مع الأحداث السياسية الأخيرة الواعدة بحلّ البرلمان للمرة العاشرة في تاريخنا السياسي، يزداد الحديث عن نية أو حاجة إلى إجراء تعديلات على النظام الانتخابي، بعد انقضاء قرابة 60 عاماً على التجربة بما تحتويه من إيجابيات وسلبيات، وهو حديث مستحق إن أردنا الارتقاء بالكويت، فلا قدسية للأدوات على حساب الأهداف والمصالح العليا للوطن، وبحسب مفردات القانونيين، هناك تطوير مطلوب في الشكل والمضمون.

نبدأ بالمضمون، وهو الأهم، فالتعديلات المطلوبة كثيرة، وهي تتطلب قراءة تشخيصية جادة وطموحة وشجاعة، قد يكون تعديل الدوائر وعدد الأصوات وآليات الانتخاب وعدالة التمثيل جزءاً منها، لكن الأهم هو إنهاء النظام الفردي والانتقال إلى العمل الجماعي المنظم، وهو انتقال خطر ومستحق يتطلب ضمانات كبرى بأن تعمل الجماعات بإطار وطني خالص وشفّاف لضمان عدم تغلغل السموم الفئوية والحزبية والخارجية وغيرها، أما في اشتراطات الترشيح، فهل يعقل أن نكتفي بما جاء في المادة 82 من الدستور بألّا يقل عمر المرشح عن 30 سنة، وأن يجيد قراءة اللغة العربية وكتابتها، علماً بأن الكثير من نواب الأمة لا يجيدونها، وهو ما نقرأه بوضوح في مراسلاتهم وفي حسابات تواصلهم الاجتماعي؟!

Ad

على سبيل المثال، لا تسمح الدولة بأن يتم تعيين عضو مجلس إدارة بنك تجاري ما لم يحصل على موافقة البنك المركزي باشتراطات صارمة، لضمان الحد الأدنى من الكفاءة، فهل يعتبر تشريع حاضر ومستقبل الوطن أقل أهمية لنسمح لمن هبّ ودبّ أن يترشح؟ ولا يجب إغفال ضرورة تمثيل النساء بنسبة ما كحدّ أدنى، علماً بأن عدد المواطنات يفوق عدد المواطنين وبهنّ كفاءات هائلة كامنة تحتاج إليها الكويت بشدة.

أما في الشكل، وهي قضية قد يعتبرها الكثيرون هامشية، وهي ليست كذلك، وهي المتعلقة بتسمية المجلس بمجلس «للأمة»، ما هي الأمة التي يمثّلها المجلس؟ وهل يستقيم وصف الشعب الكويتي بالأمة الكويتية؟ هذا غلوّ لم يصل إليه حتى أشد المجموعات شوفينية، وبالرجوع إلى أصل التسمية نلاحظ ارتباطها بظروف تاريخية متعلقة بالخطاب الناصري القومي بعد إطاحته النظام الملكي، إذ صدر دستور مصر عام 1956 متضمناً وجود سلطة تشريعية باسم مجلس الأمة، وهي التسمية التي استعارها دستور الكويت 1961، ولكن مع التطورات التاريخية وتهشّم الأحلام القومية على صخرة فشل الوحدة المصرية السورية وهزيمة 1967، كانت العودة إلى الواقع، وهي العودة التي ترجمها دستور مصر 1971 الذي أصدر شهادة وفاة مجلس الأمة وميلاد مجلس الشعب، أما في الكويت، فلا نزال قابعين خلف قضبان تاريخية صدئة، لن أقترح تعديل اسم المجلس ليكون مجلساً للشعب أو للنواب، حتى لا نثير حفيظة المعتقدين بأفضليتنا على العالَمين، ماذا لو أسميناه بمجلس المُنتَخَبِين؟ أو أن نعود إلى التسمية الأولى بأن نسمّيه المجلس التشريعي؟ أو أي مقترح آخر يكون أكثر ملاءمة للواقع، وللأشياء من أسمائها نصيب.

* فيصل خاجة