دخل «حزب الله» اللبناني على خط التفاوض في ملف ترسيم الحدود، ولكن بالنار هذه المرة، إذ لم ينتظر أي نتيجة للمفاوضات المكوكية التي يجريها المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي، آموس هوكشتاين، مع الجانبين اللبناني والإسرائيلي؛ بل اختار الحزب توقيتاً يناسبه لإطلاق ثلاث مسيّرات من أنواع مختلفة باتجاه حقل كاريش لرصد عمل الباخرة اليونانية انرجين باور، قبل أن يُسقط الجيش الإسرائيلي هذه المسيرات.

وبهذه العملية أحرج الحزب الدولة اللبنانية خلال استضافتها لاجتماع وزراء الخارجية العرب، كما أحرجها مع الأميركيين، خصوصاً أن المفاوضات التي يقوم بها هوكشتاين مستمرة، في حين اعتبر رئيسا الجمهورية ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري والحكومة أن هناك معطيات مشجعة حول مفاوضات الترسيم.

Ad

ووفق ما تشير مصادر متابعة، فإن «حزب الله» يرفض السياق التفاوضي القائم، وما اقترحه هوكشتاين بأن ينال لبنان حقل قانا مقابل دفع ثمن الغاز الذي يحتويه لإسرائيل، والتنازل عن مساحة مائية مقابلة لها أيضاً، ولذلك قرر الرد على طريقته، من خلال التصعيد والقول إنه قادر على رصد عمل الباخرة واستهدافها، إذا دعت الحاجة، لا سيما أن الأمين العام للحزب حسن نصرالله كان قد هدد سابقاً باستهداف الباخرة إذا استمرت في العمل قبل الوصول إلى اتفاق، وبمنع إسرائيل من استخراج الغاز في حال لم يبدأ لبنان العمل في التنقيب.

ولا تزال التهديدات قائمة، خصوصاً في ظل عدم وجود مؤشرات على إمكانية الوصول إلى حلّ، ومع انسداد آفاق المفاوضات الإقليمية، لا سيما بين إيران والولايات المتحدة، وفي حال استمر هذا الانسداد، فإن التصعيد يبقى احتمالاً قائماً، مما قد يؤدي إلى مواجهة أو إلى الاستمرار في معادلة ضربة مقابل ضربة.

ولا تنفصل عملية الحزب عن فشل جولة المفاوضات الأميركية- الإيرانية في الدوحة، واتهام الأميركيين للإيرانيين بأنهم يحاولون فرض شروط جديدة، وعن الضربة التي تلقتها طهران قبل يومين في سورية، وسط معلومات تفيد بأن ما جرى استهدافه هو شحنة تتعلّق بتطوير الطائرات المسيرة، وذلك يعني أن ملفي التصعيد اللبناني والنفط يرتبطان بغيرهما من التطورات الإقليمية والدولية. وإمكانية التصعيد تبقى قائمة إذا استمر الانسداد الأميركي ـ الإيراني.

خطوة الحزب تلت الاتصال الذي أجراه هوكشتاين بالمسؤولين اللبنانيين لتقديم الجواب الإسرائيلي، وسط معلومات تفيد بأنه أعطى بيروت مهلة أيام قليلة للرد. ويقول حلفاء الحزب، إن خطوته لا تحرج الدولة، بل من شأنها تعزيز موقعها التفاوضي ودفع الإسرائيليين والأميركيين إلى التعاطي مع المفاوضات بجدية، أي أن ما يريده هو العودة إلى طاولة المفاوضات، وهو أمر مرفوض أميركياً، وسيكون لهذه التطورات تداعيات متعددة الأبعاد، ولا بد من انتظار كيفية التعاطي الأميركي والإسرائيلي معها.

في هذا الوقت برز موقف وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب، الذي أشار إلى إمكانية الوصول إلى اتفاق حول ترسيم الحدود في الفترة المقبلة، وقد يكون ذلك في سبتمبر المقبل، بينما معطيات أخرى تعتبر أن الملف سيبقى معلقاً بانتظار حل إقليمي شامل، إما عبر تسوية متكاملة أو نصف تفاهم.

وفي حين أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي ​يائير لابيد​، أنّ «حزب الله يواصل بطرق إرهابية المساس بقدرة لبنان، على التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية الجنوبية»، كشف موقع والا العبري، أن الجيش الإسرائيلي يدرس رداً عسكرياً على الحزب. ونقل عن مسؤولين أمنيين، تحذيرهم من أن يبادر الحزب كذلك إلى إرسال مسيرات مفخخة، وهو ما يشكّل تهديداً كبيراً على منصة التنقيب.

* بيروت - منير الربيع