بتاريخ 26 مايو سنة 1922م، كتب الوكيل السياسي في الكويت جي سي مور رسالة إلى حاكم الكويت الشيخ أحمد الجابر الصباح، يبلغه فيها أن طبيب الوكالة السياسية في الكويت قد عاد لتوّه من سفينة الأمير أحمد الثنيان، ووجد فيها شخصين مرافقين للشيخ أحمد؛ أحدهما اسمه محمد، والآخر اسمه ناصر، ووجد فيها شخصاً ثالث كان على سطح السفينة، وأصر الجميع على النزول إلى ميناء الكويت مع الثنيان، وقد بيّن الطبيب للسعوديين أوامر وتوجيهات حاكم الكويت بخصوص الكرنتينة (الحَجْر الصحي)، لكنّ الأمير الثنيان أصر على أنه لن ينزل من السفينة إلا وجميع مرافقيه معه، فخشي الطبيب أن يحدث أمر يعكّر العلاقات بين الشيخين الثنيان والجابر، فسمح لهم بالنزول ودخول الكويت، ثم أطلع الوكيل السياسي على قراره الذي خالف القواعد المعمول بها للحجر الصحي، لكنّه كان يهدف إلى تجنّب غضب الشيخ أحمد الثنيان ومرافقيه، أو خلق مشكلة بينهم وبين الشيخ الجابر. وإليكم نص الرسالة:

Ad

"حضرة الاكرم الافخم حميد الشيم صاحب السعادة المحب الشيخ احمد الجابر الصباح سي آي إي حاكم الكويت، بعد السلام والسؤال عن عزيز وشريف خاطركم اتشرف لأخبر سعادتكم بان الحكيم الذي رجع الآن من المركب أخبرني بان الشيخ احمد الثنيان كان بصحبة عبريين (مرافقين) في السكن واحد اسمه محمد والثاني ناصر ومعه عبري على السطحة الذي اصر على نزوله معه للساحل. فقد بين له الحكيم اوامركم من جهة الكرنتينة ما هي، لكنه أجاب انه لا يتمكن من النزول بدونهم (أي مرافقيه) ـ فلذلك خشي الحكيم من حدوث مغثة بين الشيخ احمد الثنيان وسعادتكم لو اصر على ذلك ـ وافتكر من الطيبة (أي اللائق) ان يسمح له بنزولهم معه ـ فعلى مقتضى الأحوال أرى ان الحكيم أصاب انما لو سعادتكم ما توافقون فانا حالا ابلغكم (ابلغهم) بهذا... هذا ما لزم بيانه لسعادتكم ودمتم 28 رمضان 1340. ميجر جي سي مور بولتكل اجنت كويت".

وهنا لا بدّ من التوضيح أن الشيخ الثنيان هو الأمير السعودي أحمد بن عبدالله بن إبراهيم بن ثنيان آل سعود، الذي وُلد في إسطنبول وتعلّم في مدارسها، ثم عاد إلى نجد أثناء الحرب العالمية الأولى، وأصبح قريباً من الملك عبدالعزيز، وساعده في العديد من المهمات الكبيرة، ورافق الملك فيصل في زيارته إلى بريطانيا عام 1919م، وكان له دور رئيسي في مفاوضات معاهدة دارين عام 1915م، كما شارك في مفاوضات أخرى مهمة بين نجد والعراق، وتوفّي في الرياض عام 1922م.

في المقال المقبل سنعرض الرسالة الجوابية للشيخ أحمد الجابر، وسنستعرض بعض الاستنباطات التاريخية من هذه الحادثة الجميلة.

باسم اللوغاني