للكاتب الإنكليزي - الهندي سلمان رشدي، الذي أفتى آية الله الخميني في نهاية ثمانينيات القرن الماضي بحلّ دمه بسبب رواية «آيات شيطانية»، ثم ألغيت تلك الفتوى فيما بعد، آراء قيّمة في ثقافة الديموقراطية.

ففي كتابه «لغات الحقيقة»، يقرر هذا الروائي عدة أمور، يمكن أن نتصورها كنصائح يقدّمها لشعوب عوالمنا النامية التي تحكمها ليس فقط أنظمة استبدادية، وإنما تعاني فقراً فكرياً وثقافياً لمفهوم الديموقراطية.

Ad

الديموقراطية عند الكاتب ليست صناديق اقتراع تدلي فيها بصوتك كل أربع أو خمس سنوات، فهي أكثر من صوت الأغلبية. الديموقراطية هي الحريّة، وفي المجتمع الحر الحقيقي، يجب أن يشعر كل الأفراد، من دون استثناء، بحرياتهم كل الوقت، بصرف النظر عن نتائج الانتخابات؛ سواء فاز مَن صوّتوا لهم أم لا.

للأفراد حقهم المطلق في أن يعبّروا عن آرائهم بحريّة مطلقة، ولهم أن يمارسوا عباداتهم حسب معتقداتهم، ولهم ألا يعتقدوا حسب قناعاتهم، وفي كلتا الحالتين؛ سواء في حرية الاعتقاد من عدمه، لا يجوز ترويع الأفراد فيما يعتقدونه، فيجب النأي بهم عن الخوف والخطر.

الأخلاق والقيم الأخلاقية تتغير مع تغيّر المجتمعات، ويُعرف المجتمع الحر بأنه ذلك الذي تتقدّم به القيم الأخلاقية عبر النقاشات والجدل والفحص لكل فكر جديد، من دون تعصّب وتشدد في الرأي.

تلك كانت شذرات من مؤلف الكاتب، ولنا بعد ذلك أن ننظر إلى حالنا، اليوم مع انفعالات التهليل للأغلبية التي سادت في معظم التجارب الانتخابية السابقة أو التي عضّدتها السلطة السياسية في كثير من الأحيان، حيث إنها كانت تغني معها بذات الموال القمعي، ونسأل أنفسنا ما إذا كنا تنسّمنا، ولو ليوم واحد، نسائم الديموقراطية الحقيقية، وهل مارس الأفراد حرياتهم حقيقة في معتقداتهم والتعبير عنها، أم أن كل الحكاية كانت مسرحيات مستهلكة ساذجة، فرض علينا تكرار متابعتها على مضض؟!

* حسن العيسى