ودع طلبة المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية، ما عدا الصف 12، العام الدراسي، والذين سيختبرون بعد غد الفصل الثاني، فضلاً عن طلبة الجامعة والتطبيقي، فإن عملية التقييم لمناهجنا الدراسية أصبحت أمراً حتمياً، وإعادة فلسفة التعليم صارت واقعاً ملحّاً لما للوضع التربوي الحالي من انتكاسات يعلمها أهل الاختصاص جيداً مع التدني الشديد لمستوى الطلبة، الذين لا تزال قدراتهم التعليمية متدنية جداً رغم قفزاتهم لمراحل تعليمية متقدمة؛ مما يضع المسؤولين أمام علامات استفهام كبيرة حول أسباب ذلك، فإذا كنا نشكو من الشهادات الوهمية، فالأولى والأجدر الالتفات إلى الدار قبل الجار، لأن المجاملات في تمرير هذا الهبوط في مستوى العديد من الطلبة ستدفع ثمنه مستقبلاً الكويت. هناك من يصف أي توجهات لإصلاح الخلل التعليمي بأنها من باب الحسد أو الحقد وغيرها لأنهم غير مبالين بخطورة الأمر ويكتفون بقاعدة «مشي الأمور… خل الناس تعيش» فنقول لهؤلاء الذين يوجهون عادة اتهاماتهم للشهادات المستوردة: ماذا تسمون الجريمة التي تُرتكب في حق تعليمنا الذي يفترض أن يكون انطلاقة حقيقية لمستقبل الأجيال؟ وهل المسؤول الدكتور أم المعلم أم الطالب، خصوصاً أن تبادل الاتهامات يكون حاضراً، وكل يرمي المسؤولية على الآخر، لأن المحاسبة مفقودة وإعادة التقييم مجهولة، بينما التعليم يتجرع سموم الإهمال والمناهج التي لا تزال تحمل غبار إرث اللامبالاة وعدم التطوير؟هناك من الدكاترة والمعلمين لو أعيد تقييمهم أو إخضاعهم لاختبار قدرات لكانت نتيجته «صفراً» ومع الأسف الشديد لا يزالون يكابرون ولا يسعون إلى تطوير أنفسهم أو تحمل مسؤولياتهم الحقيقية تجاه هذا الجيل الضحية الذي همّه الأول والأخير النجاح بأي صورة كانت حتى لو ظل لا يعرف كتابة اسمه.

والعديد من الوزراء في فترات متتالية كان همهم الوحيد تشكيل اللجان لإعادة النظر في مناهجنا لكن أغلبها مع الأسف الشديد شكلية بلا مضمون ولا نتائج أو توصيات أو تصورات، فإعادة تقييم العملية التربوية لا تنتظر فطاحلة اللجنة التعليمية البرلمانية الذين يسعون لإقرار التكسبات قبل معالجة الخلل، بل يحتاج نفضة وإصلاحاً للاعوجاج التربوي، وخلع جذور من يحرصون على كراسيهم ومكاتبهم ووجاهتهم، بضخ دماء جديدة طموحة تواكب التطورات التعليمية والنهوض بجيل واعٍ ومتفوق دون مجاملة أصحاب النفوذ والواسطات الذين اعتادوا القفز على القانون واستخدام براشوتاتهم في تسكين المحسوبين عليهم.

Ad

آخر السطر:

أنقذوا التعليم حتى لا يصبح طلبتنا مجرد شهادات بلا استثمار، وافسحوا المجال في الجامعات والتطبيقي لحملة الشهادات لأن سياسة الاحتكار دمرت الأجيال.

● د. مبارك العبدالهادي