إن وجود أعضاء مجلس إدارة مُستقلين ضمن مجلس إدارة الشركة المُساهمة المُدرجة أو المُرخص ‏لها، هو من الأمور المستحدثة التي تمنح توازناً لقرارات مجلس الإدارة وتضفي المزيد من الحماية ‏على حقوق الأقلية من المساهمين، ولاسيما أنهم لا يكون لهم مُمثلين في مجلس الإدارة.‏

ويستمد العضو المستقل وجوده من نصوص المادتين (186، 187) من القانون رقم (1) لسنة ‏‏(2016) بإصدار قانون الشركات، وكلا النصين منح الحق للجهات الرقابية في تحديد عدد أعضاء ‏مجلس الإدارة المُستقلين الذين يجب أن يتضمنهم مجلس إدارة الشركة الخاضعة لرقابتها، فضلاً عن ‏تفويض تلك الجهات في وضع قواعد الحوكمة اللازمة في هذا الشأن.‏

Ad

وبما أن الشركات المُدرجة والمُرخص لها تخضع لرقابة هيئة أسواق المال – فقد تضمنت قواعد ‏الحوكمة النص على التزام تلك الشركات بأن تكون مجالس إداراتها تتضمن عدداً كافياً من الأعضاء ‏المستقلين وبحد أدنى عضو واحد ضمن تشكيل المجلس أياً كان عدد أعضائه.‏

ولم تضع الهيئة معايير محددة للاستقلالية إلا أنها أخذت بمفهوم المخالفة إذ افترضت أن ‏الأصل في العضو الاستقلالية، ووضعت بعض الشروط التي في حال توافر أي منها في العضو ‏يفقد استقلاليته، مثل أن يكون العضو مالكاً لما نسبته خمسة في المئة أو أكثر من أسهم الشركة ‏المرشح لها أو ممثلاً عنها، أو أن تكون له صلة قرابة من الدرجة الأولى مع أعضاء مجلس إدارة ‏الشركة أو الإدارة التنفيذية في الشركة أو في أي شركة بمجموعتها أو الأطراف الرئيسية ذات ‏العلاقة، أو أن يكون عضو مجلس إدارة في أي شركة من مجموعتها، أو موظفاً لدى أي من ‏أصحاب المصالح، أو أن يكون موظفاً لدى الأشخاص الاعتباريين الذين يملكون حصص سيطرة ‏في الشركة.‏

ووفقاً لذلك فإن الأصل في العضو الاستقلالية ما لم يتوافر في حقه ما يخل بها على النحو سالف ‏الذكر.‏

وكانت معظم الشركات تقوم بتعيين عضو واحد مستقل ضمن مجلسها أياً كان عدد أعضاء ‏المجلس، فالمجلس المُشكل من خمسة أعضاء يتضمن عضوا واحدا مستقلا، والمجلس المُشكل من ‏خمسة عشر عضوا يتضمن أيضاً عضوا واحدا مستقلا.‏

ويبدو أن هيئة أسواق المال ارتأت أن الحد الأدنى للأعضاء المُستقلين الذي حددته المواد (2- 2) ‏و(2-3) من الفصل الثاني من الكتاب الخامس عشر من اللائحة التنفيذية لقانون هيئة أسواق ‏المال بعضو واحد على الأقل، غير مناسب للوصول إلى التوازن المطلوب الذي تتطلبه قواعد ‏الحوكمة في تشكيل مجلس الإدارة.‏ ومن ثم قامت بتاريخ 26 /9 /2021 بإصدار القرار رقم (108) لسنة (2021) بشأن تعديل بعض ‏أحكام الكتاب الخامس عشر (حوكمة الشركات) والقرار رقم (94) لسنة (2022) بشأن اختصاص ‏لجنة الترشيحات والمكافآت.‏

وتضمن التعديل النص على أن يكون الحد الأدنى لأعضاء مجلس الإدارة المستقلين نسبة ‏‏(20%) من عدد أعضاء المجلس، وفي حال وجود كسر في ناتج احتساب النسبة يقرب الناتج إلى ‏الرقم الصحيح التالي على ألا يزيد عدد الأعضاء المستقلين على نصف أعضاء المجلس.‏

وحقيقة الأمر أن تحديد الحد الأدنى للأعضاء بنسبة مئوية من أعضاء المجلس يضع توازنا كبيرا ‏في مجالس الإدارات ولاسيما أنه ليس من المنطقي أن المجلس المكون من خمسة أعضاء يتضمن ‏عضوا واحدا مستقلا والمجلس المكون من خمسة عشر عضواً أو أكثر يتضمن أيضاً عضوا واحدا ‏مستقلا، حيث إنه كلما زاد عدد الأعضاء قل تأثير الأعضاء المستقلين في المجلس وانتفى التوازن ‏المُبتغى إحداثه من وراء وجودهم.‏

وإعمالاً للقرار المذكور أصبح مجلس الإدارة المكون من خمسة أعضاء يجب أن يكون لديه ‏عضو واحد مُستقل على الأقل والمجلس المشكل من سبعة أعضاء أو تسعة أعضاء يجب أن ‏يتضمن عضوين مُستقلين على الأقل والمجلس المكون من أحد عشر عضواً يجب أن يتضمن ثلاثة ‏أعضاء مُستقلين، وذلك بعد احتساب نسبة الـ (20%) وتقريب الكسر لأقرب رقم تالي.‏

ولعدم زعزعة استقرار مجالس الإدارات القائمة فقد استوجب القرار رقم (108) لسنة (2021) أن ‏يبدأ الالتزام بالحد الأدنى من الأعضاء المُستقلين في أول اجتماع جمعية عامة يتم عقدها بعد نهاية ‏عام (2021) ويتم خلالها انتخاب أعضاء مجلس إدارة جديد بعد انتهاء عضوية المجلس القائم.‏

وبالتالي فإن كل الشركات التي تنتهي مدة عضوية مجالس إداراتها بعد انتهاء عام (2021) تلتزم ‏في أول جمعية عامة يتم عقدها بعد انتهاء العام المذكور بالنسبة الجديدة لأعضاء مجلس الإدارة ‏المستقلين، وإلا فسوف تقع تحت طائلة مخالفة أحكام قانون هيئة أسواق المال.‏