصل، وجّهت السلطات القضائية الإيرانية تُهم التجمع والتواطؤ للعمل ضد الأمن القومي الإيراني لفرنسيين معتقلين في طهران أمس. وذكرت أن «قضية الجاسوسين الفرنسيين مرتبطة بوزارة المخابرات، وقد تم اتخاذ الإجراءات القانونية للكشف عن الجريمة، وتم تنفيذ الملاحقة القضائية بأمر من السلطة القضائية، وحالياً القضاء هو المسؤول عن القضية».

يُذكر أن المخابرات الإيرانية أعلنت اعتقال فرنسيين اثنين، دون الكشف عن هويتهما، في الـ11 من مايو الماضي، بذريعة تنظيم أعمال شغب وإحداث اضطرابات داخل البلاد، في ظل موجة احتجاجات شعبية ضد تردي الأوضاع المعيشية، بالتزامن مع رفع الدعم عن سلع أساسية وتجاوز نسب تضخم الأسعار لـ50 بالمئة.

في سياق قريب، طالب 13 عضواً ديموقراطياً وجمهورياً بمجلس النواب الأميركي، في رسالة إلى رئيس الوزراء البلجيكي، بمعارضة برلمان بلجيكا لأيّ اتفاق مع طهران، من شأنه أن يؤدي إلى عودة الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي وإيرانيين آخرين مدانين بالإرهاب إلى الجمهورية الإسلامية.

وفي إشارة إلى دور أسدي في تنفيذ مخططات إيران ضد المعارضة بأوروبا، طلبت الرسالة من الحكومة البلجيكية رفض أي مؤامرة من قبل الدبلوماسيين الإيرانيين لتبادل الإرهابيين مع مزدوجي الجنسية المعتقلين في طهران بشكل مشبوه.